معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

 حصاد 2022 في تونس: عام الأزمات السياسية والتحديات الاقتصادية
23/12/2022

 حصاد 2022 في تونس: عام الأزمات السياسية والتحديات الاقتصادية

تونس - عبير رضوان

عاشت تونس طوال هذا العام الموشك على الانصرام على وقع أحداث وتحولات هامة في خضم استمرار حالة الانقسام السياسي والأزمة الاقتصادية المستفحلة. فقد انطلق عام 2022 بتحفظات الاتحاد العام التونسي للشغل على خريطة الطريق الرئاسية في شهر كانون الثاني/ يناير.

كما شهدت الساحة السياسية التونسية جدلًا واسعًا حول خريطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد والتي تضمنت المراحل التي ستؤدي إلى نهاية الفترة الاستثنائية بعد قرابة العام من هذا التاريخ. فخلافًا لترحيب أنصار الرئيس سعيد بها أسوة ببعض الأطراف الخارجية، قوبلت هذه الخريطة بانتقادات من أطراف عديدة.
 
وتونس استقبلت عام 2022 في ظل أزمة اقتصادية اجتماعية وسياسية غير مسبوقة في تاريخها. فقد تعمقت الهوة، بين السلطة المركزية والطبقات الشعبية من جهة، وبين الأخيرة والنخب الحاكمة والمعارضة من جهة أخرى.

 كما أثار حل المجلس الأعلى للقضاء في شباط/ فبراير من عام 2022 جدلًا واسعًا بين الرفض والتأييد. وقد ازدادت الأزمة السياسية التونسية تعقيدًا بإعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن حل المجلس الأعلى للقضاء وإغلاق مقره بوجه أعضائه وموظفيه.

رفع قيود كورونا

في شباط/ فبراير الحدث الأهم في تونس كان رفع القيود المفروضة والعودة إلى عالم ما قبل كورونا مع قناعة مفادها أنه لا يمكن القضاء نهائيًا على "كوفيد-19" وأن التعايش معه أمر لا مفر منه.  فتونس انخرطت باكرًا في هذا الخيار، سواء مكرهة بفعل ظروفها الاقتصادية، أو طواعية مراعاة لظروف المواطنين ومصالحهم أو لقناعاتهم الخاصة الرافضة للتطعيم والحجر.  

2022 هو عام معركة استقلالية القضاء في تونس بامتياز، فقد كان الجدل محتدمًا في تونس بشأن مستقبل السلطة القضائية وتأثير جمع الرئيس قيس سعيد لجميع السلطات بيده على الديمقراطية الوليدة في البلاد، وذلك منذ أن حل المجلس الأعلى للقضاء بعد أن جمد البرلمان مع نهاية تموز/ يوليو. وازداد الجدل مع إعلان الرئيس عن تركيبة جديدة لمجلس مؤقت للقضاء ضم القضاة من دون غيرهم من الفاعلين في العمل القضائي ومنظومة العدالة على غرار المحامين.

مشروع دستور تونس الجديد

وتواصل الجدل في تونس حول مشروع الدستور الجديد بين رافض ومؤيد ومتحفظ. اختلف التونسيون حول تحديد شكل النظام السياسي الذي أقره مشروع الدستور الجديد، فأنصار الرئيس قيس سعيد من النخبة يرونه رئاسيًا ديمقراطيًا، فيما يراه آخرون رئاسيًا يكرس الاستبداد من جديد في تونس.

 حصاد 2022 في تونس: عام الأزمات السياسية والتحديات الاقتصادية

يوم 25 تموز/ يوليو كان حاسمًا، شهد توجّه التونسيين للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد الذي أقرّه رئيس الجمهورية قيس سعيد. وأصبح الدستور الجديد أمرًا واقعًا في تونس ودخل قريبًا حيز التطبيق رغم ما أثاره نصه والظروف التي حفت بوضعه والتصويت عليه من انتقادات وجدل واسع.
    
التوتر في العلاقات بين تونس وواشنطن
 
كما شهد هذا العام توترًا كبيرًا بين تونس والولايات المتحدة، وقد دعت منظمات وطنية إلى رفض تعيين جوي هود سفيرًا لأمريكا في تونس، وأكد البعض أن الضغوط تمارس على تونس لأنها ترفض أن تنخرط في المسار التطبيعي مع "إسرائيل".

المرسوم الانتخابي الجديد  

أثار المرسوم الانتخابي الجديد في تونس، والذي أصدره الرئيس قيس سعيد في غياب البرلمان، جدلًا واسعًا، بين المؤيدين لما جاء فيه جملة وتفصيلًا من جهة، والرافضين على إطلاقه من جهة أخرى. فيما برزت فئة ثالثة أثنت على بعض ما جاء في هذا المرسوم استجابة لمطالبات منظمات المجتمع المدني وبعض الأحزاب السياسية وكثير من الحقوقيين والإعلاميين والنشطاء المستقلين، وانتقدت البعض الآخر مما جاء فيه.

المرسوم 54

أثار المرسوم الصادر عن رئيس الجمهورية في تونس تحت عدد 54 لسنة 2022 والمؤرخ في 13 أيلول/ سبتمبر 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، انتقادات واسعة من قبل العديد من الأطراف خصوصًا تلك التي عرفت بنضالها الحقوقي في مختلف العهود.  
كما بدا للكثيرين أن هذا المرسوم يتعارض بشكل واضح وصريح مع الدستور التونسي الجديد الذي كتب بإشراف رئيس الجمهورية نفسه الذي أصدر هذا المرسوم، وخصوصًا الفصول 37 و38 و55.  

الاقتصاد التونسي وقرض صندوق النقد الدولي

عام 2022 شهد مدًا وجزرًا فيما يتعلق بعلاقة تونس مع صندوق النقد الدولي. وقد ربط الصندوق في البداية موافقته على القرض وعلى صرف قسطه الأول بتنظيم تونس للانتخابات التشريعية يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر، ووجود برلمان منتخب، ثم ربط القرض بإمضاء تونس على موازنتها المالية.

وللإشارة فإن صندوق النقد الدولي كان قد وافق على مستوى الخبراء على قرابة نصف المبلغ الذي طلبته تونس منه، ولم يقبل منح المبلغ المطلوب برمته والذي قدره 4 آلاف مليون دولار.  

كما شهدت تونس حدثين هامين وهما القمة اليابانية الافريقية تيكاد 8 والقمة الفرنكوفونية والتي اعتبرت بمثابة فك حصار خارجي للسلطة الحاكمة في تونس.   

يوم 17 كانون الأول / ديسمبر شهدت تونس اجراء الانتخابات التشريعية والتي سجلت أدنى نسبة مشاركة منذ الثورة بحوالي 11.1 بالمئة من الناخبين المسجلين. وأظهرت الانتخابات عمق الهوّة بين الشعب التونسي وبين الطبقة السياسية برمتها سواء الحاكمة او المعارضة.

وينتظر التونسيون العام القادم على أمل أن يفتح أفقًا حقيقيًا لحل الأزمة السياسية وانتهاء حالة الاستعصاء المسيطرة منذ عام ونصف على الوضع العام في البلاد.

صندوق النقد الدولي

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل