آراء وتحليلات
بين المكاسب الفئوية والفوضى.. ماذا يَنتظر لبنان؟
د. زكريا حمودان
يقدم كل فريق سياسي في لبنان قراءة خاصة تتميز بنكهة تشبه طبيعة الواقع الذي نعيشه، ولكن ضمن غطاء وطني يصعب تصديقه، وعناوين فضفاضة يأتي بعضها في اطار المزايدات السياسية.
مقاربات الملف السياسي للكثير من القوى الفاعلة والمؤثرة تأتي في اطار تحقيق مكاسب غير مباشرة، لذلك عندما نجد أحدهم يتمسك بهدف ما، علينا أن نبحث عن المكسب، والذي قد يكون مكسبًا ماديًا، مذهبيًا، إداريًا، أو حتى خارجيًا.
وضعتنا الأزمة الحالية أمام واقع مرير، ففي خضمّ الانهيار المالي، تبحث معظم القوى عن المكاسب، وتتبلور على الشكل التالي:
المكسب المادي
رغم الانهيار المالي والاقتصادي، تعيش بعض القوى السياسية على نعمة السلطة التي تحقق لها الكثير من المداخيل والتنفيعات. وهنا لا بد أن ننظر إلى تحويل الاقتصاد اللبناني الى اقتصاد مدولر، ثم استكمال مسلسل الوكالات الحصرية والكارتيلات، وصولًا الى ابقاء المواطنين تحت رحمة أصحاب اشتراكات الكهرباء الذين يضاعفون حصصهم في كل لحظة من كل تنكة مازوت يتم ضخها في السوق.
مجموعة المكاسب هذه تصب جميعها في موازنات أحزاب سياسية بنسب مختلفة، فلماذا سيقدمون لنا الحلول؟
المكسب المذهبي
المكسب المذهبي هو من طبيعة النظام الطائفي، وهنا لا يمكن انكار هذا المكسب للكثير من القوى السياسية و"العائلات الطائفية" في لبنان. ففي السياسة تعتاش أحزاب سياسية على خلفيتها المذهبية، فتكون معاركها السياسية ذات عناوين طائفية وتحت ذريعة المحاصصة المفروضة.
وبحسب التجربة بالتزامن مع عدم التوازن في النظام الطائفي، يبقى المكسب المذهبي أحد المكاسب التي يلجأ اليها البعض كواحد من الخيارات الغوغائية للفوضى المقبلة.
المكسب الاداري
اداريًا ومنذ اتفاق الطائف كان المكسب الاداري واحدًا من المكاسب التي حققتها أحزاب متعددة من خلال التوظيف الذي وصل إلى قرابة ٣٣٪ من موازنة الدولة اللبنانية كرواتب وأجور لخدمة دولة غير منتجة. إضافة الى الرواتب والاجور، لا بد أن نتوقف عند التلزيمات العشوائية التي حصلت اداريًا منذ اتفاق الطائف الى يومنا هذا، والتي لم يوقفها دعاة مشاريع "بناء الدولة" أو "لبنان اولًا" أو أي عنوان فضفاض آخر، مقابل شراكة هذه القوى السياسية في تحقيق محاصصة شاملة.
المكسب الخارجي
خارجيًا، توجد قوى سياسية تعمل تحت مظلة سفارات خليجية وغربية كحزب "القوات اللبنانية"، بالاضافة الى مجموعات وشخصيات تعمل على القطعة مع الخارج. وهنا تشكل هذه التبعية احدى شرارات الفوضى التي يمكن أن يتم تحريكها بأي لحظة. وهنا نرى كيف تتحول هذه الأحزاب السياسية التي تدعي الوطنية إلى أدوات خارجية.
ما يحصل هو عبارة عن تقديم بعض القوى السياسية مصالحها الحزبية على المصلحة الوطنية، وهنا نتحدث عن تركيب مصالح جديدة داخل لبنان، مما يعني أننا أمام واقع خطير جدًا قد يسير بالبلد نحو الفوضى.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024