معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

توثيق للتعاون العسكري الروسي - الايراني.. وقلق أميركي متزايد
21/09/2023

توثيق للتعاون العسكري الروسي - الايراني.. وقلق أميركي متزايد

عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية

بينما يزور وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو طهران، برز إلى العلن تصريحًا لقائد القوات الجوية التاسعة وقائد التشكيل الجوي للقوات المشتركة في القيادة المركزية الأميركية في جنوب غرب آسيا الجنرال أليكسوس غرينكويتش الذي حذّر من أخطار العلاقات العسكرية المزدهرة بين إيران وروسيا، معتبرًا أن التعديلات الروسية على الطائرات بدون طيار الإيرانية قد تسهم في تعزيز قدرات الجمهورية الإسلامية.

وأوضح الجنرال الأميركي أن "هناك خطرًا في أن تتلقى روسيا الطائرات المسيّرة من إيران، ثم تقوم بتعديلها ومشاركة بعض هذه التكنولوجيا مع إيران، ما يمنح إيران قدرات إضافية". وتابع "من كان يظن أن روسيا ستحتاج إلى الذهاب إلى إيران للحصول على تلك القدرة العسكرية؟ ومع ذلك فقد حصل ذلك"، مؤكدًا "أرى أن تداعيات هذه العلاقة تتجلى بعض الشيء في سوريا". ولفت الى أنه "يشعر بالقلق حيال مستوى التعاون بين روسيا وإيران في سوريا"، مضيفًا "انه أمر نراقبه عن كثب، وهذه العلاقة المزدهرة تشكل بالنسبة لي مصدر قلق من الناحية العسكرية".

بدوره قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو من طهران إن "التعاون بين موسكو وطهران بلغ مستوى جديدًا، والحوار الثنائي يتطور بشكل مكثف". وتابع: "نهدف إلى تنفيذ مجموعة كاملة من أعمال التعاون المشترك رغم معارضة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. يظهر ضغط العقوبات على روسيا وإيران عدم جدواه، في حين أن التفاعل الروسي الإيراني يصل إلى مستوى جديد"، وأكد أن "الديناميكية العالية للاجتماعات تؤكد رغبة الطرفين بمواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية في قطاع الدفاع والتعاون العسكري".

وزير الدفاع الإيراني محمد رضا اشتاني شدد بدوره على أن "الوضع في العالم يتطوّر بشكلٍ يُحتّم على إيران وروسيا إنشاء تحالف دائم وقوي، وأنا واثق من أن تعاوننا سيؤدي إلى السلام والاستقرار في الساحة الدولية".

بالنظر الى تصريح الجنرال الأميركي وربطاً بما صرّح به كل من وزيري دفاع روسيا وايران تتجه الأمور الى مستوى مختلف بما يرتبط بطبيعة الصراع القائم الذي تدرك اميركا من خلال تطوراته أن مخاطر كبيرة وحقيقية تنشأ وستؤثر على مستوى نفوذها وهيمنتها في المنطقة وتاليًا في العالم. خصوصًا أن التعاون بين موسكو وطهران يتعدى التعاون العادي ويصل الى المنحى الإستراتيجي الذي سيؤدي الى تشكل نطاق جيوسياسي واسع سيعزز إضافة الى الجانب العسكري ممرات التجارة بين البلدين من خلال ممّر الشمال – الجنوب وتحديدًا عبر بحر قزوين.

على المستوى العسكري سينتج عن زيارة وزير الدفاع الروسي مجموعة من الإجراءات ترتبط برفع قدرات روسيا وايران من خلال تبادل الخبرات والتقنيات وهذا سيؤدي الى تكامل لسد النقص في بعض الجوانب لدى البلدين.

وفي الجانب العسكري أيضًا سيطال التعاون كافة قطاعات الجيشين، ولن يقتصر التعاون على تقديم روسيا للدعم العسكري بل سيتعداه الى تبادل للخبرات والتقنيات وخصوصًا الطائرات بدون طيار والتي تُعتبر ايران في مجالها من بين الدول المتقدمة كمًّا ونوعًا. وهو السلاح الذي يؤكد يومًا بعد يوم أنه قادر على تغيير أنماط واتجاهات الحرب الحديثة.

ومن المهم الإشارة إلى أنه في الوقت الذي يزور فيه وزير الدفاع الروسي طهران يتواجد قائد القوات البرية الإيرانية العميد كيومارس حيدري في موسكو، وأن لقاء بينه وبين قائد القوات البرية الروسية الجنرال اوليغ سولياكوف قد عقد في مقر قيادة القوات البرية الروسية. ومما قاله سولياكوف ويجب التركيز عليه إن "روسيا تعدّ إيران إحدى الدول الرئيسية في الشرق الأوسط، فهي شريك استراتيجي لروسيا، والحوار السياسي المكثف المستمر هو سمة مميزة للمرحلة الحالية من شراكتنا".

من خلال تصريحات المسؤولين الروس والإيرانيين تتجه العلاقات للارتقاء الى المستوى الإستراتيجي، وهذا التحوُّل سيكون بمثابة نقلة نوعية في الجانب العسكري يضاف الى المستوى الذي بلغه التعاون التجاري والإقتصادي عبر اتفاقيات سابقة. هذا التقدم سيُنتج وضعية جديدة في المجال الحيوي لأوراسيا ويعزّز الحضور الروسي في المحيط الهندي ويجعل من ايران شريكًا في المجال الحيوي لروسيا على تخوم أوروبا.

الكثير من التفاصيل في الجانب العسكري سيبحثها القادة والعلماء في روسيا وايران، ولكن بالتأكيد سيتم التركيز في المرحلة الأولى على تبادل الخبرة في تقنيات الحرب الحديثة والتي تشمل الطائرات المسيّرة والصواريخ بشكل أساسي. فمن المعروف أن ايران استطاعت الوصول إلى مستوى هام في مجال تطوير وتصنيع المسيرات والصواريخ الدقيقة والتي يمكن نقل تقنياتها الى روسيا مقابل تزويد روسيا لإيران بما تحتاجه من معدات في مجال المعركتين البرية والجوية خصوصًا طائرات التفوق الجوي سو-35 ودبابات المعركة الرئيسية ت – 90.

لا بد من التأكيد ختامًا أن القلق الأميركي في محله، فارتقاء التعاون بين روسيا وايران إلى مستويات استراتيجية سيساهم على المديين المتوسط والبعيد في انهاء النفوذ الأميركي في مناطق غرب آسيا وآسيا الوسطى والمحيط الهندي.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل