آراء وتحليلات
شبح انقطاع الانترنت في لبنان يخيّم: ما هي المخاطر والانعكاسات؟
د. محمود جباعي
يشاع في الفترة الأخيرة أن خدمة الانترنت والاتصالات سوف تتوقف تدريجيًا في لبنان بسبب عدم تسديد المصرف المركزي الفواتير المتوجبة عليه بالدولار الأميركي للجهات المعنية، مما شكل صدمة كبيرة للبنانيين الذين لم يعد ينقصهم سوى انفصالهم عن الشبكة العنكبوتية لكي يكتمل مشهد الذل والدمار الذي يعيشونه على مختلف الصعد. ورغم نفي مدير عام أوجيرو عماد كردية هذه الاشاعات إلا أننا في لبنان تعودنا في الفترة الأخيرة أن لا دخان من دون نار وأن كل ما يشاع من كوارث سوف يحصل لا محالة كما حصل في موضوع الدعم والدولار والدواء وعدة مواضيع أخرى مما يجعل تخوف اللبنانيين مشروعًا بعد اعتماد هذه السلطة كل أساليب الإفقار دون رحمة أو هوادة. والأخطر من ذلك هو التأثير السلبي لانقطاع الانترنت على الاستثمار والاقتصاد مما ينذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية ويبعد فرص الحل التي ينتظرها الشعب اللبناني.
انقطاع الانترنت يدمر ما تبقى من استثمار
بمجرد الحديث عن فصل لبنان عن الشبكة العنكبوتية حصلت بلبلة عامة في أوساط المواطنين مما أثر سلبًا في القطاعات الاقتصادية في البلاد علمًا أن الانترنت يعد شريان الحياة للاستثمارات الاقتصادية كافة فضلاً عن أنه يشكل الوسيلة الأسهل للتواصل بين المواطنين اللبنانيين على اختلاف أعمارهم وفئاتهم.
وفي حال انقطع الانترنت سوف تحصل مشاكل اقتصادية ومالية هائلة نذكر أبرزها:
1- توقف الهواتف المحمولة عن العمل مما يزيد من خسائر قطاع الاتصالات في لبنان.
2- ارتفاع كلفة الانتاج في معظم المؤسسات بسبب توقف خدمات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
3- خسائر كبيرة لشركات التسويق عبر الانترنت أو ما يعرف بالبيع اون لاين.
4- توقف خدمات تحويل الأموال من الخارج مما سيساهم في تفاقم أزمة الدولار وكذلك حرمان شريحة واسعة من اللبنانيين من التحويلات الخارجية التي تسندهم في الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد.
5- اقفال العديد من الاستثمارات والمشاريع مما سيرفع من نسبة الانكماش الاقتصادي الذي وصل مؤخراً الى حدود 25% .
6- خسائر مالية ضخمة لكل القطاعات في البلد من دون استثناء تصل الى مليارات الدولارات مما سيزيد الازمة تعقيداً.
7- توقف المعاملات البنكية مما سيدفع المصارف الى ايجاد بدائل أعلى كلفة عليها وعلى العملاء.
8- توقف خدمات الحجز "أون لاين" في الاماكن السياحية وفي حركة الملاحة الجوية.
اذاً أي تفكير في فصل لبنان عن الشبكة العنكبوتية يصب فقط في مصلحة تدمير البلاد والقضاء على أي فرصة لها لمواجهة الازمات الخانقة المتلاحقة علمًا أن كلفة التشغيل مقدور عليها. لذلك فإن بث هذه الشائعات هدفها ممارسة المزيد من الضغوطات النفسية والعملية على المواطنين اللبنانيين وهذا ما نضعه ضمن حملة الحصار التي باتت تتحول من شكل غير معلن الى شكل معلن مع ازدياد رقعتها مما يطرح العديد من الأسئلة حول الجهات المعنية في الداخل التي تسعى الى الحاق أكبر ضرر ممكن بكل ما هو حيوي في هذه البلاد.
لذلك ونظرًا الى خطورة الأمر يجب أن لا يمر موضوع الحديث عن فصل الانترنت وتوقف الاتصالات مرور الكرام لأن من أصدر هذه الاشاعة اليوم قد يسعى مستقبلاً الى استعمالها كورقة ضغط على لبنان من أجل تحقيق مكاسب سياسية داخلية تتماهى مع بعض المشاريع الخارجية المعدة مسبقًا للبنان من أجل الضغط عليه وجعله تحت الأمر الواقع لارغامه على قبول تسويات ليست لصالحه بل لصالح من يضغطون عليه خدمةً لمشاريع مشبوهة ترسم للبنان والمنطقة ككل على حد سواء.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024