آراء وتحليلات
السوريون يتفاعلون مع خطاب السيد نصر الله.. ويترقبون الصدى
دمشق ـ محمد عيد
لقي الخطاب الأخير لسماحة السيد حسن نصر الله صدى كبيراً في نفوس السوريين لا سيما وأن مضامينه جاءت عالية النبرة هذه المرة وتحمل وعيدا صريحاً للاحتلال، والأهم أنه محكوم بسقف زمني ينتظر بعده أن تلقي المقاومة حجراً كبيراً في المياه الراكدة، وتفتح الباب أمام حلول جذرية لا تشمل لبنان فقط بل تتعداه إلى سورية وبقية محور المقاومة. وهم إذ شرعوا في تحليل الخطاب والبناء عليه فإن الترقب يبقى سيد الموقف بانتظار ما تحمله الأسابيع القادمة.
موقف المقاومة
يرى عضو مجلس الشعب السوري مهند الحاج علي ان المقاومة اللبنانية اتخذت هذا الموقف المتقدم على لسان السيد حسن نصر الله بناء على عاملين اساسيين.
الاول هو ان هناك أصواتاً داخل الكتل السياسية اللبنانية متواطئة وعميلة للامريكي وتضغط على مؤسسة الرئاسة للتخلي عن حقوق لبنان الشرعية التي ينص عليها القانون الدولي واتفاقية البحار بخصوص الغاز البحري المكتشف حديثاً.
وفي حديث خاص بموقع " العهد" الاخباري أشار الحاج علي إلى أنه ولأجل ذلك لا بد للمقاومة من ان تتخذ هذا الموقف المتناغم مع رغبة الرئاسة اللبنانية من اجل تخفيف الضغط عليها من طرف وحسم الجدل السياسي الذي تفتعله بعض الأطراف الداخلية التي تدور في فلك السفارات الأجنبية من طرف آخر، لذلك كان لا بد من حسم الموقف "ولو تطلب الامر الدخول في حرب ، لان السيد قال وبصراحة ان الحرب اخف وطأة من الميوعة السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان".
وأضاف عضو مجلس الشعب السوري أن العامل الثاني يكمن في ان الولايات المتحدة تريد ان تطيل امد المفاوضات حول حقل كاريش، وتريد تمييع الموضوع وتأخيره لكي تتحسن الظروف السياسية الدولية والتي هي ليست بمصلحتها الآن، وخاصة مع الهزائم المتكررة في شرق اوروبا وأفول نجم الامبراطورية الامريكية، مشيراً إلى أن هذه الاجراءات بدأت من خلال تعيين وسيط صهيوني اكثر من الصهاينة انفسهم، واتخاذ الكيان الصهيوني، بعض الخطوات التي تناقض النية في التفاوض، وتتمثل في استقدام سفن يونانية خاصة بالتنقيب، واقتربت من حقل كاريش "المختلف عليه"، او دخلته فعلا.
"لذلك اتت رسالة المسيرات، وبعدها كلام السيد لتحسم هذا الوضع وتضع امريكا والاسرائيليين امام خيارات لا يمكن للكيان الآن ان يتحملها".
وشكك الحاج علي في قدرة الكيان الصهيوني فعلياً على خوض حرب اقليمية مع محور المقاومة على امتداده، وخاصة ان منطقة شرق المتوسط فيها اكتشافات غازية تتراوح بين ٧٠٠ مليار دولار الى خمسة تريليون دولار، مشيراً إلى أن هذه الاموال تفتح شهية الدول الاستعمارية على هذه المنطقة وعلى رأسها الكيان الصهيوني، المرشح حاليا لإنقاذ ازمة الطاقة الاوربية.
ودول المقاومة تعي اهمية قدراتها العسكرية والاقتصادية واهمية هذه المكتشفات، " لذلك لا بد من وضع النقاط على الحروف وحسم الموقف".
وشدد عضو مجلس الشعب السوري على أن محور المقاومة جاهز لصد اي عدوان عسكري امريكي او صهيوني بل وتحويل المعادلة برمتها من الردع غير المتكافئ الى التحرير وخاصة ان الكيان يعاني في داخله من ازمات سياسية كبرى افرزت قادة ليسوا على مستوى المؤسسين لهذا الكيان.
"فالإسرائليون يتخوفون من لابيد وخاصة انه مذيع تلفزيوني وليس كإيهود باراك او ارييل شارون او بنيامين نتنياهو، اي انه ليس من خلفية عسكرية وبالتالي لا يريدون تكرار تجربة ايهود اولمرت في الهزيمة امام المقاومة في ٢٠٠٦".
وأضاف أن الصهاينة غير قادرين على تعيين رئيس اركان لجيش الاحتلال او حتى مدير تنفيذي لشركة الكهرباء او معالجة المشاكل في مؤسسة الضمان الاجتماعي او ايجاد حل للخلاف حول رواتب المعلمين في داخل الكيان نتيجة الخلافات السياسية في اليمين واليسار والوسط الاسرائيلي.
الإعلام الصهيوني يشكك
عضو مجلس الشعب السوري أكد في حديثه لموقعنا أن الصحافة الاسرائيلية تتحدث كل يوم عن الشكوك في مدى قدرة ما يسمى بالقبة الحديدة او منظومات برق البحرية على صد صواريخ المقاومة او صواريخ يخنوت السورية الارض بحرية والتي تمتلكها المقاومة اللبنانية.
"بمعنى اخر هناك رعب من الحرب في اسرائيل والدليل على هذا رغبة الديمقراطيين في امريكا بطمأنة الجانب الصهيوني من خلال خلق ما يسمى ناتو اقليمي ضد الجمهورية الاسلامية في ايران، وكلام بايدين في مؤتمره الصحفي الاخير خير دليل على ذلك، حيث لم يأت بجديد ولم يخرج عن التطمينات العادية التي يطلقها اي رئيس امريكي، يزور الكيان الصهيوني".
ماذا عن الطرف الآخر؟
اما على الطرف الآخر فيشير الحاج علي إلى أن الجمهورية الاسلامية في ايران في اوج قوتها العسكرية وخاصة الصاروخية والفضائية، والجيش العربي السوري يملك منظومات دفاع جوي قادرة على ارباك طيران العدو، والمقاومة الاسلامية في لبنان قادرة على استهداف اي هدف صهيوني في داخل فلسطين المحتلة برا وبحراً.
لذلك وبسبب الظروف الدولية، وهزيمة امريكا في شرق اوربا اضافة الى الازمة الاقتصادية العالمية، لا يتوقع ان يقدم العدو على اشعال اي حرب في منطقة الشرق الاوسط ـ رغم ان الصهاينة بحاجتها ـ، لانها سوف تؤدي الى انهيار امريكا وزوال الكيان، وهذا الكلام مبني على حقائق ووقائع ميدانية ، وليس على العواطف.
واثبات السيادة الإقليمية في هذه المرحلة هو ضرورة سياسية لمحور المقاومة، وخاصة مع تغير موازين القوى العالمية.
"لا بد للمحور من ان يغرس قدميه في المنطقة، ومن هذه الاستراتيجية أتى كلام السيد حسن، ليتناغم مع سياسة محور المقاومة الذي هو في أعلى جهوزية لصد اي عدوان. ونذكر العدو انه اذا ما بدأ حرباً لن يستطيع احد دعمه كما السابق، لا امريكا ولا أوروبا".
ولفت الحاج علي إلى أن الكرة الآن في ملعب الأمريكيين متسائلا إن كانوا سيقدمون على دعم الكيان في حرب إقليمية "هو بحاجتها ولكنها قد تقود الى نهايته وقد تقود ايضاً الى صراع عالمي امريكا ليست جاهزة له الآن، ام انها تريد انقاذ لعبتها في شرق اوروبا بأقل الخسائر الممكنة لتنقذ هيبتها ".
وختم عضو مجلس الشعب السوري حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن "محور الشر" في شكل عام هو في اضيق خياراته، وما كلام السيد ووضعه جدولاً زمنيا، إلا تضييق لهذه الخيارات، "والتي اصبحت عبارة عن خيارين، اما نصر سياسي لمحور المقاومة او نصر عسكري، لا ثالث لهما".
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024