آراء وتحليلات
الاتحاد العام التونسي للشغل يصعد وينفذ الإضراب العام
تونس روعة قاسم
وصلت المفاوضات بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل إلى طريق مسدود ونفذ الاتحاد إضرابه العام في قطاع الوظيفة العمومية واحتكم إلى شارعه وإلى قدرته الرهيبة على الحشد. وتدخل تونس مع هذا الإضراب المنعرج الحاسم الذي يخشى معه على الاستقرار خاصة مع القطيعة بين رئيس الجهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بعد أن دعم الأخير استمرار رئيس الحكومة "المتمرد" يوسف الشاهد الذي يتمسك بالبقاء في القصبة خلافا لإرادة قائد السبسي وحزبه حركة نداء تونس.
ويخشى من أن لا يقتصر الأمر على الامتناع عن العمل وأن تخرج الجماهير إلى الشارع للاحتجاج على سياسات الحكومة المرتهنة لصندوق النقد الدولي فتحتك هذه الجماهير برجال الأمن ويحصل ما لا تُحمد عقباه. خاصة وأن التاريخ يثبت أن مثل هذه المواجهات يمكن أن تحصل وهو ما يتسبب في سيلان دماء ودمار للممتلكات العامة والخاصة ويخرج التونسيون بأحقاد أثبتت التجربة أنه يصعب أن يمحوها الزمن.
ذكريات أليمة
ويستذكر التونسيون أحداث ما يسمى "الخميس الأسود" من سنة 1978 حيث أعلن الاتحاد إضرابا عاما بعد أن وصلت المفاوضات الاجتماعية إلى طريق مسدود مع حكومة المرحوم الهادي نويرة زمن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. وخرج النقابيون إلى الشارع في هذا الشهر تحديدا، أي شهر كانون الثاني/ يناير الذي يعتبر شهر الأزمات في تونس، والتحموا بالجماهير بعد أن طالت الاعتقالات أعدادا كبيرة منهم وخرج الجيش التونسي من ثكناته وأطلق الرصاص وسقط المحتجون قتلى وجرحى بعد أن خرب البعض الممتلكات العامة والخاصة.
كما يستذكر التونسيون ما يسمى بانتفاضة الخبز في هذا الشهر أيضا من سنة 1984 والتي التحم فيها النقابيون أيضا بجماهير شعبهم في مواجهة الحكومة والغلاء المعيشي وخرج الجيش مجددا من ثكناته لقمع الاحتجاجات وسقط القتلى والجرحى. وأدت تلك الأحداث الأليمة لاحقا إلى نهاية نظام الرئيس الحبيب بورقيبة حيث وجد بن علي كل الدعم والمساندة بعد انقلابه على الأب الروحي للتونسيين لأن بن علي الذي جيء به ليتولى أمن البلاد من سفارة تونس في فرصوفيا كان فاعلا في قمع انتفاضة الخميس الأسود لسنة 1987 وتم إبعاده سفيرا سنة 1980 بعد أن تحدث كثر عن فشله في التصدي لمؤامرة للقذافي على تونس عرفت بأحداث قفصة لأن مسرحها كان مدينة قفصة التي أراد السيطرة عليها متمردون تونسيون دربهم معمر القذافي في ليبيا.
شر لا بد منه
وترى الناشطة الحقوقية والمدنية التونسية آمنة الشابي في حديثها لموقع "العهد" الإخباري أن الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية ليوم 17 كانون الثاني/ يناير هو شر لا بد منه فرضته الضرورة وتدهور الوضع المعيشي وارتهان الحكومة لصندوق النقد الدولي. "لا أحد يرغب في أن تخسر الدولة نتيجة لهذا الإضراب"، تقول محدثتنا التي تضيف "لكن ما بيد الاتحاد حيلة بعد أن تفاوض واستنفد كل الوسائل في سبيل تجنب هذا الإضراب العام الذي يقابل بتعنت حكومي وبعناد من رئيس الحكومة طري العود".
وتضيف الشابي قائلة: "لقد بلغ السيل الزبى والأوضاع في تونس باتت فوق الاحتمال خاصة وأن للبلد موارد متنوعة لم تحسن الحكومة استغلالها مع عدد محدود من السكان من المفروض أن يعيشوا في رفاهية ولا يضطروا إلى الاستدانة من الصناديق المالية. فمن حق التونسيين أن يتوقوا إلى حياة كريمة رغم أن الحكومة ترى خلاف ذلك فترفع في الأسعار والجباية وتستدين وتأخذ البلاد إلى نظام رأسمالي متوحش يضرب الطبقة الوسطى التي هي عماد الاقتصاد التونسي، وبالمقابل ترفض رفع الرواتب والأجور لمجابهة تكاليف الحياة الصعبة".
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024