معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

الواقع المالي بين الرئاسة وحاكمية المصرف
18/05/2023

الواقع المالي بين الرئاسة وحاكمية المصرف

د. زكريا حمودان

تعيش الساحة اللبنانية حالة من التسارع بين انتخاب رئيس للجمهورية، وترتيب البيت الداخلي ماليًا في ظل الأزمة الكبيرة التي تضرب لبنان. فما هي العلاقة التي تربط الرئاسة بحاكمية المصرف؟ وأين أصبحت الحلول اليوم؟

رئاسة الجمهورية والواقع المالي!

تحرك ملف رئاسة الجمهورية مؤخرًا بعد أشهر من الجمود، لكن وبحسب المعطيات المتوفرة حتى الآن، لم يحصل أي خرق كبير يجعل عملية انتخاب الرئيس قريبة. المفارقة في الجهود المبذولة لانتخاب الرئيس هو غياب الواقع المالي عن المشهد، الأمر الذي يشير الى غياب الجدية عن الحلول المطروحة، فإذا انتُخبَ رئيس مثلًا دون أجندة مالية واضحة، فلا امكانية للتقدم، واذا ما تم وضع أجندة مالية ولم يُنتخب رئيس لتنفيذها، كذلك لن يحدث أي تقدم.

الفرضيتان أعلاه لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، كما لا يمكن فصلهما عن مواصفات الرئيس المقبل، وهنا لا بد والتنويه بالنقاط الأساسية التالية:

١- لا يمكن ربط خطة مالية مبنية على شروط صندوق النقد بمواصفات أحد الأسماء المطروحة طالما أن مشروع التوجه تجاه صندوق غير مقبول من مختلف اللبنانيين.
٢- لا يمكن الاتيان برئيس ذات مواصفات بعيدة عن حقيقة الازمة المالية وتشعباتها.
٣- لا يمكن طرح أسماء تعيش خارج الواقعية السياسية اللبنانية على مستوى الزمان والمكان، بالتالي هناك حاجة لشخصية تعرف مختلف القوى الاساسية وتعي التعاطي معها  بذهنية الجامع للقوى السياسية وليس العكس.
٤- وصول شخصية وطنية ذات رؤية حقيقية للواقع المالي، وهنا نعني المصرف المركزي، المصارف، المودعين، وزارة المالية، والوظيفة المالية الحقيقية للبنان.

حاكمية المصرف المركزي والواقع المالي

ما يمكن انتظاره على مضض بالنسبة لانتخاب رئيس للجمهورية لا يمكن تجاهله على مستوى حاكمية مصرف لبنان، فالرابط بين حاكمية المصرف والواقع المالي كبير جدًا، لا بل هو الأكبر على مستوى الأزمة الحالية.

تشير المعلومات المتوفرة الى أن حاكم مصرف لبنان يعمل على تسليم اللبنانيين عهدته على سعر صرف قريب من المئة ألف ليرة لكل دولار، لكن ما بعد التسليم ليس كما قبله بحسب ما تشير بعض التقديرات. أما أهم الأسباب فهي مدى قدرة استلام شخصية للمهام بشكل مؤقت، في وقتٍ تحتوي هذه المهام على مطبات قضائية - مالية كبيرة أهمها قدرة البديل على تبني عمل منصة صيرفة التي تسرق أموال المودعين والتي قد تلاحق المسؤول عن عملها قضائيًا.
 
كذلك على المستوى المالي، هل يستطيع أحد اليوم تبني حقبة مظلمة من تاريخ لبنان المالي الأسود؟ فالصندوق الأسود المتمثل برياض سلامة ما زالت أقفاله موصدة باتقان، فكيف يمكن لأي بديل أن يحمل كرة جمرٍ سوداء؟

في الخلاصة، الرابط بين الواقع المالي ورئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان كبير جدًا، ولا يمكننا المجازفة بادخال البلد في مغارة حاكمية المصرف المركزي لأن أبعادها خطيرة جدًا، كما لا يمكننا أن نطيل أمد الفراغ لأن واقعنا المالي مرتبط به بشكل مباشر ودقيق.

 

مصرف لبنان

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات