آراء وتحليلات
أميركا وتدريب عناصر العمليات الخاصة.. ما هي الأهداف القادمة؟
ايهاب شوقي
لاقت سياسة واشنطن في تدريب عناصر العمليات الخاصة من العراق وأفغانستان إلى الصومال وأوكرانيا رواجا ومباركة في معهد واشنطن، باعتبارها حققت نتائج أكثر تأثيراً بكثير من تعزيز القوات التقليدية. وهذه المباركة أرفقت بتوصية بانخراط عملي أمريكي أكثر في هذا المجال.
في التفاصيل، يدلل معهد واشنطن على نجاح هذه السياسة الأمريكية، بأنه في الأسابيع الأولى من العملية الروسية في أوكرانيا، توجّهت قافلة عسكرية روسية بطول 64 كم نحو كييف قادمةً من الشمال. ولكن سرعان ما توقفت هذه القافلة بفضل جهود قوات العمليات الخاصة الأوكرانية إلى حد كبير. وتحت جناح الظلام، نصب ثلاثون من عناصر العمليات الخاصة، برفقة طائرات مسيرة للمراقبة والقصف، كميناً للقافلة من ناحية الأمام والجانبين، مما منع المركبات الأمامية من التقدّم وأرغمها على التوقف. واضطرت القافلة إلى البقاء في مكانها لمدة ليلتيْن إضافيتيْن، وتعرض المزيد من المركبات للتدمير وشُلّت حركتها. وبفضل ضربات مماثلة، اضطلعت قوات العمليات الخاصة الأوكرانية بدور بارز في عكس اتجاه التقدم الروسي.
وكانت قوات العمليات الخاصة الأوكرانية من بين أكبر المستفيدين من "مساعدة قوات الأمن" التي قدمتها الولايات المتحدة في أوكرانيا على مدى السنوات العديدة الماضية، في دليل على قدرة الولايات المتحدة على تدريب القوات الخاصة الشريكة.
ويخلص التقرير إلى نتيجة مفادها أنه، وفي حين كانت القوات النظامية في العراق والصومال وأفغانستان عاجزة أو متشرذمة أو مفككة كلياً في اللحظات الحرجة، إلّا أن قوات العمليات الخاصة في هذه البلدان التي تلقت تدريبات أميركية اتسمت بقدرتها على الصمود ومنعها في بعض الأحيان من تقدّم العدو.
وعندما نتأمل التحركات الميدانية، نرى أن الرئيس بايدن أمر بعودة قوات أمريكية إلى الصومال واقتصارها على بضع مئات وأعلن أنها لتدريب عناصر وليست للقتال، وهو ما يعطي وجاهة لسيناريو اعتماد هذه السياسة أمريكيا.
هذا يقودنا إلى الملف السوري ومحاولة استشراف بعض التحركات الأمريكية المريبة، وما يرافقها من تصريحات أكثر ريبة على لسان "الملك" الأردني.
ويمكننا مناقشة ذلك باختصار كما يلي:
1- في أواخر فبراير الماضي، حذّر المرشّح لمنصب القائد الأعلى للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط أعضاء مجلس الشيوخ من تداعيات خطيرة على الشرق الأوسط، ولا سيما سوريا، فيما لو شنّت روسيا عملية عسكرية ضد أوكرانيا.
وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا خلال جلسة استماع للجنة الدفاع في مجلس الشيوخ بشأن ترشيحه، إن الولايات المتحدة تواجه حقبة جديدة من المنافسة الإستراتيجية مع الصين وروسيا لا تقتصر على منطقة جغرافية واحدة، مضيفًا: "بما أن الولايات المتحدة تعطي الأولوية للمنافسة مع الصين بحق، يجب أن نظل منخرطين في الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا".
ورداً على سؤال حول احتمال حدوث تداعيات في الشرق الأوسط لغزو روسي محتمل لأوكرانيا، قال كوريلا إنه يعتقد أنه يمكن أن يمتد إلى سوريا، حيث تمتلك روسيا بالفعل قاعدة عسكرية وقوات.
2- حذر العاهل الأردني عبد الله الثاني، من أن تملأ إيران و"وكلاؤها" الفراغ الذي ستتركه روسيا في الجنوب السوري، وما قد ينتج عنه من تصعيد لمشكلات محتملة على حدود بلاده، وفقا لقوله.
وفي مقابلة تلفزيونية ضمن برنامج "معهد هوفر" التابع لجامعة "ستانفورد" الأمريكية، ناقش العاهل الأردني العلاقات الأردنية - الأمريكية، ومنظور الأردن لأهم التحديات في الشرق الأوسط، وفرص التعاون الأردني مع دول المنطقة لتعزيز الأمن والاستقرار.
وأضاف أن "الوجود الروسي في الجنوب السوري كان مصدر تهدئة، وهذا الفراغ سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا".
وجاء حديث عبد الله بعد تقارير أفادت عن انسحاب وحدات عسكرية روسية من وسط وجنوب سوريا، على خلفية انشغال موسكو بالحرب في اوكرانيا.
3- على صعيد التنسيق الأمريكي الأردني، فمع وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، شهدت السياسة الخارجية الأميركية تحولًا كبيرًا تجاه المنطقة، وقد تُرجم ذلك فعليًا على عدة مستويات، خاصة التواجد العسكري في الشرق الأوسط، مستفيدة بذلك من شبكة علاقاتها تاريخية العميقة خاصة مع الأردن.
وقد بدأت القوات الامريكية العاملة ضمن منطقة عمليات القيادة المركزية منذ الاسبوع الأول من شهر حزيران 2021 إعادة انتشار وتموضع كبيرين لحوالي 65% من القوات البالغة 70 الف عسكري ضمن خطة اعادة انتشار تتلاءم مع الاستراتيجية العسكرية والسياسية القادمة، وشملت خطة إعادة الانتشار أفغانستان وقطر والخليج.
وشهدت الأردن بدء تفعيل الاتفاقية العسكرية الموقعة بين الولايات المتحدة والاردن في شباط 2021 والتي تقدم للقوات الأمريكية تسهيلات ضخمة في الاردن لمدة 15 عاماً منها تقديم 12 قاعدة جوية وبحرية في الاردن بشكل كامل و4 قواعد تستخدم للتدريب ولأغراض متعددة لتستعمل بشكل مشترك بين الجيشين الامريكي والاردني.
وتهدف أمريكا من ذلك وفقًا للتقارير العسكرية إلى التمكن من نقل الجنود والعتاد وبالتالي الاشغال السريع للقواعد المشمولة بالاتفاق والتي جرى تفعيلها بالتزامن مع إخلاء قواعد أخرى في أفغانستان والخليج.
وكذلك، الابتعاد قدر الامكان عن تأثير الصواريخ الايرانية في (الخليج - غرب العراق - شرق سوريا) في ظل الحديث المتزايد عن الضربات التي تتلقاها القوات العسكرية الأمريكية في قاعدة عين الأسد التي يبدو أن واشنطن ستخليها لاستحالة الدفاع عنها من الصواريخ والمسيرات التي تطلقها فصائل المقاومة العراقية.
وكذلك الحاجة لتأمين قدرة عسكرية أقوى لتعطيل الخط الواصل بين إيران والعراق وصولاً إلى سوريا ولبنان.
وتخلص تحليلات عسكرية رصينة، إلى أن الخطوات الأمريكية العسكرية في الاردن وإن كانت في مظهرها تبدو وكأنها خطوات دفاعية لتجميع بعض القوات الامريكية المنسحبة من أفغانستان وبعض دول الخليج إلا أنها خطوات تخفي نوايا عدائية ضد الوجود الايراني في محافظات دير الزور ودرعا والسويداء لأسباب ترتبط بأن اتجاه التجميع الأمريكي الأساسي في شمال الاردن هو الصحراء السورية والعراقية المجاورة.
فهل كانت تصريحات "الملك" الأردني مقدمة وتمهيدًا لتواجد قوات أمريكية لتدريب عناصر أو مرتزقة ضد الجيش العربي السوري وفصائل المقاومة؟
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024