آراء وتحليلات
تقديرات الأمن القومي الاسرائيلي والتهديد الأكثر إلحاحًا على الكيان
شارل ابي نادر
من يتابع تقديرات واستنتاجات معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) كل عام، يجد أنها تتكرر تقريبًا بشكل كبير، لتظهر وكأنها هي نفسها كل عام، والمتغيّر فيها فقط يظهر من خلال إدخال بعض الوقائع والأحداث البارزة التي تحصل كل عام داخل فلسطين المحتلة أو في الاقليم والمنطقة.
صحيح أن الجامع المشترك في كل هذه التهديدات التي تركز عليها التقديرات السنوية لمعهد الأمن القومي الاسرائيلي يدور حول ثلاثيّ ثابت وهو: التهديد الفلسطيني من داخل الأراضي المحتلة، وتهديد حزب الله الحدودي مع فلسطين المحتلة، وتهديد ايران المباشر والقريب عبر دعمها لفصائل محور المقاوم، أو الاستراتيجي البعيد من خلال ما وصلت إليه في مسار الملف النووي، وصحيح أيضًا أن قدرات وتأثيرات هذا الثلاثي المهدد للكيان الصهيوني تتصاعد وتقوى عامًا بعد عام، ولكن..
اللافت والطارىء هذا العام هو دخول عامل خارجي دولي على خط هذه التهديدات ولو بطريقة غير مباشرة، وهو العلاقة المتقدمة جدًّا بين روسيا وايران، والتي هي بنفس الوقت متوترة أو نحو التوتر المتصاعد بين موسكو وبين "تل ابيب".
فكيف يمكن تحديد مستوى هذا التهديد وتأثيراته على موقع وموقف "إسرائيل" في هذه المواجهة مع محور المقاومة، وبالتحديد مع الثلاثي المهدد لها كما يراه معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي؟
لناحية التهديد الفلسطيني الداخلي على الكيان، تشير أغلب المعطيات الى تعاظمه لأسباب فلسطينية داخلية تتعلق بازدياد مستوى الوعي والثبات والالتزام بالمقاومة، أو لأسباب زيادة التأثيرات المتصاعدة للدعم الخارجي لهذه المقاومة، ومن كافة النواحي، فإن موقفًا روسيًا ضاغطًا على "اسرائيل" على الصعيد الدولي، سيكون له تأثيرات كبيرة في أروقة المؤسسات الدولية التي حتى ولو كانت دائمًا في مقارباتها حول القضية الفلسطينية أقرب إلى الجانب الإسرائيلي بضغوط أميركية، سيكون للصوت الروسي المعارض أو حتى المتحفظ على الاداء الصهيوني داخل فلسطين المحتلة بعد اليوم قدرة تأثير غير بسيطة فيها، وستشكل في مكان ما ارباكًا طارئًا لـ"اسرائيل" لم تعتده سابقًا.
لناحية تهديد حزب الله للأمن القومي الاسرائيلي وامكانية وجود رابط بينه وبين تطور العلاقة بين طهران وموسكو، طبعًا سيكون لهذه العلاقة تأثير إيجابي في مكان ما لمصلحة حزب الله ولو بطريقة غير مباشرة:
- أولًا: على الصعيد الديبلوماسي، حيث سيكون هناك تأثير لموقف موسكو المعارض - أو الذي سيكون بعد اليوم أكثر صراحة في معارضته - لحملة الاستهدافات الدولية ( الصهيونية - الاميركية) لحزب الله.
- ثانيًا: في الجانب العسكري، قد يكون هناك بعد اليوم إمكانية أوسع لحصول حزب الله على أسلحة نوعية متطورة روسية الصنع، يحتاجها الحزب لتقوية ترسانته الردعية من تلك التي كانت موسكو تتحفظ سابقًا على حصوله عليها، وهذا الأمر سيكون حتمًا في غير مصلحة "اسرائيل" لناحية رفع مستوى قدرات حزب الله كمصدر رئيسي يرفع من مستوى التهديدات في وجه الكيان، تبعًا لتقديرات معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي.
أخيرًا، يبقى التهديد الايراني لـ "اسرائيل" من خلال التقدم اللافت في العلاقة بين طهران وموسكو، هو بيت القصيد وموضع الخوف الكبير لدى "تل ابيب" وواشنطن طبعًا، فالتنسيق السياسي والعسكري والأمني المتصاعد بين الطرفين (روسيا وايران)، بالاضافة للاتفاقات الاقتصادية والمالية التي تتطور باسهاب ستخلق علاقة استراتيجية فوق العادية، بالاضافة لكونها ستتجاوز كل خطوط العلاقة التقليدية التي كانت تقيّد أو تحدد موقف وموقع روسيا من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين المحتلة، وستخلق حتمًا وضعية جديدة في هذا الموقف ربما لن تستطيع "اسرائيل" استيعابه ومواجهته.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024