آراء وتحليلات
على خطى أميركا بريطانيا توسّط الصين لوقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر
إسماعيل المحاقري
تعطلت البوصلة الأميركية في البحر الأحمر، وتاهت القوات الغربية المتحالفة لحماية كيان العدوّ الصهيوني. ورغم الجرعات اليمنية المتكرّرة لضرب السفن النفطية والبوارج الحربية البريطانية إلا أن بريطانيا أضاعت الطريق ولم تهتد بنجوم السماء من مسيرات وصواريخ يمنية مضيئة لتستنقذ ما تبقى لها من هيبة في سواحل اليمن وشواطئه.
القوات البحرية اليمنية أعلنت في جديد عملياتها عن استهداف السفينة البريطانية النفطية "بولوكس" بعدد من الصواريخ البحرية، والإصابة وفق متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع كانت دقيقة بفضل الله وتأييده.
عدد الصواريخ الكبيرة في تنفيذ العملية يفند ادعاءات أميركا بتقويض القدرات اليمنية وتدمير أجهزة الرصد والرادارات. ودقة الإصابة ليست محل جدل أو تشكيك مع إعلان شركة أمبري البريطانية للشحن البحري، أن الناقلة "إم تي بولوكس" المستهدفة شمال غرب ميناء المخا والمملوكة لشركة ""أوشن فرونت ماري تايم كو" وتشغلها "سي تريد مارين" تعرضت لأضرار بفعل الهجوم اليمني دون وقوع أي إصابات في الطاقم.
بيان الشركة البريطانية يؤكد مرة أخرى فاعلية وتأثير الضربات اليمنية وفشل مهمّة التحالف البحري المزعوم بقيادة أميركا ومشاركة بريطانيا في حماية سفنهم وبوارجهم الحربية دونما الإسرائيلية.
العملية أيضًا تعكس الجهوزية التامة، وحالة التأهب غير المسبوقة للقوات المسلحة على الصعيد البحري لتجسيد وترسيخ تضامن الشعب اليمني العملي مع غزّة، ومقاومتها الباسلة، وتفعيل الدور المحوري في منع الملاحة الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي وكلّ ما يرتبط بها ويدعمها.
في التوقيت تأتي العملية البحرية بعد ساعات من إعادة تصنيف واشنطن من تسميهم "الحوثيين" في لائحة "الجماعات الإرهابية"، وهي رسالة تحدٍّ واضحة وتعبير حقيقي عن استعداد اليمن لتوسيع عملياته البحرية في ظلّ التلويح الأميركي بالورقة الإنسانية من بوابة الإرهاب حتّى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزّة.
المعادلات في البحر لم تعد كما كانت في السابق، وما من وسيلة أميركية وبريطانية لفرض قواعد الاشتباك التي تخدم المصلحة الإسرائيلية، وتوفّر الحماية للكيان الغاصب، والخسائر كذلك لم تعد حصرًا على الاقتصاد الإسرائيلي بعد تعطل موانئ العدو وعرقلة إمداداته التجارية، من مضيق باب المندب الاستراتيجي، فالبريطاني أيضًا يدفع ضريبة الاصطفاف مع الأميركي والتورط في جرائم حرب الإبادة الصهيونية في غزّة بخسائر مباشرة وجهود دبلوماسية مضنية لاحتواء الأزمة التي تكبر يومًا بعد آخر.
وعلى خطى أميركا اتجهت المملكة المتحدة لطلب الوساطة الصينية لوقف العمليات البحرية، إذ قال وزير الخارجية البريطاني لنظيره الصيني وانغ يي في مؤتمر ميونيخ للأمن إن على بكين استخدام نفوذها على إيران للضغط على اليمن لوقف الهجمات في البحر الأحمر.
استدعاء إيران لا يقلل من تأثير اليمن إقليميًّا بإمكاناته وقدراته، ولا يلغي حقيقة الفشل الأميركي البريطاني في مواجهة دولة واحدة من محور الجهاد والمقاومة، يفترض بعد تسع سنوات من الحرب عليها والتآمر الإقليمي الدولي أن تكون مرتعا للقوات الأميركية وحائط صد عن كيان العدوّ الصهيوني.
الاستراتيجية الأميركية الداعمة لهذا الكيان في هذه المرحلة تقوم على ثلاث ركائز:
الركيزة الأولى: تقديم الدعم العسكري والسياسي والمالي للكيان الإسرائيلي لاستكمال جرائم الحرب في غزّة. وجديد هذا الدعم تقديم حزمة جديدة من المال تقدر بـ ١٤ مليار دولار ومزيد من الأسلحة والذخائر.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تستعد لإرسال قنابل وغيرها من الأسلحة إلى "إسرائيل" لتعزيز ترسانتها العسكرية، وهذا يناقض مزاعم الحرص الأميركي على وقف إطلاق النار.
الركيزة الثانية: تتمثل في المساعي الأميركية لتوريط ألمانيا ومزيد من الدول الغربية كبريطانيا وغيرها لتحقيق الردع المفقود وتخفيف كلفة وتبعات مواقفها العدوانية في اليمن والعراق وسورية.
الركيزة الثالثة: تتمثل في ممارسة البيت الأبيض الضغوط السياسية لتخذيل الأنظمة العربية والإسلامية عن نصرة غزّة وإجبار أنظمة العمالة والخيانة على المشاركة في خدمة الصهيونية العالمية بتهيئة أراضيها وتسخير قدراتها لمنع الهجمات على الأراضي المحتلة وفتح اجوائها وحدودها لكسر الحصار البحري الذي يفرضه اليمن على كيان العدو.
الاستراتيجية الأميركية بركائزها الثلاث فشلت في استفراد العدوّ بغزّة وتحقيق الأهداف الصهيونية المعلنة، مع تصاعد زخم العمليات اللبنانية ونجاح اليمن في مهمته بفضل الله، ولن تنجح أي استراتيجية أخرى تغفل ضرورة وقف جرائم حرب الإبادة في غزّة وإدخال المواد الإغاثية والطبية لأهالي القطاع المحاصر.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024