آراء وتحليلات
خطة الحكومة للإصلاح المالي في ميزان التقييم.. ومقترحات انقاذية
الخبير الاقتصادي د. عماد عكوش
الخطة التي أقرها مجلس الوزراء هي أكثر الخطط شمولية فيما يتعلق بمواجهة الأزمة حتى الآن. والخطة موصوفة بأنها "أساس جيد" لمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وهي تتطلب دعمًا سياسيًا واسعًا. لكنها تسعى إلى دعم من صندوق النقد وهو ما سيتيح مزيدًا من التمويل.
وبينما ترصد خسائر في الاقتصاد بقيمة 83.2 مليار دولار، أشارت الخطة إلى أن "صفقة إنقاذ كاملة للقطاع المالي ليست خيارا" . وتتضمن تفاصيل إعادة هيكلة للمصرف المركزي والبنوك التجارية لتشمل "مساهمة استثنائية عابرة من كبار المودعين" وتحدد الخطوط العريضة لصندوق خاص لتعويض خسائر المودعين الناجمة عن إعادة الهيكلة.
المشكلة في هذه الخطة أنه تم إعدادها بناءً على وثائق شبه رسمية، وبيانات مالية غير مدققة، وعدم وجود افتراضات قائمة على أحداث حصلت في الماضي.
هذه الخطة قامت بوصف الواقع الحالي الذي يعاني منه الاقتصاد اللبناني، القطاع المصرفي، ومالية الدولة اللبنانية والدين العام. لم تأتِ هذه الدراسة على الخلل الذي يعاني منه الاقتصاد اللبناني منذ نشوئه، فأكدت على أساسيات:
1- تخفيض سعر الليرة اللبنانية على مراحل، وإلغاء تثبيت الليرة.
2- الحاجة الى دعم خارجي بمبلغ يتراوح ما بين 10 و 15 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
3- إعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف التجارية.
4- زيادة الضرائب على الشركات، والقيمة المضافة على الكماليات، المحروقات، وعلى الفوائد بشكل أساسي.
5- رسملة جزء أساسي من الودائع أو المشاركة ضمن صندوق خاص مع إعطاء فائدة محددة لأصحاب هذه الودائع.
6- وقف دعم وإصلاح مؤسسة كهرباء لبنان، وترشيد الإنفاق في القطاع العام.
7- أعادة النظر بطرق احتساب تعويضات موظفي القطاع العام والمصالح المستقلة.
8- وقف الاستثمار الرأسمالي الممول من قبل الحكومة اللبنانية والاعتماد على التوظيفات الرأسمالية الممولة ذاتيًا.
9- الإصلاح الضريبي والجمركي.
10- تأجيل استحقاقات آجال الدين العام الداخلي والمفاوضة على الدين العام الخارجي.
11- مواصلة العمل على تنفيذ مؤتمر سيدر.
12- إعادة التوازن للموازنات الحكومية والعمل على تخفيض عجز ميزان المدفوعات.
13- العمل على إستعادة المال المنهوب مع وضع هدف تحصيل 10 مليار دولار.
14- إستعادة المال المهرب للخارج.
15- تعزيز النمو من خلال التحول نحو الاقتصاد المنتج.
16- استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة للحفاظ على البيئة.
17- تنظيم علاقة المصارف والمودعين بشكل أكثر شمولًا للحفاظ على المودعين والمصارف.
18- إقرار القوانين التي تم إعدادها في سياق مؤتمر سيدر 2018 .
19- اجراءات قصيرة الأجل بمواجهة كوفيد 19، منها تخصيص 200 مليون دولار لاستيراد المواد الأولية لقطاع الصناعة، انشاء برامج للقروض الصغيرة، تأجير العقارات المملوكة من قبل الدولة لأغراض الزراعة والصناعة، تخفيض اجراءات التصدير والاستيراد.
تقييم أساسي للخطة:
أولًا: ان الدراسة تفتقد للعناصر التالية:
1- الأساسيات التي اعتمدت عليها الخطة غير واضحة وغير موثقة بمستندات رسمية.
2- تم الاستناد في إعدادها على احصاءات وبيانات غير مدققة وخاصة لناحية مصرف لبنان.
3- لم يتم وضع افتراضات تستند اليها وخاصة أن الماضي لا يبشر بالمستقبل.
ثانيًا: لم يتم وضع صورة حل لموضوع العلاقة المصرفية مع المودعين، وكيف ستتم معالجة موضوع تجميد الودائع من قبل المصارف، والمهل لتحريرها وكيف سيتم ذلك.
ثالثًا: لم يتم التحدث فيها بشكل تفصيلي عن موضوع الدين العام وكيف ستتم معالجته وسبل تخفيض هذا الدين باستثناء الاستفادة من عملية خفض قيمة الليرة قياسًا بالدولار الأمريكي، أما خفض الفوائد وخدمة الدين العام وتحقيق فوائض أولية لتسديد خدمة الدين العام وجزء من أصل الدين فلم يتم ذكره .
رابعًا: لم يتم الحديث عن موضوع كيف ستتم إعادة المال المنهوب أو حتى الخيارات المتاحة لاستعادة ولو جزء من هذه الأموال، وكيف سيتم ذلك.
خامسًا: عملية الإصلاح الضريبي غير واضحة، إضافة الى أن رفع نسب الضرائب في ظل الانكماش الاقتصادي وانهيار القطاع المصرفي لا يخدم الموازنة والاقتصاد اللبناني وستأكل الضريبة الجديدة الضريبة القديمة.
سادسًا: كيفية معالجة تحويلات المغتربين الى لبنان وكيفية قبضها من قبل اللبنانيين هنا في لبنان وبأي عملة، وتركت هذا الأمر الى تعاميم صدر البعض منها عن مصرف لبنان وسيصدر البعض الآخر خلال الأيام القادمة.
سابعًا: بند تعزيز الواردات لم يستند الى إصلاحات بل الى ضرائب جديدة وإلغاء بعض الإعفاءات وهذا لا يكفي، فتعزيز الإيرادات من خلال فرض ضرائب جديدة قد يؤدي الى نتائج عكسية انطلاقًا من المقولة التي تقول إن الضريبة في زمن التضخم تأكل الضريبة.
ثامنًا: تم بناء هذه الخطة على أساس تحرير سعر الصرف بشكل تدريجي من 3500 ليرة ليصل الى حدود 4298 ليرة في نهاية الفترة المحددة للخطة بينما وصل السعر الفعلي في السوق الموازي لحوالي 4500 ليرة لبنانية للدولار الواحد.
تاسعًا: لم يتم الحديث في هذه الخطة عن طريقة وسبل التحول من الاقتصاد الريعي القائم على الإيداع في البنوك مقابل الفوائد والاستهلاك .
عاشرًا: لم يتم الحديث في هذه الخطة عن تكبير حجم الاقتصاد وكيفبة تكبيره لزيادة واردات الدولة وتحقيق نمو في الناتج القومي، وخاصة ما يتعلق منها بخلق بنية تحتية ملائمة لتطوير الاقتصاد وتحفيز الإنتاج في القطاعين الزراعي والصناعي.
مقترحات إصلاحية:
الاقتراحات تستند الى الواقع الحالي وتجربة دول وهي على الشكل التالي:
1- تصفير العجز في الموازنة من خلال تخفيض كلفة خدمة الدين العام، وفرض فائدة على سندات الخزينة بمعدل واحد بالمئة فقط، اضافة الى خفض النفقات الجارية وزيادة الواردات.
2- تجميد الودائع لغاية خمس سنوات مع وضع ضوابط للسحوبات النقدية والتحويلات الخارجية وإعطاء نصف بالمئة فقط على الودائع.
3- توحيد سعر الصرف وإلزام مصرف لبنان على التدخل في السوق للعمل على استقرار سعر الصرف في السوق.
4- استخدام 30 بالمئة من الوفر الناتج عن رفع الدعم عن السلع نتيجة لتوحيد سعر الصرف والذي يبلغ وفقًا لسعر صرف 4000 ليرة للدولار الواحد على الشكل التالي :
اسم السلعة المدعومة - استيراد 2019 مليار دولار - تقييم وفقًا لسعر 4000 مليار ل.ل - تقييم وفقًا لسعر 1500 مليار ل.ل. - الفروقات مليار ليرة:
المحروقات 3.00 12،000 4،500 7،500
الطحين 2.40 9،600 3،600 6،000
الدواء 1.20 4،800 1،800 3،000
المجموع 6.60 26.400 9،900 16،500
يشمل عدد العائلات التي يمكن أن تستفيد من هذه الفروقات الفئات التالية :
الفئة - العدد:
فئة المضمونين 400،000
فئة موظفي القطاع العام 275،000
المجموع 675،000
90 % منهم رواتبهم دون 3 ملايين شهرياً 607،500
فئة عائلات وزارة الشؤون 40،000
المجموع 647،500
التعويض هو على الشكل التالي:
- الأعزب 350،000 ليرة
- عن الزوجة 150،000 ليرة
- عن كل ولد لغاية خمسة أولاد 100،000 ليرة
فإذا أخذنا الافتراضات التالية بعين الاعتبار:
- 50 بالمئة من هؤلاء هم نساء.
- 10 % منهم هم عازبون.
- 20 %منهم لديهم أبناء بالغون ولا يستحقون التعويض.
فإننا إذا اعتبرنا أن الجميع متأهل نكون قد بالغنا في الافتراض، فيصبح مجموع التعويضات:
العائلة التي تتألف من زوج وزوجة في الشهر : 350،000+150،000 = 500،000 ليرة
في السنة : 500،000* 12 = 6000،000 ليرة
الإجمالي : 647،500*6000،000= 3،885،000،000،000 ليرة
التوفير على أساس سعر صرف 4000 ليرة : 16،000-3،885 = 12،615 مليار ليرة
5- فرض ضريبة الثروة على الأملاك المنقولة وغير المنقولة والتي تزيد عن عشرة مليارات ليرة لبنانية على أن يتم درس هذه الملفات من قبل وزارة المالية ومن ثم تحويلها لجهة مستقلة لمراجعتها وإبداء الرأي فيها على أن تحتسب الضريبة وفقًا لشطور:
- 2 % من 10 مليار لغاية 100 مليار
- 4 % من 100 مليار لغاية 200 مليار
- 8 % من 200 مليار لغاية 400 مليار
- 16 % من 400 مليار لغاية 800 مليار
- 32 % من 800 مليار لغاية 1600 مليار
- 64 % للمبالغ التي تزيد عن 1600 مليار ليرة
6- إعداد خطة اقتصادية للتحول نحو الاقتصاد المنتج من خلال تحفيز الزراعة والصناعة عبر إنشاء بنية تحتية سليمة لهذه القطاعات إضافة الى وضع اقتراحات حمائية لهذه القطاعات مثال رفع الرسوم الجمركية على السلع الإغراقية الزراعية والصناعية خاصة بالنسبة للسلع المنتج لها شبيه لها في لبنان بمعدل 50 % ومنح إعفاءات للصناعيين من نصف ما هو مفروض اليوم ويشمل ضريبة الدخل، اشتراكات الضمان، الرسوم البلدية، ضريبة التوزيع.
7- تجميد مفاعيل كل اتفاقات التبادل التجاري والبروتوكولات الزراعية لمدة عشر سنوات بحجة الوضع الاقتصادي السيئ وعجز ميزان المدفوعات.
8- إعداد قوانين خاصة بتأمين المنافسة ومنع الاحتكار في المستقبل لمنع ارتفاع الأسعار بشكل كبير من قبل المحتكرين وفتح باب الإاستيراد لكل السلع مع فرض رسوم جمركية بمعدل 50 % عليها، وتطوير السوق المالية لمنع تسلط كبار المساهمين على مجلس الإدارة وتمهيدًا نحو تلزيم الاستثمار لكل قطاعات الدولة الاقتصادية.
9- تشكيل هيئة واحدة لمنح اجازات الاستثمار والتراخيص الصناعية والزراعية وتسهيل إجراءات الحصول عليها وتخفيف القيود على منح هذه الإجازات.
10- الذهاب نحو تلزيم استثمار كل القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها قطاع الاتصالات، قطاع الكهرباء، قطاع المياه، المرافق البحرية والجوية، كازينو لبنان، شركة الميدل ايست، الريجيه، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وحتى المستشفيات الحكومية وذلك من خلال مناقصات شفافة وعادلة يشترك فيها كل اللبنانيين على أن يتضمن دفتر شروط تلزيم الاستثمار ما يلي:
- الاستثمار لمدة عشرين سنة دون حق التملك.
- حق الاستثمار يكون مقابل نسبة من الإيرادات وليس الأرباح.
- الشراكة من قبل الحكومة اللبنانية في وضع تعرفات تكون مقبولة مقارنة بالدول المجاورة.
- عدم استخدام أي موظف جديد آخر ثلاث سنوات من العقد.
- عدم رفع الرواتب آخر ثلاث سنوات من العقد.
- تسليم التجهيزات في نهاية العقد سليمة ومنتجة.
11- زيادة الواردات من خلال استعمال الشطور والضريبة التصاعدية السنوية على كل أنواع الضرائب والرسوم من ضريبة الدخل والأرباح العقارية الى رسم الطابع المالي ورسم تسجيل السيارات والعقارات وعدم إضافة أي ضريبة جديدة.
من ل.ل. الى ل.ل. المعدل %
1 10،000،000 4
10،000،001 20،000،000 8
20،000،001 40،000،000 12
40،000،001 80،000،000 16
80،000،001 160،000،000 20
160،000،001 320،000،000 24
320،000،001 740،000،000 28
740،000،001 1،480،000،000 32
ما يزيد عن 1،480،000،001 36
12- بعد توقيع ورقة دعوة صندوق النقد الدولي لتقديم المساعدة الى لبنان لا بد من توخي الكثير من الحذر في هذا الموضوع، فالجميع يعلم جيدًا شروط ووصفة صندوق الدولي لتقديم أي مساعدة لأي دولة في العالم ولا ضرورة لإعادة التحدث عنها.
13- تحرك وزارة العمل للحد من نسب البطالة لدى اللبنانيين عبر الوسائل التالية:
- رفع رسوم إجازات العمل للأجانب وبشكل سنوي.
- تحرك الأمن العام بشكل جدي لمنع عمل الأجانب بطرق غير شرعية.
- تحرك البلديات لمنع فتح مؤسسات أو محلات لأي أجنبي دون الحصول على التراخيص اللازمة.
14- تمويل المؤسسة العامة للإسكان من خلال رسوم إجازات العمل المرتفعة لإعطاء قروض سكن بقيمة لا تتجاوز ما يعادل مئة الف دولار أميركي وبفائدة لا تتجاوز 2 % سنويا.
15- لبنان ليس بلدًا متسولًا وهو يملك إمكانات هائلة لكن المشكلة هي في حسن توظيفها، أهم هذه الموارد:
- احتياطي الذهب الذي تزيد قيمته عن 15 مليار دولار.
- احتياطي عملات صعبة تزيد عن 20 مليار دولار
- أصول مالية غير مباعة ومنها، مؤسسة الكهرباء، أوجيرو، الريجيه، كازينو لبنان، شركة الميديل ايست، مطار بيروت، مرفأ بيروت، مرافئ أخرى بحرية وجوية، المستشفيات والجامعات، بنوك خاصة، وغيرها من المؤسسات التي تساوي عشرات مليارات الدولارات.
- أصول عقارية تبلغ قيمتها مئات مليارات الدولارات ومنها: النورماندي التي يجب استعادتها، وبرج حمود، والأوزاعي والجبال.
- موارد بشرية مبدعة في لبنان وفي الخارج والتي يمكن الاستفادة منها اليوم في صناعة المعرفة.
- موارد اغترابية تصل معدلات تحويلاتها السنوية من الخارج سنويًا لحوالي 7 مليارات دولار.
16- فرز العقارات المملوكة من قبل الدولة اللبنانية لمساحات تتراوح ما بين الف متر مربع الى ثلاثة آلاف متر مربع وتأجيرها للزراعة فقط ولمدة عشرين سنة شرط زراعتها مقابل ايجار سنوي.
17- إصدار سندات حكومية بضمانة الذهب لتوفير السيولة حاليًا على أن تستخدم هذه الإصدارات فقط في إعادة هيكلة الدين العام بالعملة الأجنبية فقط، وبالتالي كف النظر عن اللجوء الى صندوق النقد الدولي.
18- تشكيل صندوق يتألف من الواردات الناتجة عن:
- ضريبة الثروة.
- واردات استثمار المؤسسات العامة.
- واردات تأجير العقارات المملوكة من قبل الدولة.
يتم حصر مهمة هذا الصندوق في تسديد مستحقات الدين العام فقط.
19- الذهاب نحو انشاء المشاريع المنتجة بطريقة التمويل الذاتي (BOT) والتي يمكن أن تساهم في تكبير حجم الاقتصاد ومنها:
- سكة حديد تربط الأراضي اللبنانية كلها.
- مترو الأنفاق للعاصمة بيروت.
- موانئ متخصصة بالترانزيت.
- مدن صناعية في الأرياف وعلى الحدود.
- نفق البقاع .
- ربط سكة حديد لبنان بسكة الحديد السورية العراقية.
20- فتح المجال أمام مستثمرين يملكون ودائع لدى المصارف التجارية لفتح بنوك جديدة مكون رؤوس أموالها من هذه الودائع على أن يكون الحد الأدنى لرأس المال لأي بنك جديد مكون بموجب هذه الودائع خمسة مليارات دولار أميريكي يتم إيداع نصفه بالليرة اللبنانية والنصف الآخر بالعملة الصعبة بموجب شيكات مصرفية .
إن تطبيق هذه النقاط يمكن أن يحرك الاقتصاد اللبناني وإن كان بشكل بطيء لكن مع الوقت سيتمكن الاقتصاد من التعافي نتيجة لتخفيف الضغط على ميزان المدفوعات وانحسار عملية خروج العملة الصعبة من لبنان وبالتالي إعادة بناء احتياطي العملات الصعبة لدى مصرف لبنان وتقوية الليرة اللبنانية.
المالية العامةصندوق النقد الدولي
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024