آراء وتحليلات
"بايدن الضعيف".. كيف يواجه شبح ترامب والحرب الأهلية؟
سركيس ابوزيد
الرئيس الأميركي جو بايدن ليس في وضع جيد. تخضع صحته لمتابعة ومراقبة دائمة، ويعاني من تراجع التأييد الشعبي في البلاد وداخل حزبه الديمقراطي الذي يمر في حالة انقسام داخلي. وإذا وضعنا جانبًا السياسة الخارجية التي لم تتضح كفاية بعد، فإن السياسات والخطط الداخلية تبدو مطوّقة، حيث يخيمّ على إدارته هاجس الانتخابات النصفية في الكونغرس العام المقبل، ويسيطر عليه أيضًا هاجس الانتخابات الرئاسية عام 2024 التي قرر الترشح اليها لقطع الطريق على طموحات نائبته كامالا هارس، في وقت يبدي الرئيس السابق دونالد ترامب رغبته أيضًا في الترشح مجددًا والعودة الى البيت الأبيض.
تحظى صحة بايدن باهتمام كبير بسبب تقدمه في السن (79 عامًا)، ويواجه انتقادات الجمهوريين الذين استغلوا ما يزعمون أنه تدهور قدراته العقلية والبدنية. وخلال حملة عام 2020، أثار الرئيس دونالد ترامب مرارًا أسئلة حول لياقة بايدن للمنصب، وأطلق عليه لقب "سليبي جو".
لا يعاني بايدن من مشاكل صحية، ولكنه يعاني من تدهور حاد في شعبيته إثر سلسلة من القرارات الخارجية ومشاكل السياسة الداخلية التي يواجهها حاليًا في الكونغرس. وأظهر آخر اإستطلاع للرأي لـ"أسوشييتد برس" بالتعاون مع مركز "نورك" للأبحاث أن 50 في المئة فقط من الأميركيين يوافقون على أداء بايدن مقابل 49 في المئة من الذين يعارضون أداءه في البيت الأبيض. وتظهر هذه الأرقام تراجعًا كبيرًا في شعبيته.
أرقام غير مطمئنة للبيت الأبيض وللديمقراطيين، إذ إنها تأتي في وقت يعاني فيه الحزب من انقسامات حادة عرقلت أجندة بايدن الداخلية والوعود الانتخابية التي تعهد بها للأميركيين. الحزب الديمقراطي كفيل بعرقلة نفسه بنفسه، في ظل الانشقاقات العميقة بين شقيه التقدمي والمعتدل.
وفيما تعود أسباب هذا التدهور في شعبية الرئيس إلى أسباب مختلفة بدءًا من فيروس كورونا مرورًا بالانسحاب من أفغانستان وأزمة الغواصات مع فرنسا ووصولًا إلى أجندته الداخلية، إلا أن أرقام الاستطلاع أظهرت بوضوح امتعاض الأميركيين من تعامله مع الاقتصاد.
في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي، فاز المرشح الجمهوري بمركز حاكم ولاية فرجينيا، التي فيها تقليديًا أكثرية ديمقراطية، أي من حزب الرئيس جو بايدن. كما أن المرشح الديمقراطي في ولاية نيو جيرسي لم يتمكن من الفوز إلا بنسبة ضئيلة جدًا، يضُاف الى ذلك أن بعض أعضاء المجالس التشريعية من الحزب الديمقراطي خسروا مقاعدهم لصالح أعضاء من الحزب الجمهوري، وأحد أبرز الأعضاء الجمهوريين الذين فازوا في المجلس التشريعي لولاية نيوجيرسي، هو سائق شاحنة تمكن من إزاحة رئيس مجلس الشيوخ الديمقراطي الذي يحتل هذا المركز منذ مدة طويلة في هذه الولاية.
هذه النتائج غير السارة للرئيس بايدن وللحزب الديمقراطي عامة ستكون لها تداعيات على الصعيدين الداخلي والخارجي. من هنا، فإن من أولى تداعيات هذه الانتخابات زيادة احتمال ترشح ترامب للرئاسة عام 2024، وربما انتصاره.
كما أن الفوز النسبي الذي حققه الحزب الجمهوري في هذه المرحلة، من شأنه أن يعطي الحزب زخمًا وتشجيعًا في الانتخابات العامة التشريعية التي ستجري في شهر تشرين الثاني من العام المقبل، وليس مستحيلًا أن يتمكن هذا الحزب من السيطرة على مجلس النواب الذي يتمتع فيه الديمقراطيون حاليًا بأكثرية ضئيلة، ومن السيطرة أيضًا على مجلس الشيوخ، حيث هنالك حاليًا تساوٍ في عدد الأعضاء بين الحزبين، والصوت الراجح تحدده نائبة الرئيس الأميركي التي هي الرئيس الفعلي لمجلس الشيوخ، ما يعني أنه، في حال خسر الديمقراطيون مقعدًا واحدًا في الانتخابات المقبلة، وهذا أمر محتمل في ظل الظروف الراهنة، فإن برامج الرئيس بايدن ستتعرّض لمزيد من العرقلة، ما سيؤدي الى صعوبة كبرى لإعادة انتخابه عام 2024، أو لإيصال رئيس من الحزب الديمقراطي إذا قرّر بايدن عدم الترشح. عوامل عدة برزت أخيرًا أثارت التساؤلات عما يحدث بين الرئيس ونائبته في ظل تقارير مترافقة مع انتقادات علنية لأدائها السياسي إلى جانب الرئيس.
وكانت هناك توقعات مختلفة متنامية لدور هاريس، ويرجع ذلك أساسًا لانتخابها الاستثنائي، بصفتها أول امرأة، وأول شخص أسود، وأول أميركية من أصول آسيوية، وسنها الصغيرة نسبيًا، واحتمال أن تمثل الوجه الجديد في الحزب الديمقراطي. غير أن تراجع شعبية بايدن كانت من بين الأسباب التي قادت بعضهم للاعتقاد بأن هاريس في طريقها للعب دور أكبر. وتحدثت تقارير إخبارية عدة، في عدد من وسائل الإعلام الأميركية، عن وجود توترات في البيت الأبيض، ما أدى إلى التعتيم على هاريس في كثير من المناسبات، فضلًا عن عدم مشاركتها في أحداث أساسية، على الرغم من مساهمتها في الترويج لأجندة بايدن لإصلاح البنية التحتية والاجتماعية والمناخية، بقيمة تجاوزت 3 تريليونات دولار.
وفي المقابل، هناك من يتحدث عن أن تقييمًا عميقًا أجراه بايدن مع كبار مساعديه، حول حظوظه مقابل حظوظ هاريس في مواجهة احتمال ترشح الرئيس السابق دونالد ترامب الذي بات مسيطرًا ليس فقط على قاعدة الجمهوريين، بل على قيادات الحزب وكوادره، الأمر الذي قد يجعل من هاريس لقمة سائغة في مواجهته. وطالت المراجعة أيضًا حظوظ هاريس، حتى داخل الحزب الديمقراطي نفسه، إذ يشكك كثير من الخبراء في قدرتها على الحصول على إجماع من قاعدته، في ظل تنامي "الشعبوية اليسارية" والعنصرية المموّهة، وخلافاتها أيضًا مع ليبراليي الحزب ووسطييه.
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يرفض القبول بنتيجة الانتخابات، يبدي أيضًا رغبة في الترشح مجددًا للبيت الأبيض، ما فتح الباب أمام مخاوف تكريس الانقسامات والتوترات وحالة عدم الاستقرار في المجتمع الأميركي وداخل المؤسسة السياسية الأميركية.
من جهة أخرى يسعى ترامب ( 79 عاما) لضمان الفوز في 2024 مهما كانت الوسيلة اللازمة لتحقيق ذلك. وهناك كتابات كثيرة تتحدث عن أفول أميركا وموتها. وفي كل الحالات الامبراطورية الاميركية في تراجع متسارع.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024