آراء وتحليلات
ملفات السياسة والامن والاقتصاد في زيارة عبد المهدي لطهران
بغداد ـ عادل الجبوري
رسائل مهمة عديدة، اطلقتها الزيارة الرسمية لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الى الجمهورية الاسلامية الايرانية مطلع الاسبوع الجاري، جاءت مكملة للرسائل التي اطلقتها زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني للعراق، في الحادي عشر من شهر اذار/ مارس الماضي.
اهم وابرز واوضح تلك الرسائل، هي ان العراق وايران بلدين جارين تربطهما علاقات وطيدة في شتى الصعد والمستويات والمجالات، وان التجاذبات الاقليمية والدولية حول مشاكل وازمات المنطقة، لايمكن ان تفرقهما، وان الاولوية في هذه العلاقات الوطيدة، تكون لمصالح شعبي البلدين، ولاستقرار وامن المنطقة.
ولا شك ان المصالح الوطنية لكلا الطرفين، تنعكس من خلال ما يتم التوصل الىه من اتفاقيات وتفاهمات، ولعل القدر الحاصل بهذا الخصوص، سواء خلال زيارة عبد المهدي لطهران، او زيارة روحاني لبغداد، او لكثير من الزيارات المتبادلة بمستويات مختلفة على امتداد الستة عشر عاما المنصرمة، يدفع الى الكثير من التفاؤل والاستبشار بالمستقبل.
والملفت ان مسار العلاقات بين بغداد وطهران يتحرك بكل عناونيه السياسية والاقتصادية والامنية بخطوط متوازية، لايوجد تقاطع فيما بينها، ولامساحة اهتمام بعنوان معين على حساب العناوين الاخرى، في ذات الوقت، الذي لاتغيب فيه القضايا الخلافية والنقاط العالقة عن مجمل الحوارات والنقاشات، وهذا امر طبيعي جدا، ويعبر عن افق ايجابي جديد.
وطبيعي ان ما يساعد على تعزيز وتقوية العلاقات العراقية ـ الايرانية، هو المواقف والتوجهات الايجابية لطهران حيال العراق، ودعمها له على طول الخط، وقد اشار عبد المهدي الى ذلك بقوله، "إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قدمت مساعدات كبيرة للعراق في مكافحة الإرهاب، وأسهمت في ارساء السلام والاستقرار، وان العراق وإيران يتمتعان بعلاقات تأريخية، ويقفان مع بعضمها لمواجهة التحديات، ونريد ان نجعل من علاقتنا المتطورة مع إيران قدوة لعلاقتنا مع دول المنطقة، وعازمون على الوقوف سوية ضد أي تهديد يستهدف البلدين أو أيا من دول المنطقة".
ومن خلال متابعة تفاصيل وجزئيات برنامج زيارة عبد المهدي، يبدو واضحا، ان الطرفين يحرصان على التقدم الى الامام بكل المجالات، ولعل المستوى النوعي والكمي للوفد المرافق لرئيس الوزراء العراقي، وقبل ذلك الوفد المرافق للرئيس الايراني، يؤشر بوضوح الى ان التفكير والتوجه يتمحور حول ايجاد حالة تكاملية في كل الملفات والقضايا التي تهم الطرفين، خصوصا وان المرحلة الراهنة تشجع كثيرا على استثمار الظروف الراهنة لانجاز خطوات مهمة وكبيرة.
وفي ذلك يشير رئيس تحرير صحيفة "الوفاق" الايرانية الصادر باللغة العربية، مصيب نعيمي، الى "ان الظروف الحالية مهيئة اكثر من أي وقت مضى لتوقيع الاتفاقيات وتنفيذها بين العراق وايران، خاصة ان التجربة التي خاضها البلدين في الفترة الأخيرة تعد تجربة جيدة، مع وجود إصرار شعبي واجتماعي بأن تكون العلاقات على أوسع نطاقاتها، وهي ابعد من علاقات الجوار بين أي بلدين جارين بما فيها من خصوصية".
وذات الرؤية في طهران، تتبناها الكثير من الاوساط والنخب والفاعليات السياسية والاعلامية والاكاديمية عن زيارة عبد المهدي وعن مجمل العلاقات العراقية ـ الايرانية، حيث ان هناك من يقول، "ان زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي للجمهورية الاسلامية الايرانية، تعد خطوة اخرى في مسيرة تعزيز وتقوية العلاقات بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والامنية والثقافية بين بغداد وطهران، وهي تنطوي على اهمية كبيرة في هذه المرحلة بالذات، من شأنها ان تساهم الى حد كبير في دفع مسيرة العلاقات بين البلدين الجارين خطوات كبيرة الى الامام، لاسيما وانها تأتي بعد وقت قصير من الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني للعراق، على رأس وفد حكومي رفيع المستوى".
وهناك من يرى في بغداد، ان قواسم مشتركة عديدة، ومساحات وافاق واسعة من المصالح المتبادلة بين بغداد وطهران تحتم عليهما التعاون والتواصل والتنسيق في كل المجالات والمستويات، فضلا عن التحديات والمخاطر المشتركة التي تواجههما، علما انه خلال الاعوام الستة عشر المنصرمة، قطعت العلاقات العراقية ـ الايرانية اشواطا طويلة، في مجالات الاقتصاد والامن والسياسة، ولاشك ان الدور الايراني في دعم ومساندة العراق كان واضحا وملموسا في كل المحطات والمنعطفات، وخصوصا حينما تعرض العراق للعدوان الداعشي التكفيري صيف عام2014.
إلى جانب ذلك، فأن هناك من يعتقد ان تنامي وتطوير العلاقات بين العراق وايران، يمكن ان يساهم الى حد كبير في تعزيز فرص الامن والاستقرار الاقليمي في المنطقة، حيث ان العراق في ظل سياساته الحالية قادر على الاضطلاع بدور ايجابي في التقريب بين الفرقاء الاقليميين وفقا لقاعدة التركيز على نقاط الالتقاء والنأي عن نقاط الافتراق، والتمحور حول المصالح المتبادلة والمشتركة بين كل الاطراف، والركون لحقائق الواقع.
ومن دون ادنى شك فأن قادة كل من العراق وايران يدركون ان استقرار بلديهما وتحقيق المزيد من الاستقرار الامني والازدهار الاقتصادي، يحتاج الى بيئة اقليمية مستقرة، تختفي وتضمحل فيها الصراعات السياسية، والحروب العسكرية، والفتن الطائفية، وتغلب الارادات الوطنية على الاجندات والمشاريع الخارجية، ويبدو ان العراق يرى انه قادر في هذه المرحلة على التخفيف من حدة التقاطعات والتشنجات والاحتقانات بين اطراف المنطقة، وما حراك عبد المهدي على القاهرة وطهران، وبعدها الرياض وانقرة وعواصم اخرى، وقبل ذلك حراك رئيس الجمهورية برهم صالح، الا تعزيزا وتكريسا لتلك الرؤية، التى متى ما لقيت اهتماما واذانا صاغية وتفاعلا وتجاوبا كما حصل في طهران والقاهرة، فأن صورة الواقع يمكن ان تكون افضل واجمل.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024