آراء وتحليلات
اجتماع وارسو.. فشل وعار
محمد يونس
"مؤتمر وارسو فشل قبل انعقاده" إمام جمعة طهران آية الله السيد أحمد خاتمي.
"رعاية واشنطن لهذا المؤتمر هي دليل على اليأس والعجز الأميركي" أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني.
أوائل الشهر الماضي أعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو نية واشنطن عقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط وبشكل خاص "للسعي لتشكيل تحالف يدفع إيران للتصرف بصورة لائقة" في العاصمة البولندية وارسو في الثالث عشر والرابع عشر من هذا الشهر.
يمكن القول إن هذا المؤتمر قد فشل قبل انعقاده كما صرح المسؤولون الإيرانيون، فإذا أخذنا بالاعتبار القمم والمؤتمرات السابقة التي قامت الولايات المتحدة ببالدعوة اليها لاستهداف محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية في ايران من الحرب المفروضة مرورا بالحصار الاقتصادي والسياسي إلى مؤتمرات شرم الشيخ للقضاء على المقاومة الإسلامية في لبنان في العام 1996 وصولا إلى عدوان تموز 2006، فمحاولات زعزعة الاستقرار الداخلي في ايران وحروب غزة ثم محاولة ضرب سوريا والعراق وما بين هذه المحطات من مغامرات، فإنها كلها باءت بالفشل الذريع والدليل الأبرز على ذلك هو هذه الدعوة التي لن يكون مصيرها أحسن مما سبقها كما تؤكد التطورات المحيطة بعقد هذا المؤتمر.
ففي الشكل كانت واشنطن تسعى لتمثيل أكثر من سبعين دولة في الاجتماع على مستوى وزير خارجية أو أعلى، لكن ما رشح من مواقف خاصة الأوروبية منها يشير إلى عدم رضى إن لم نقل امتعاض أوروبي من عقد مثل هذا المؤتمر، وفي هذا السياق يمكن إيراد جملة نقاط منها:
- اعتذار الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني عن عدم الحضور.
- توجه عدد من الدول الأوروبية إلى عدم المشاركة، إذ نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مصادر أوروبية أن "الاتحاد الأوروبي لن ينضم إلى تحالف دولي ضد إيران".
- سعي بعض الدول الأوروبية إلى تعديل وجهة المؤتمر وتوسيع أجندته ليشمل كل قضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها فلسطين المحتلة والحرب على اليمن وعدم حصره بإيران والحد من أخطاره المحتملة.
- توجه لدى بعض الدول الأوروبية للمشاركة بممثلين ديبلوماسيين بمستويات منخفضة بدلا من وزراء الخارجية حتى إن بعضهم يفكر بإرسال ممثلين مدنيين وليس حتى سياسيين.
- إعلان موسكو رفضها حضور المؤتمر لأنه "لا يأخذ برأي دول الشرق الأوسط والدول من خارج الإقليم، علاوة على تجاهله الصراع العربي الإسرائيلي".
- اعتراض أوروبي واضح على توقيت عقد المؤتمر حيث اعتبر ايلي جيرانمايه نائب رئيس برامج الشرق الأوسط في البرلمان الأوروبي أن التوقيت غير ملائم بتاتا لأن الأولوية بالنسبة للأوروبيين هي حاليا التركيز على جهودهم لتعزيز الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية، مشيراً إلى أنه بالنسبة للدول الأوروبية الثلاث المانيا وفرنسا وبريطانيا فإن هذا المؤتمر يأتي في وقت سيئ ومحبط.
أما في المضمون فإن أول تراجع سجلته واشنطن بعد أيام من إعلانها النية لعقد هذا المؤتمر هو تصريح المندوب الأميركي للأمم المتحدة جوناثان كوهين أن المؤتمر هو اجتماع عصف ذهني دولي لتعزيز الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط وهو ليس لقاء ضد إيران أو محاولة لتشكيل تحالف ضدها -مع أن الدول الأوروبية غير مقتنعة بذلك بسبب أن من يقوم بالتحضير لهذا الاجتماع في الجانب الأميركي هو براين هووك الممثل الخاص لترامب حول إيران ورئيس مجموعة العمل ضد إيران.
علاوة على ذلك وفور الإعلان عن هذا المؤتمر سارع مساعد وزير الخارجية البولندية ماتشي لانغ للسفر إلى طهران حيث التقى مسؤولين إيرانيين، موضحاً لهم أن المؤتمر لا يستهدف الجمهورية الإسلامية، مدعياً أن هناك سوء تفاهم قد حصل حول أهداف هذا الاجتماع.
يبقى أن هذا المؤتمر الذي يتزامن مع الاحتفالات الإيرانية بمناسبة مرور أربعين عاماً على انتصار الثورة الإسلامية سيشهد لقاءات علنية بين رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو وعدد من مسؤولي الدول العربية الذين يتطابق منطقهم مع منطق نتنياهو إذ يقول وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد، إنه خلال قمة وارسو سيتحدث عن "الإرهاب الإيراني متعدد الأوجه". ولمصادفة العار أن نتنياهو وحسب القناة 13 الإسرائيلية "سيكون واحدا من المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر، ومن المتوقع أن يلقي خطابا قاسيا ضد إيران".
وعليه سِمتان ستسمان هذا المؤتمر "فشل أميركي وعار عربي".
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024