آراء وتحليلات
لماذا قسمت فنزويلا العالم؟
نضال حمادة
في مشهد يذكر بسنوات الحرب الباردة شهد العالم إنقساما بين امريكا ومعها الغرب من جهة وروسيا والصين وايران وتركيا وكوبا من جهة أخرى في مواجهة باردة على خلفية الإنقلاب العسكري الفاشل الذي دبرته امريكا في فنزويلا للإطاحة بالرئيس الفنزولي المنتخب شرعيا نيكولاس مادورو.
وكما في سوريا بلغت المواجهة حول فنزويلا مرحلة كسر المحرمات ووصلت الى الصدام المسلح في الشارع فما هي الأسباب التي تجعل لفنزويلا هذه الأهمية وهذا الموقع العالميين؟
تمتلك فنزويلا أحتياطات ضخمة من النفط تفوق إحتياطات المملكة العربية السعودية وبالتالي فهي منذ عقود محط اطماع الولايات المتحدة الأمريكية ومركز اهتمام الشركات الأمريكية التي عملت دوما على أن تكون فنزويلا تحت وصاية وسيطرة أمريكا، وتكمن المشكلة في النفط الفنزويلي انه من النوع الثقيل الذي يحتاج إلى تقنيات عالية وتكاليف كبيرة لتكريره وبالتالي تمسك الشركات الأمريكية بمفاتيح عملية إنتاج النفط كونها تمتلك التقنيات العالي اللازمة لتكرير هذا النوع من النفط فضلا عن إمكانياتها المادية الكبيرة التي تجعلها في موقع القادر على تمويل عملية الإنتاج وعملية الشراء للنفط الفنزويلي الذي يشكل 90 بالمائة من صادرات فنزويلا.
شكلت سنوات حكم هوغو شافيز والتي امتدت من العقد الأخير من القرن الماضي حتى نهاية العقد الأول من القرن الحالي تغييرا كبيرا في تاريخ فنزويلا فالجندي الذي اصبح رئيسا حول فنزويلا من بلد تابع لأمريكا الى بلد رأس حربة في مواجهة النفوذ والسيطرة الأمريكية حول العالم وفي امريكا اللاتينية تحديداوقام بتقديم الدعم الكبير للكثير من الدول التي كانت هدفا للإدارة الأمريكية خصوصا كوبا كما قدم دعما للبرازيل خلال سنوات حكم لولا دا سيلفيا و قدم الدعم المادي ليبوليفيا وكانت له مواقف كبيرة مع محور المقاومة خصوصا في العام 2006 عندما طرد سفير الكيان الإسرائيلي، وفتح ابواب فنزويلا لروسيا والصين اللتان تقفان حاليا بشكل اساس في وجه محاولات أمريكا إسقاط خليفة شافيز الرئيس الحالي نيكولاس مادورو.
تزامن توقيت وفاة شافيز وتنصيب مادورو مكانه مع هبوط حاد في أسعار النفط العالمية شكلت عامل تراجع كبير في ميزانيات الدول المصدرة للنفط وصلت تاثيراتها الى السعودية بينما كان الحال في فنزويلا كارثي بسبب ما ذكرناه من تركيبة النفط وتكاليف إنتاجه العالية واعتماد البلد على تصدير النفط لتامين احتياطاته النقدية، وربما كان لغياب شافيز السريع وعدم قدرة مادورو على ملئ مكانة شافيز الكاريزمي وصاحب التاريخ النضالي الذي يحظى بالرصيد الكبير لدى الشعب الفنزويلي ولدى شعوب العالم تاثيرا كبيرا في وصول الأمور الى هذا الحد خصوصا مع تصاعد الضغوط الإقتصادية الأمريكية وعملية الحصار المنفذة على إنتاج وتصدير النفط الفنزويلي ما أدى الى تضخم كبير في الإقتصاد الفنزويلي وتراجع ضخم في واردات الدولة التي أسست نظام توزيع حصص غذائية للطبقات.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024