معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

هل ستلحظ خطة الحكومة تسليح الجيش اللبناني؟
07/05/2020

هل ستلحظ خطة الحكومة تسليح الجيش اللبناني؟

شارل ابي نادر

حتى الآن لم تتثبت بنود خطة حكومة الرئيس دياب الاقتصادية - المالية المقترحة، ولكن كما يبدو، لم تلحظ أية موازنة أو تمويل خاص بتسليح الجيش اللبناني. وحيث إن الخطة متوسطة الأمد ولفترة لا تقل عن أربع أو خمس سنوات، كيف ستسير الأمور من الناحية الدفاعية في الوقت الذي تتزايد فيه المخاطر والتهديدات من العدو الاسرائيلي؟ ولماذ لم تأخذ هذه الخطة بعين الاعتبار أي استراتيجية تسليحية دفاعية للدولة؟

لا شك أن أي مخططا اقتصاديا طويل الأمد في لبنان، يحتاج لحماية مزدوجة، من الأخطار الداخلية والخارجية، وحيث يشترك الجيش اللبناني مع الأجهزة الأمنية الأخرى في تأمين الحماية من الأخطار الداخلية، فهو ينفرد كمؤسسة رسمية في الدفاع عن لبنان بوجه الأخطار الخارجية، وبنفس الوقت، فإنه يستفيد في الدفاع ضد العدو الاسرائيلي من دعم واسع وفعال من قبل المقاومة، حيث تغطي هذا الدعم وترعاه جميع الحكومات المتعاقبة، من ضمن بياناتها الوزارية التي تمثل سياساتها الرسمية.

الاخطار الداخلية

بالنسبة للاخطار الداخلية، فهي بالدرجة الأولى متمثلة بخطر بالارهاب، وبالدرجة الثانية بخطر مجموعات مخلة بالأمن، وهذه المجموعات الأخيرة هي مرشحة دائمًا لأن تصبح عدوانية وخطرة على الأمن الداخلي لأسباب مختلفة، وسيكون لها لو تحققت، تاثير سلبي كبير على اية خطة اقتصادية، وبالتالي سوف تعرقلها اذا لم تنسفها بالكامل، ذلك في حال تدهور الوضع الأمني الداخلي، أو في حال عاد الخطر الارهابي من جديد لأي سبب، والساحة اللبنانية ليست بعيدة أبدًا عن الاحتمال الأول الارهابي أو عن الاحتمال الثاني الأمني، والتاريخ البعيد نسبيًا أو القريب، هو خير دليل على ذلك.
 
وسائل حماية لبنان من هذه الأخطار الداخلية، من الارهاب أو من المجموعات المخلة بالامن، هي تقريباً مؤمنة، في العتاد أو في العديد، فالاجهزة الامنية اللبنانية المختلفة مع وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في الداخل، تملك القدرة والامكانية التقنية والعددية واللوجستية والعملانية لمواجهة هذه الأخطار، حتى الارهابية منها، مع الحاجة عند مواجهة الاخيرة فيما لو كانت قوية وعنيفة، الى بعض الوسائل الخاصة ومنها صورايخ عادية لطوافات الجيش، من تلك التي استخدمت في معركة فجر الجرود، ويوجد منها نسبة معقولة حاليا، وربما يحتاج الجيش الى عدد اكبر منها، قد تشملها المساعدة الاميركية المتخصصة في هذا الاطار فقط، حيث ممنوع على هذا الجيش امتلاك اية اسلحة نوعية، من التي من الممكن أن تخلق ردعا أو تؤمن حماية فعالة ضد القاذفات والطوافات الاسرائيلية المعادية.

الأخطار الخارجية

في هذا الاطار، نحن نتكلم عن صراع مفتوح مع العدو الاسرائيلي، يرتبط بعدوانية الأخير التاريخية على لبنان، والتي تتزايد يومًا بعد يوم، خاصة مع وجود حقول غاز ونفط مشتركة بين المياه الاقليمية اللبنانية ومياه فلسطين المحتلة جنوبا، وحيث يَضبط هذا الصراع بالحد الأدنى القرار 1701، وتنتشر قوات اليونيفل، وتشترك مع لجنة ثلاثية مع مندوبين عن الجيش اللبناني وعن وحدات العدو الاسرائيلي، في اجتماعات استثنائية في الناقورة، فإن هذا الصراع مرشح الى أن يتطور أكثر على خلفية الخلاف الحدودي في بحرنا الجنوبي، وعلى خلفية تزايد الاعتداءات على السيادة اللبنانية في الجو وعلى الحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة.

طبعًا، هذا الصراع له تداعيات غير بسيطة على كل الوضع اللبناني، العسكري والأمني والاقتصادي والاجتماعي، فيما لو تطور الى مواجهة، وهنا تداعياته معروفة، أو حتى فيما لو بقي على نفس المستوى من التوتر، والمصحوب بعدة حوادث حدودية أو اعتداءات داخل لبنان، في الضاحية الجنوبية من بيروت أو على الحدود مع سوريا، أو بشكل يومي ومتواصل عبر طائرات المراقبة العدوة دون طيار، والتي تستبيح اجواءنا بشكل دائم.

من هنا، من الطبيعي أن أي اشكال بمواجهة العدو، واسع أو محدود ، سوف يكون له تأثير سلبي كبير على الخطة الاقتصادية الخمسية، لناحية عائدات السياحة أو الجمارك أو الأعمال والضرائب والرسوم، أو لناحية الخسائر في البنى التحتية التي ستكون معرضة للتدمير حتمًا، بشكل جزئي أو بشكل كلي ... الخ .

هنا تأتي أهمية الحماية ضد خطر الاعتداءات الاسرائيلية، وبالتالي تبرز الحاجة وبالضرورة القصوى، لامتلاك الجيش اللبناني وسائل حماية ضد هذه الاعتداءات، يكون أساسها منظومات دفاع جوي (دفاعية)، قادرة أن تؤمن الحد الأدنى من الحماية ضد القاذفات والطوافات والمسيرات  بشكل مباشر، أو قادرة على تأمين معادلة ردع ضد تلك الاعتداءات، بشكل غير مباشر.
 
هذه الحاجة لامتلاك الجيش اللبناني تلك القدرات الدفاعية، تترافق حاليا، وبشكل لافت ومثير للتساؤل، مع ضغط واسع دولي واقليمي، اميركي واسرائيلي وعبر الامم المتحدة، لتجريد لبنان من جناحه الدفاعي الاساسي غير الرسمي، أي المقاومة، عبر محاولة تحجيم دورها أو قدراتها من أسلحة الردع التي تمتلكها، والتي تؤمن الحماية غير المباشرة ضد الاعتداءات الاسرائيلية.

 وتبقى ايضًا الحاجة الماسة لامتلاك لبنان أسلحة دفاع وردع مناسبة، بهدف تحصين موقعه في الصراع الحدودي المائي المرتبط بحقول الغاز المشتركة مع فلسطين المحتلة، والتي تعتبر (حقول الغاز)، المخرج الأوحد كما يبدو، لكي ينجح لبنان في تفادي الانهيار المالي والاقتصادي الذي يتخبط به حاليًا.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات