آراء وتحليلات
آب 2021: تثبيت معادلة الأمان
عبير بسّام
في الحقيقة جاء خطاب الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في ذكرى انتصار تموز 2006 من هذا العام بنكهة جديدة وفي وقت دقيق جداً تزامن مع العدوان الصهيوني على جنوب لبنان، وفي وقت تم فيه الحديث عن معادلة جديدة هي: الأرض المفتوحة مقابل الأرض المفتوحة. جاء كلام السيد ليوضح للجميع أن حزب الله لم يتخذ القرار بالرّد من مبدأ تثبيت معادلة جديدة كما تحدث الجميع، ونعته بأنّه: "كلام خاطئ"، بل اتخذ القرار من مبدأ تثبيت قواعد الاشتباك التي فرضت منذ تموز 2006، وأنّه مكسب للمقاومة لن تتخلى عنه. وبالطبع ارتبط الخطاب وبشكل كبير بما فرضته أيام المعركة والتطورات التي سبقتها.
"لن نفرط بما أنجزناه في تموز حماية للبلد!"، قالها السيد، وتحدث بإسهاب عن الرعب الذي شعر به أبناء الجنوب جراء أصوات القصف ما بعد منتصف الليل. ولنكن هنا واقعيين، متى اهتم أحد لمشاعر أهل الجنوب جراء قصف الطيران المعادي؟ في الحقيقة لقد كانت هذه المشاعر أمراً منسياً. أما المقاومة، فكانت حريصة على مشاعر الناس والمواطنين، فكان ردها صباحًا لا ليلًا. نقاط باتت في الحسبان، فيها تأكيد على أهمية شعور الجنوبي من الناقورة وحتى إقليم العرقوب بالأمان في بيته وأرضه. إنّ المعادلة التي فرضت عام 2006، هي معادلة تثبيت اللبنانيين في أرضهم وتثبيت شعورهم بالأمن والأمان.
لم تقبل المقاومة المساومة على أمن حتى المناطق المفتوحة. فماذا لو كان هناك بعض الناس أو الفلاحين أو الرعاة الذين يقومون بأعمالهم في لحظات القصف في أرض مفتوحة؟ انطلاقاً مما سبق، كان وجوب حتمية الرد، مع مراعاة مبدأ عامل الزمن الجوهري الذي تحدث عنه السيد نصر الله، فهناك أحداث توجب الرد المباشر، وتأخيره يفقده معناه. وبالتالي، كان يجب لجم عدوان الطيران المعادي، بقصف مباشر يفقده معادلة القوة التي يظن أنه سيملكها، والتي كان من الممكن أن تتدحرج لتتطور إلى غارات جوية على أماكن مأهولة وبنى تحتية. وعليه، فإن ما حدث في الأسبوع الماضي، "كان كبيراً جداً" بحسب توصيف السيد نصر الله. ولكن في الوقت نفسه فإن تصدي المقاومة حمل رسائل أكبر بكثير، مع أنها لم تلجأ إلى القوة المطلقة كما فعلت "اسرائيل"، التي ابتدأت العدوان الجوي، بل استخدمت صواريخ الكاتيوشا، والجميع يعلم ما للكاتيوشا من رمزية تثبيت المعادلات في نيسان 1996 وبعده.
والأمران الآخران اللذان ثبتهما السيد نصر الله: أولاً، خطأ رهان "الإسرائيلي" على أن الانقسام الداخلي والأزمة الداخلية في لبنان، سيجعلان المقاومة مترددة في الرّد على أيّ اعتداء على لبنان. أراد الاسرائيلي قياس مدى استعداد المقاومة للرد، وخاصة في ظل الأزمات التي يعيشها لبنان، وفي ذلك مراهنة على الانقسام الداخلي.
الأمر الثاني الجديد الذي ثبته السيد، هو أن الرد لن يكون محصورًا بعد اليوم في مزارع شبعا، بل قد يطال أية منطقة في شمال فلسطين وحتى في الجولان المحتل. وهذا تطور كبير قد يرتبط بالرّد القادم على اغتيالات رجال المقاومة في سوريا باستهدافهم بالطيران الحربي. وهكذا فقد جنت على نفسها براقش، واليوم علينا أن نراقب كيف سيتحرك الجيش الصهيوني في منطقة يدعي أنّها فضاؤه.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024