آراء وتحليلات
حسابات "بيدر" غزّة والمحور أربكت "حقل" جبهة العدو
د. زكريا حمودان
دخلت حكومة بنيامين نتنياهو معركة اجتياح غزّة بأهدافٍ واضحة متمثلة في اجتثاث حركة المقاومة حماس وإنهاء حكمها واستعادة الأسرى الاسرائيليين، بحيث كان من المفترض أن يتم ذلك خلال أيام بحسب حسابات حكومة العدوّ ومراكز دراساته وتقديراته العسكرية.
كانت آلة القتل تسير من دون توقف. هستيريا الجريمة تخطذت جميع الحسابات التي يمكن أن نتوقعها على مدى أكثر من ٧٥ عامًا سواء من مستوطن كان يسعى أن يكون شريكًا في أرضٍ سرقها من أهلها وبات اليوم يسعى لإنهاء حتّى وجود أصحاب هذه الأرض، أو من دول غربية وعربية لديها مصالح استراتيجية في ديمومة الكيان المحتل.
سقوط مشاريع استراتيجية بعد معركة طوفان الأقصى
أربكت حسابات "تل ابيب" الضيقة حسابات واشنطن الواسعة، فتحول اجتثاث حركة حماس إلى مشروع لحكومة نتنياهو، في المقابل وجدت واشنطن أن مصالحها في المنطقة مهدّدة بعدما بدأت النيران تُفتح على قواعدها في سوريا والعراق، وتتطور بشكل تدريجي بالتزامن مع عمليات اغتيال تودي بالمنطقة إلى أبعد مما هو متوقع.
كما سقطت حسابات دول الخليج تجاه مشاريع التطبيع بعدما وجدت أنها مكبلة بين خيانة الأمة والتحكم بثرواتها الهائلة بالتزامن مع خيانة القضية الفلسطينية والتنازل عنها بعد التطبيع السياسي والاقتصادي والرياضي وغيره.
جميع الحسابات الإسرائيلية أربكت الحلفاء الذين اعتبروا أنفسهم يستندون على ركيزة استراتيجية تقصف من أعالي السماء لتقتل الأطفال والنساء والشيوخ محرجةً هذه الدول التي باتت تعتبر نفسها في عزلة دولية - إنسانية إلى جانب الكيان بسبب الصورة التي تخرج من غزّة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يصعب على الغرب التحكم بها أو حجبها.
القوّة العسكرية الصهيونية انكسرت فكسرت حلفاؤها
ضُربت هيبة جيش العدوّ الصهيوني الذي كان من المفترض أنه أقوى جيوش المنطقة. وكان اللاهثون خلفه يعتبرون أنفسهم أنهم يوقّعون معاهدات أمان وحماية، فوجدوا أنفسهم يقعون في مستنقع الولايات المتحدة الأميركية الباحثة عن حلول لابقاء الكيان في المنطقة ضمن بيئة يريدونها أن تكون حاضنة.
لقد دمرت "اسرائيل" غزّة وقتلت الأطفال وارتكبت المجازر، لكن القوّة العسكرية الصهيونية خسرت في مختلف الجبهات على الشكل التالي:
١ - لم تستطع "اسرائيل" ضبط ايقاع المعركة في جنوب لبنان بحسب توقيتها، بل هي مضطرة اليوم للسير حسب توقيت المقاومة التي شكلت قوة ردع منعت جيش العدوّ من قصف وتدمير كلّ ما يراه أمامه كما اعتاد سابقًا أو كما يفعل في غزّة الآن.
٢ - لم يستطع جيش العدوّ تثبيت قواته البرّية داخل قطاع غزّة، مما يؤكد أنَّه لم يحسم المعركة، وأنه بعد أكثر من ثلاثة أشهر قد انزلق في مستنقع استنزاف داخل القطاع.
٣ - عودة معركة المياه الدافئة إلى الواجهة بعدما تحرك أنصار الله في اليمن وضربوا مشاريع استراتيجية ضخمة وخلطوا أوراق الملاحة في المنطقة والعالم من خلال فرض منع السفن الاسرائيلية وتلك المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من العبور عبر البحر الاحمر.
كل ما يحصل في المنطقة اليوم يؤكد بأنَّ حقل السياسة لم يلتقي مع حصاد نتنياهو الذي أربك حكومته، والولايات المتحدة الأميركية، والمطبعين الجدد، والسائرون على طريق التطبيع، ووضعهم في مأزق انقاذ "اسرائيل" من مستنقع غزّة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024