معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

هل تلبي الشعوب العربية والإسلامية  نداء الفصائل الفلسطينية؟
14/04/2022

هل تلبي الشعوب العربية والإسلامية نداء الفصائل الفلسطينية؟

إيهاب شوقي

مرة أخرى نرى حتمية العودة للحديث عن الرأي العام العربي والإسلامي ووزنه وتأثيره، ولا سيما ونحن مقبلون على مرحلة حاسمة يتحدد على أثرها مستقبل المنطقة والإقليم ومستقبل النظام العالمي ككل.

ومما يزيد من حتمية هذا الحديث، هو بيان الفصائل الفلسطينية الذي توجّهت فيه إلى جماهير الأمتين العربية والإسلامية وعلمائها وأحرار العالم وجميع الأحزاب الحرة، بالدعوة إلى أوسع تحرك شعبي ضد الاحتلال وسياساته، بما في ذلك التظاهر أمام سفارات العدو وحلفائه.

ولا شك أن الشعب الفلسطيني لم يضبط متلبسا بتهاون أو تفريط، بل على العكس فقد أثبت بطولة وصمودا أسطوريين، بمن فيه فلسطينيو 48 والذين راهن العدو دوما على تخليهم عن فلسطينيتهم وعروبتهم بالتقادم واندماجهم مع المغتصبين تحت عنوان واحد مزعوم هو "الشعب الاسرائيلي".

إلا أن الشعوب العربية وبشكل تدريجي ومؤسف تخلت عن الزخم والضغط والوزن الكبير لحركتها في معادلة صناعة القرار الرسمي العربي وكذلك في معادلة الحد من استباحة العدو للقضية ومحاولات تصفيتها.

وبالطبع لا نستطيع التعميم، فهناك شعوب محور المقاومة التي لم تفقد حماستها ولا حميتها ولا فرحتها المتمثلة في الاحتفاء بعمليات المقاومة، ولا غضبها مع كل انتهاك وقتل يمارسهما العدو، وهي مشاهد مشرفة أصحابها هم اللبنانيون والسوريون واليمنيون، إلى جانب الشعبين الجزائري والتونسي، لكن الأغلبية الكبيرة للشعب العربي، هي الغائب الحاضر في هذه المعادلة.

ولا نملك القول إن الشعوب فقدت هويتها أو انحرفت ثوابتها أو أنها باعت القضية وخانتها، ولكن نستطيع القول دون مجازفات تحليلية، أنها فقدت قدرتها على الفعل والاحتجاج والحركة.

فهناك إشارات هامة تقول إن الشعوب تحتفظ بغضبها وثوابتها، مثل بروز أجيال شابة من الرياضيين الذين يرفضون التطبيع ويعلنون تضامنهم مع الحقوق العربية، وهذه الأجيال تنتمي لبلدان قام بعضها بالتطبيع على المستويات الرسمية، إلا أن هذا الخذلان الرسمي لم يؤثر على فطرتها السوية.

والسؤال هنا، ما هو المانع من عودة الزخم الشعبي للتضامن مع القضية المركزية وقضايا المقاومة، وما هو الذي يخيف الأنظمة من هكذا تحركات طالما لا تعد احتجاجات لإسقاط الأنظمة أو المساس باستقرار وهيبة الدولة؟

لطالما كانت الاحتجاجات وفعاليات التضامن تقام في العواصم العربية رغم تفريط الأنظمة رسميا، بل كانت بعض الأنظمة تستغل هذا الضغط الشعبي سياسيا في إطار سياستها مع العدو حتى لا يستبيح القضية بشكل يمس بماء وجه هذه الأنظمة، فما هي المتغيرات التي طرأت لتحريم هذه الفعاليات؟!

الأسئلة هنا يمكن توجيهها للأنظمة وللنخب والقوى السياسية والشعوب بهذه الصيغ:

أسئلة للأنظمة: هل تخشون من غضب أمريكا والغرب؟ وهل يستطيعون لومكم على ترك المجال لحرية الرأي، وهم المنادون بالديمقراطية؟ وهل سيطلبون منكم قمع الرأي العام وهم يلومونكم ويبتزونكم بقضايا قمع الشعوب؟

أم تخشون من غضب الصهاينة وبالتالي تستمدون شرعيتكم وحمايتكم منهم بشكل مباشر؟

أم أنكم توحدتم وتوحدت مصالحكم مع الصهاينة وأصبح الاحتجاج عليهم هو احتجاج عليكم والمساس بهم مساسًا بكم؟

وأسئلة للنخب والقوى السياسية والشعوب: ما هو المتغير الذي طرأ لتتخلوا عن دعم الشعب الفلسطيني وقضيته، وقد كنتم دوما سباقين لتأييده وتنظيم الاحتجاجات وفعاليات النصرة للقضية، رغم أن المرحلة الراهنة هي أصعب المراحل وأكثرها حاجة لجهودكم وتضامنكم؟

هل حاولتم تنظيم فعاليات وتم رفضها من الأنظمة؟ وهل حاولتم الخروج وتم قمعكم؟ أم فقدتم أي قدرة على مجرد التفكير في تنظيم أي احتجاج حتى لو كان بعيدا عن توريطكم مع السلطات الحاكمة في أي اشتباك أو احتكاك؟

هل لعلاقات الكثير من القوى السياسية بالخليج والغرب تأثير على نوعية القضايا المسموح لكم بتبنيها؟ وهل أصبحت القضية الفلسطينية في عداد المحرمات والخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها؟

هل أصبحت قضايا الديمقراطية الغربية فقط هي المحرك للاحتجاجات؟ وهل الأوضاع الاقتصادية فقط هي المنذر بانفجار بركان الشعوب وهو ما يعني غيابا تاما لقضايا الكرامة والاستقلال الوطنيين وحذفهما من القاموس الشعبي؟

لا شك أننا أمام أسئلة شائكة تعكس أوضاعا عربية وإسلامية غير مسبوقة، ومن المؤسف أن يتزامن هذا الوهن مع وصول العدو لوهن غير مسبوق وأزمة وجودية حقيقية، وهي مفارقة تاريخية محزنة.

الرهان هو بالأساس على المقاومة ومحورها وعلى الشعب الفلسطيني وصموده، ولكن يبقى كذلك ودوما على صحوة شعبية عربية وإسلامية تعوض غياب الأنظمة التي ربما كره الله انبعاثها والتي ربما لو خرجت ما زادت المقاومة إلا خبالا بتركيباتها الفاسدة المرتهنة.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات