معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

الطائفية والخطة
12/12/2018

الطائفية والخطة "ب" القديمة المتجددة

إيهاب شوقي

يستمر استخدام الفتنة الدينية بين جناحي الاسلام، لتفتيت الأمة وإجبار أطرافها المتنازعة على تحالفات كارثية، مثل ما يعد من خطط لتحالف خليجي عربي مع الصهاينة تحت بند صد (الخطر الايراني الشيعي)!

كل مؤامرات الغرب يمكن صدها ومواجهة خطورتها لو كانت الجبهة الداخلية قوية، إلا أن ما جرى على الدول وأنظمتها، جرى أيضاً بشكل مواز على نخبها وشعوبها.

ولعله من المناسب تسليط الضوء على ما يلي:

1/ بالتوازي مع ضرب الأنظمة القومية واختراقها واستبدال أنظمة قُطرية بها، وتغذية النزعات العنصرية للقضاء على فكرة الوحدة والتكتل، كانت هناك اختراقات موازية داخل الأقطار لاثارة النزعات القبلية والطائفية، لعدم التكتل ايضا ولتفتيت الدول من داخلها.

2/ تم مع الوقت وعبر عملية اختراقات وتمويلات خليجية تحويل الفكرة القومية العربية التي سيطرت على وجدان الشعوب في مرحلة التحرر الوطني، لفكرة عنصرية معادية للقوميات الأخرى، فتحولت العروبة من فكرة حضارية لفكرة شوفينية، وتحولت من ملهم للتكتل والوحدة وتحدي الاستعمار والعداء للصهاينة، لفكرة للانزواء ومعاداة الجوار والتحالف مع الأعداء لمواجهة الاخوة وشركاء التاريخ والمصير!

ومن هنا يمكن فهم تحولات مثل الحروب الأهلية والفتن الطائفية التي انتشرت داخل الأقطار العربية عقب انحسار المد القومي الذي يمكن أن نؤرخ له بوفاة جمال عبد الناصر، لا بهزيمة 1967 كما يحلو للبعض بخبث سياسي أن يؤرخ.

لأن بعد الهزيمة جاءت المقاومة، وانعقد الاجماع على لاءات ثلاث، مقاومة تتمثل في رفض الصلح والتفاوض والاعتراف.
بينما شهدت السبعينيات التي حدث فيها الانقلاب على الفكر القومي المقاوم حوادث طائفية في مصر وحرب أهلية في لبنان وتفكك للوحدات الوطنية وتنامٍ حثيث لمفهوم الأقليات، الذي بات مهدداً حقيقياً لكل قطر عربي.

كما يمكننا فهم معاداة البعث العراقي وفلوله لايران، وتعاونه مع التنظيمات التكفيرية، بسبب تمويلات استخباراتية سعودية خليجية من جهة، ووراثة ثارات حرب مع ايران نتجت بالأساس عن حرف مسار الصراع والعداء وتوجيهه للجار بدلا من الصهاينة، من جهة أخرى.

المحصلة المحزنة اليوم، هي أن التيار القومي العربي الذي يعد في أول صفوف المؤهلين للمقاومة بسبب ميراثه التاريخي الوحدوي والمقاتل للصهاينة على جميع الجبهات، نراه في أغلبه تسيطر عليه نخب معادية للمقاومة وتحديداً ايران، إما بوعي نتاج تمويلات واختراقات، أو بتشويه وعي نتيجة انحراف فكري قام بتحويل القومية الى عنصرية معادية لقوميات أخرى، وسوء تقدير للاوضاع وسوء نوايا، تسببت في فهم مفاده أن ايران تتحرك بدوافع قومية فارسية.

أيضاً بعض التيارات الاسلامية المقاومة تأثرت بالدعايات وأصبحت في تناقض مع المقاومة الاسلامية في لبنان لأسباب طائفية.
وهنا نشهد نجاحا لخطط العدو يبدو أنها فتحت شهيته لاستنساخها مرة أخرى وإعادة تدويرها بعد هدوء شهد إعادة للّحمة بين تيارات اسلامية مقاومة، وتقارب كبير خاصة بعد أحداث سوريا، بين القوميين العرب والمقاومة الاسلامية.

هنا يمكننا التنبؤ بما يلي:

أولا: دعم تيارات قومية مستحدثة تكن العداء لايران والمقاومة الاسلامية وإبرازها على الساحة لتغطي على جموع القوميين المناصرين للمقاومة والثابتين على مبادئ التحرر الوطني.

ثانيا: محاولة التأثير على بعض التيارات الاسلامية المعتدلة التي لا تتناقض مع المقاومة لاستقطابها عبر ابرازها واستحداث نسخ جديدة سواء سياسية أو عسكرية، واستهدافها بمحاولة تغذيتها بأفكار طائفية لخلق فجوة واسعة تحول دون التقارب والوحدة.

يبدو أن الأشكال القديمة استنفدت وأصبحت مستهلكة، وهناك حاجة لتحديث استعماري لها، وتبدو هذه النبوءات قابلة للتحقق العملي بمراقبة الأحداث ورصد تحركات العدو وخاصة الاعلامية في الفترة القادمة.

ومواجهة خطط وسيناريوهات كهذه تتطلب اعادة التعريف بأبجديات الصراع وتحرك النخب المقاومة ونشاطها لتثبيت أسس الصراع ومواجهة التضليل والانحرافات والتحريفات، وهي مهمة سهلة ولا تتطلب تمويلاً، وإنما تتطلب فقط إخلاصاً للمقاومة وثباتاً على مبادئ التحرر الوطني.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات