آراء وتحليلات
زيارة الأسد الى ايران.. تثبيت التحالف وإعلان الانتصار
شارل أبي نادر
ما هي الأسباب الموجبة للإعلان عن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى الجمهورية الإسلامية اليوم؟ وفي أي إطار تندرج؟ وما هي أهدافها؟ أسئلة فرضتها الزيارة وتعد الأكثر تداولاً وأهمية خلال الفترة الراهنة.
لا شك أن الدولتين (ايران وسوريا) تخوضان تقريباً حرباً مشتركة. وصحيح أن هذه الحرب تخاض على الأرض السورية فقط، حيث الميدان السوري هو مسرحها بشكل كامل، ولكن يمكن القول وبشكل واضح، إن العناصر المكونة لهذه الحرب هي نفسها لدى كل من الدولتين، لناحية الأهداف، المناورة، الوسائل، النتائج، والأهم لناحية العدو الواحد، الذي يستهدف كلّاً من ايران وسوريا عبر معركة واحدة.
في الظاهر، وعلى الأقل من خلال البيان الرسمي الذي صدر عن وكالة "سانا" السورية، كانت الزيارة مناسبة لتهنئة الجمهورية الاسلامية في ايران بالذكرى الاربعين على انطلاق ثورتها، ولتقدير الدور الايراني في صمود وانتصار سوريا، ولتبادل الاراء والتقديرات للوضع الراهن والمسار الحالي في مواجهة الاعداء المشتركين، وللتعهد والالتزام بالبقاء في صف واحد في هذه المواجهة الواسعة ضد الدولتين.
أما في الواقع الفعلي، فمن الطبيعي أن نستنتج من الزيارة تثبيتا للتحالف وتأكيدا للتكامل، والأهم، إعلان الانتصار الذي ظهر من خلال تحقيق كل من الدولتين للأهداف المشتركة التالية:
أـ القضاء على الارهاب
هذا الهدف قد تحقق فعلياً لا صورياً كما تعلن الولايات المتحدة الاميركية من ضمن ما تدعي أن التحالف قد حققه، ومعركة الجيش العربي السوري مدعوماً من ايران ومن محور المقاومة وعلى رأسه حزب الله اللبناني، تؤكد بما لا يقبل الشك مسار المواجهات الشرسة ضد المجموعات الارهابية، ("داعش" والمجموعات الأخرى)، والتي انتهت بدحرها عن مساحات شاسعة من الجغرافيا السورية، مقارنة مع المواجهات المشبوهة التي ادعى التحالف أنه انتصر فيها على الارهاب، والأمثلة على ذلك كثيرة، آخرها ما تعانيه قوات سوريا الديمقراطية حتى الآن في انهاء آخر جيب لـ"داعش" شرق الفرات، حيث من غير الواضح حتى الآن انتهاء المعركة، والتي رافقها الكثير من الغموض في مسارها وفي مناورة إخراج المدنيين والعناصرالارهابية.
ب ـ تحدِّي الاميركيين ومواجهتهم
- بالنسبة لايران كانت سوريا، وطبعاً ليس لخيار ايراني، بل للضرورة، ميداناً لمواجهة الاميركيين وتحدِّيهم، من خلال دعم الدولة السورية واجهاض الأجندة الأميركية في منع سيطرة الارهابيين، حيث ترى ايران وربما هذا هو الواقع، أن الاشتباك المباشر مع الاميركيين في غير الساحة السورية وفي ملف آخر أو صراع آخر، هو صراع خطر وحساس وتداعياته ستكون كبيرة، وأساسا، لم يكن الاميركيون من الذين يقاتلون مباشرة، بل قتالهم دائما كان بالواسطة وعبر وكلاء، من هنا فُرِض على ايران هذا الدور ضد الاميركيين بطريقة غير مباشرة في الميدان السوري.
- بالنسبة لسوريا، التحدي الذي ربحته ضد واشنطن كان واضحا، في الانتصار على المشروع الاميركي: أولا في الانتصار بالحرب الارهابية التي دعمتها الولايات المتحدة الاميركية ميدانيا وعسكريا ولوجستيا، وثانيا في مواجهة كل مخططات الاميركيين بنجاح، عبر مجلس الامن لناحية إجهاض القرارات او مشاريع القرارات الاميركية، في محاولة فرض المناطق الامنة، أو في التصويب الفاشل بموضوع الكيماوي، أو اليوم في مناورة تشكيل اللجنة الدستورية، ومؤخراً في اجهاض محاولة الاميركيين في استغلال انسحابهم من سوريا، وذلك من خلال اعلان دمشق الواضح عن الاستعداد لاحتضان الاكراد، الأمر الذي خلق لدى الاميركين ضياعاً وتردداً لناحية طبيعة وشكل الانسحاب.
- في موضع العقوبات الأميركية واجهاضها من قبل الايرانيين والسوريين معاً، من خلال تكامل وترابط اقتصادي بين الدولتين، يتوَّج الان بخطة مشتركة لاعادة اعمار ما خلفته الحرب على سوريا، بدور أساسي لايران ولروسيا، مع استبعاد لأغلب دول العدوان على سوريا.
ج ـ تحدِّي "اسرائيل"
من خلال انتصار سوريا، بالرغم من الانخراط الصهيوني في الحرب مباشرة، إما عبر الاستهدافات الجوية والصاروخية الحساسة والداعمة لمعارك الارهابيين، أو من خلال استهداف نقاط ومواقع للجيش العربي السوري ومراكز أسلحته النوعية وخاصة سلاح الدفاع الجوي، والصمود السوري في هذه المواجهة القاسية ضد العدو الاسرائيلي، لعبت ايران عبر مستشاريها وخبرائها وتقديماتها العسكرية، أو عبر دعمها المباشر لمجموعات محور المقاومة، الدور الأساس في تثبيته.
النفوذ الايراني، الذي كانت دائما "اسرائيل" تصوب عليه وتضعه هدفا استراتيجيا، لمحاولة منعه وتقييده، تمدد بعد الانتصار في سوريا، من خلال التكامل مع الدولة السورية ضمن محور المقاومة، المحور الذي أصبح يملك نقاط وعناصر قوة لا يمكن تجاوزها، وأساسها هو في توحيد مناورة واستراتيجية مثلث المواجهة الفعلي ضد العدو، في غزة ولبنان وسوريا.
من خلال تعاظم قوة حزب الله، ربما يكون تعاظم قدرات حزب الله، في امتلاك القدرات والأسلحة النوعية، أو في امتلاك الخبرات القتالية والتكتيكية، من أكثر الأهداف حساسية التي تؤثر سلباً على العدو الاسرائيلي، لأسباب معروفة، وهذا ما وفره الانتصار المشترك لسوريا وايران وحزب الله في الحرب على سوريا.
بالعموم، يمكننا القول إن الانتصار المشترك لايران وسوريا في الحرب التي شنت على سوريا، هو بحد ذاته هزيمة للمشروع الاميركي العالمي في محاولة تطويع الشعوب والدول، وربما كانت دروس اليمن وصمود جيشه ولجانه الشعبية، ودروس فنزويلا ووقوفها اللافت والمُقدَّر له بالاستمرار وبالصمود، من أكثر الأمثلة التي تمثّلت بالتجربة السورية الايرانية بمواجهة الغطرسة الاميركية.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024