معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

مؤتمر برلمانات الجوار العراقي، خطوة صائبة بحاجة الى خطوات اخرى
22/04/2019

مؤتمر برلمانات الجوار العراقي، خطوة صائبة بحاجة الى خطوات اخرى

بغداد ـ عادل الجبوري
حتى الان، ربما يُعد مؤتمر برلمان دول الجوار العراقي، الذي احتضنته العاصمة العراقية بغداد، مطلع الاسبوع الجاري، الحدث الأهم خلال الشهور الاربعة الاولى من العام 2019، لأنه جاء في ظل ظروف واجواء ومناخات عراقية واقليمية مختلفة نوعا ما عن الفترات السابقة، ولأنه شهد طروحات ومواقف وتوجهات بدت هي الاخرى مختلفة، على وقع اختلاف الظروف والمناخات والاجواء في العراق والمنطقة.

النقطة المحورية والمهمة للغاية، هي ان مؤتمر برلمانات دول الجوار العراقي، جاء في ظل حراك سياسي ودبلوماسي متميز كما ونوعا بين العراق ومحيطه العربي والاقليمي، ساهم فيه كل من رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.

وكان لذلك الحراك، اثر كبير في بلورة وتنضيج التوجه والخطاب العراقي، ورؤية بغداد لمسار علاقاتها مع عواصم الاقليم والمنطقة، ورؤيتها في كيفية معالجة واحتواء المشاكل والازمات بين اطرافها.

بين طهران وانقرة والكويت ودمشق وعمّان والرياض، كان كبار الساسة والمسؤولين العراقيين، يبحثون ويناقشون والملفات والقضايا المختلفة، ويتوقفون عند نقاط الاختلاف ومواضع التقاطع، ومحطات الافتراق، ليطرحوا البدائل والخيارات الافضل، التي من شأنها، توسيع مساحات التفاهم، وفتح افاق الوفاق، والتمحور حول المصالح المتبادلة والقواسم المشتركة في ابعادها السياسية والامنية والاقتصادية والثقافية المتنوعة والمتعددة.

يتذكر الكثيرون، انه في ربيع عام 2012، استضافت بغداد القمة العربية العادية الثانية والعشرين، ورغم التحضيرات والاستعدادات السياسية واللوجيستية الكبيرة، الا ان عناصر الفشل طغت وتغلبت على عناصر النجاح، لان المناخ السياسي العراقي كان غير مهيأ لاحتضان مثل تلك الفعالية السياسية، حيث التقاطعات الحادة، والقطيعة شبه الكاملة مع بعض الاطراف العربية، والشد الطائفي، والتراشق الاعلامي والسياسي المتواصل، ناهيك عن المناخ العربي والاقليمي، الذي سادته الحروب والصراعات، وكل التداعيات السلبية لما اطلق عليه "ثورات الربيع العربي"، الى جانب الاجندات الخارجية، التي كانت تعمل على نظرية (صب المزيد من الزيت على نيران المنطقة).

ومن يدقق جيدا في مجمل مفردات الطرح والخطاب، يجد ان صورة القمة العربية في عام 2012، تختلف كثيرا عن صورة مؤتمر برلمان دول الجوار في عام 2019، علما ان بغداد في كلا الفعاليتين كانت هي الملتقى والمضيّف.

في عام 2012، بدلا من ان يحضر زعماء بعض الدول، حضر بدلا عنهم مسؤولين من الخط الثالث والرابع، وبدلا من تفتح الابواب لمن اوصدت في وجوههم قبل ذلك، اصر البعض على احكام اقفال مزاليقها امامهم، وبدلا من ان يصار الى تفكيك العقد وحلحلة المشكلات، تفاقمت الخلافات وتصاعدت الاختلافات، وغادر المشاركون وهم اكثر بعدا من قبل ان يأتوا.

وفي عام 2019، لم يتخلف عن تلبية الدعوة والحضور للمؤتمر، الا رئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني الدتور علي لاريجاني، والاسباب كانت واضحة ومبررة ومقنعة، ارتبطت بالكوارث الطبيعية التي تعرضت لها ايران مؤخرا، ومع ذلك كانت المشاركة الايرانية فاعلة ومهمة ومؤثرة.    
حضور الفرقاء العرب والاقليميين، وجلوسهم حول طاولة واحدة، يعد شيئا مهما، لم  يكن ليحدث لولا وجود جهد سياسي ودبلوماسي مثمر من بغداد، ومنطق عقلاني مقبول، كان لزاما على الجميع الاحتكام اليه.

وما اضفى اهمية على حضور كل المدعوين، هو حضور رئيس مجلس الشعب السوري، والقائه كلمة لقيت ارتياحا وترحيبا واضحا من قبل الوفود المشاركة، ولعل الحضور السوري في هذا المحفل، يمكن ان يكون خطوة اولى بأتجاه كسر المقاطعة العربية لدمشق، التي مازالت تتشبث بها دون جدوى، اطراف عربية قليلة جدا، في ذات الوقت، يعطي التعاطي الايجابي مع هذا الحضور، إشارة ضمنية الى الاعتراف والاقرار بالواقع السياسي السوري، والحقائق القائمة على الارض.

والنقطة الاخرى المهمة، تمثلت في تأكيد المشاركين بصورة واضحة وصريحة على فلسطينية القدس وسورية الجولان، وهذا ـ حتى وان كان نظريا ـ فأنه يؤشر الى قدر من الانسجام والتجانس في الموقف والخطاب بين قوى الاقليم الرئيسية والفاعلة والمؤثرة.
   
وذلك القدر من التجانس والانسجام في الموقف والخطاب، بدا واضحا في دعم ومساندة العراق، في محو كل اثار ومخلفات العدوان الداعشي، والحرص على عودته الكاملة الى محيطه الاقليمي والعربي.

وفي كل الاحوال، يبقى مؤتمر برلمانات دول الجوار العراقي، خطوة في الاتجاه الصحيح، بيد انها بحاجة الى ان تتعزز بخطوات اخرى، وبحاجة الى ترجم الاقوال الى افعال من بعض الاطراف، حتى تكون النتائج والمعطيات النهائية ايجابية ومثمرة للعراق وللجميع. 

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات