معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

محاولات تدشين مرحلة جديدة على هامش الـ"مونديال"
24/11/2022

محاولات تدشين مرحلة جديدة على هامش الـ"مونديال"

إيهاب شوقي

ونحن نعيش في أجواء كأس العالم لكرة القدم والتي لها شعبية كبرى في العالم، وانعكاسات سياسية تتخطى المجال الرياضي وتصل لآفاق أخرى أرحب في عالم الاقتصاد والسياسة، هناك مشاهد لا يجب أن تمر مرور الكرام دون تأمل ووقفات تحليلية، ومنها:

أولًا: ما سبق تنظيم البطولة في قطر، وما لحق بعد افتتاحيتها، بل حتى لحظات الافتتاح، لا يخلو كله من السياسة، فقد ترافق ملف الإسناد إلى قطر مع تراشقات سياسية، وحفلت وسائل الإعلام قبيل البطولة بشائعات عن عدم تنظيمها وأن روسيا ستستفيد من البطولة تارة، وأن إيران تعد لعمليات لإفساد البطولة تارة اخرى، فضلا عن العديد من المزاعم، ناهيك عن العمل على حرمان روسيا من المشاركة فيها.

كما كان مشهد تصدر ولي العهد السعودي منصة الافتتاح بجوار أمير قطر لافتًا، وكأنه نوع من اتقاء شر الحسد السعودي أو استرضاء السعودية قطريًا كنوع من فتح صفحة جديدة بالعلاقات.

ثانيًا: تم استثمار افتتاح المونديال ودعوة الرؤساء والملوك في عقد لقاءات سياسية وتدشين أحلاف جديدة فيما يبدو، حيث كان لافتًا أن مستوى التمثيل العربي كان أكبر من نظيره في القمة العربية، وأهم ما شهدته كواليس الافتتاح، عقد لقاء ومصافحة للمرة الأولى بين الرئيس المصري والرئيس التركي بتنظيم قطري مباشر، وهو إعلان صريح ونهائي بوفاة مخطط الربيع العربي والانتقال إلى مرحلة جديدة.

ثالثًا: تصريحات وزير الخارجية الأمريكي تطابقت مع تصريحات مشجعين صهاينة التقت بهم وسائل الإعلام الصهيونية، ومفاد التصريحات هو أن هناك شرق أوسط جديدًا يشهد التعايش والمقصود بالطبع هو التطبيع! علمًا أن غالبية المتواجدين من عرب رفضوا هذا التطبيع من خلال مقاطعة "اعلام العدو".

تتزامن هذه الأجواء السياسية التي تغطي على الأجواء الرياضية مع حالة دولية وإقليمية ملتهبة، تشهد مزيدًا من الحصار والعزلة والتضييق على روسيا وإيران ومحور المقاومة، رغم اعترافات أمريكية وصهيونية بصعوبة المواجهات المباشرة مع روسيا وإيران، حيث تزامنت تصريحات صهيونية وأمريكية من قادة عسكريين يمكن رصد أهمها في تصريحين:

الأول: اعتبر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" أهارون حاليفا، أن الاحتجاجات التي تهز إيران لا تشكل "خطرًا حقيقيًا' وأن إيران تواصل تقدمها في مشروعها النووي، وانتقد ما أسماه "الصمت الدولي" حيال ما وصفه بـ"الانتهاكات الإيرانية"، وقال إن الايرانيين يحرزون تقدمًا في البرنامج النووي دون أن يستفز ذلك غضب المجتمع الدولي، حسب تعبيره.

الثاني: تصريح رئيس هيئة الأركان المسلحة الأمريكية الجنرال مارك ميلي، والذي دعا من خلاله علنًا أوكرانيا للدخول في مفاوضات مع روسيا بشأن إنهاء الحرب، وقال ميلي: "قد يكون الوقت مناسبًا لأوكرانيا للتفاوض على حل سياسي للصراع مع روسيا، الأمر الذي سيتطلب بالتأكيد التنازل عن الأراضي".

هذه التصريحات الأمريكية والصهيونية تعني أن المساعدات لأوكرانيا ومحاولات زرع الفتن في إيران، لم تنجح، بل قوبلت بردود أفعال روسية وإيرانية فيها المزيد من التحدي، حيث أعلنت روسيا مضيها قدمًا في تعزيز أهدافها، كما رفعت إيران مستوى تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو، بنسبة 60%، ردًا على قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد البلاد.

وهو ما يعني أن الخيارات الأمريكية والصهيونية باتت محدودة، وتنحصر في محاولات فرض المزيد من العزلة والعقوبات، أو المجازفة بخيارات المواجهة المباشرة، وهو ما يمكن استبعاده بشكل كبير، حيث لا يتسق مع تصريحات القيادات العسكرية وهي الأكثر دراية وخبرة بموازين القوة.

ربما ما نراه من نهايات لمرحلة الربيع العربي بمصالحات وشيكة بين مصر وتركيا وقطر والسعودية سينعكس على الإقليم بتحالفات جديدة لها صلة مباشرة بالصراع الدولي، وربما تستثنى سوريا من ذلك لأن استهدافها لم يكن بسبب مخطط الربيع العربي وحده ولكن كان استهدافًا مزدوجًا يتعلق بانتمائها لمحور المقاومة ولعلاقاتها الخاصة بالروس، وهو ما يجعل منها لوحة تنشين (مهدافًا) من أمريكا ومعسكرها بتمايزاته ومحل اتفاق على عدائها واستهدافها بين فرقاء المعسكر الأمريكي من العرب والاتراك.

إن ما يتم تدبيره من مخططات جديدة ويتم استغلال مناخ كأس العالم لتسويقه لن تكون ضحيته سوريا أو محور المقاومة والذي لا تنفذ جعبته من الصمود والتحديات والمفاجآت.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات