معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

واقع الثروة المائية في لبنان وكيفية الاستفادة منها
12/11/2021

واقع الثروة المائية في لبنان وكيفية الاستفادة منها

د. محمود جباعي

يعتبر لبنان تاريخيًا من أغنى الدول العربية لناحية وجود الموارد المائية الطبيعية، حيث تتنوع مصادر المياه فيه بفعل موقعه الجغرافي المتميز مما يكسبه أهمية كبرى في هذا المجال. لكن مع الأسف لم تستغل الدولة اللبنانية هذه الموارد المهمة بشكل صحيح ولم تستثمر هذه النعمة الطبيعية على الرغم من توافرها بفعل مياه الأمطار والطبيعة الجغرافية للبلاد مما ساهم في إهدار هذه المقومات بشكل عبثي غير مفيد الأمر الذي حرم الاقتصاد اللبناني من قطاع فعال يمكن استخدامه كمدخل أساسي لتطوير العديد من القطاعات الاقتصادية الاخرى.

أبرز المصادر المائية في لبنان

يحتوي لبنان جغرافيًا على حوالي 40 نهرًا أساسيًا، 17 نهرًا منها يصنف على أنه دائم الجريان بفعل العوامل الطبيعية المحيطة بها. ويقدر مجموع التدفق السنوي لهذه الانهار مجتمعة بحوالي 4000 مليون متر مكعب على مدار العام الواحد. وتحدث غالبية هذا التدفق بنسبة 3000 مليون متر مكعب بين شهري كانون الثاني وايار من كل عام بفعل نشاط حركة الامطار في هذه الفترة.

تشكل المياه الجوفية حوالي 50 بالمئة من إمدادات المياه في لبنان، والتي تتكون في الأساس من الحجر الجيري الذي يمتاز بطبيعته الكارستية التي تخزن مياه الامطار والثلوج الذائبة. ويوجد في لبنان حوالي 2000 ينبوع موسمي تغذي مختلف الجداول المائية في البلاد، وتولد هذه الينابيع حوالي 1200 مليون متر مكعب من المياه سنوياً. علماً أن لبنان يحتاج بالمجمل الى حوالي 1300 مليار متر مكعب من المياه سنوياً.

المشكلة الرئيسية تتمثل بضعف الادارة المشرفة على القطاع المائي

على مر السنوات عجزت الادارات المتعاقبة عن ادارة هذا القطاع بالشكل الصحيح الأمر الذي أدى الى اهدار هذه الموارد الطبيعية التي يتمتع بها لبنان. ويمكن تلخيص أسباب هذا العجز بما يلي:

1- العجز المطلق في تنفيذ المشاريع المائية الكبرى كمشروع ري الجنوب الذي طرح جديًا منذ حوالي 60 عامًا ولم تستطع كل الادارات المتعاقبة تنفيذه بالشكل الصحيح والمتكامل.

2- العجز الذي حصل في تنفيذ خطة السدود العشرية التي أقرت عام 2000 ولم ينفذ منها سوى سد واحد وهو سد شبروح.

3- لا يزال لبنان يعاني حتى اليوم بفعل سوء الادارة من الهدر الكبير في مياه معظم الأنهار التي تصب في البحر المتوسط وتذهب خارج الحدود دون وجود خطة واحدة لمنع ذلك.

4- عدم وجود أي قدرة للادارة اللبنانية على الاستفادة من حصة لبنان من المياه العابرة للحدود.

5- معظم مشاريع الري الموجودة حاليًا لا تكفي لسد حاجات السكان من مياه الشرب والأعمال المنزلية ولا حاجات الأراضي الزراعية من مياه الري.

6- العجز التام الذي تعاني منه ادارة المياه اللبنانية في ما يخص حماية المياه من التلوث والاستثمار العشوائي.

7- شلل في عمل المنشآت المائية بسبب التوظيف العشوائي وغير المجدي بفعل المحسوبيات الحزبية والمناطقية التي تدخل في عملية التوظيف.

8- يعاني القطاع من وجود ادارة تتسم بالبيروقراطية والروتين الاداري القاتل بسبب مركزية القرار وغياب الابداع والابتكار.

أبرز التوصيات والحلول لأزمة المياه في لبنان

1- تغيير النمط الاداري القائم من خلال العمل على توحيد سلطة القرار للحد من التضارب في الصلاحيات بين الادارات المعنية في القطاع المائي.

2- ادخال العنصر البشري الكفؤ الى مراكز القرار في الادارة من اجل خلق فرص اكبر لنجاح تطبيق الخطط الموضوعة.

3- توفير الدعم المادي الكافي لهذا القطاع إما من خلال قروض مدعومة او من خلال اعتماد سياسة الخصخصة.

4- اصدار قانون واضح يحاسب بشكل صارم كل اشكال التعديات والاستغلال العشوائي للمياه بفرعيها السطحي والجوفي.

5- اصدار قانون صارم يمنع كل اشكال التلوث المفتعل مع تصدير محاضر ضبط ومحاسبة فورية لجميع المخالفين.

6- مشاريع السدود الواردة في الخطة العشرية وتأمين كل الاعتمادات اللازمة لها ومنع كل اشكال التدخلات السياسية في اعمال تنفيذها.

7- العمل على اعادة استعمال المياه المبتذلة في عملية الري بعد تكريرها بشكل كيميائي وعلمي.

8- ترشيد استخدام مصادر المياه للتقليل من كلفة الطاقة المستعملة في عملية الضخ.

9- ادارة المياه بمفهوم جديد يعتمد الادارة المتكاملة التي تنظم عمل جميع المؤسسات المائية بنفس الطريقة.

10- اعتماد تقنيات الري الحديثة مثل التنقيط والرش وذلك بهدف ضبط الهدر الكبير في استعمال المياه.

الثروة المائية نعمة اقتصادية كبرى موجودة في لبنان يمكن استغلالها في عدة مجالات وخصوصًا في مجال توليد الطاقة الكهربائية وفي امداد القطاع الزراعي بمياه الري مما يساهم في تطويره، ولكن مع الأسف شأنها شأن كل مقدرات البلد المهملة وغير المستغلة بفعل غياب الادارة الرشيدة وبفعل التناقضات السياسية التي دمرت كل خيرات الوطن.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات