آراء وتحليلات
ملامح خطة ثلاثية لمعسكر العدوان الصهيو أميركي
إيهاب شوقي
لا شك أن وفاة الطيار في الجيش الأميركي رون بوشنل البالغ من العمر 25 عامًا بعد أن أشعل النار في نفسه خارج سفارة "إسرائيل" في واشنطن، تشكّل ضربة كبرى عامة للدعاوى الأميركية الفارغة التي تحاول الخداع والتجمل بأن أميركا داعية سلام وديمقراطية في العالم.
كما أن ما أعلنه الفقيد الشريف بوشنل، يشكّل ضربة خاصة للسلوك الأميركي بشأن غزّة وما تبع طوفان الأقصى من جرائم حرب وإبادة جماعية، حيث أعلن أنه "لن يكون متواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية"، وهو فضح لتواطؤ بل ولقيادة أميركا للجريمة والإشراف عليها.
وربما في لحظات القتال في المعارك الوجودية قد لا يكون الرأي العام ووضوح الحق من الباطل هو المؤثر الرئيسي على سير المعركة، ولكن وعلى المدى الطويل والاستراتيجي فإن أميركا تفقد قوتها الناعمة التي تاجرت بها، ناهيك عن سقوط الكيان الصهيوني ودعاويه التاريخية التي بنى عليها دولته كشعب مضطهد يذهب لأرض ميعاد رباني، حيث سقطت دعاوى الاضطهاد والعلاقة مع الاله تحت وطأة الجرائم المرتكبة.
هنا نحن أمام نصر استراتيجي للشعب الفلسطيني الذي لا تستطيع قوة مهما بلغت أن تبيده، ونصر للمقاومة الصامدة أمام أعتى الجيوش وأكثرها تطوّرًا، وسط غطاء سياسي قانوني ودولي يفقد القانون والسياسة أي مضمون اخلاقي وإنساني، وهذا النصر ينتظر الإعلان عندما يتم وقف إطلاق النار وعدم رضوخ المقاومة لشروط العدوّ وإفشال الأهداف التي أعلن العدوّ عنها بالقضاء على المقاومة.
كما أننا أمام خسارة استراتيجية للكيان ولأميركا، وهما يعلمان ذلك وبالتالي هم في حالة شلل في الخيارات، يتمثل في عدم القدرة على التراجع وعدم القدرة على اتّخاذ قرار المواجهة الشاملة.
وبالتالي تنحصر رهانات العدوّ الصهيو أميركي في حشد أقصى مدى من التواطؤ والخيانة العربية لتركيع المقاومة ومحاولة خلق أمر واقع مفاده حصار المقاومة بين مطرقة العدوان وسندان الخيانة والتخاذل.
هذه الرهانات نلمح ظلالها في ما يلي:
1 - محاولات تلميع السلطة الفلسطينية والإيحاء بتجديد دمائها، وهي وصية أميركية مفضوحة أوصت بها مراكز الفكر الاستراتيجية الأميركية، وذلك لإقناع الشعب الفلسطيني بها كبديل لحماس وفصائل المقاومة.
2 - الضغط على النظام الرسمي العربي للصمت عن التهجير كفزاعة كبرى حتّى يكون انتزاع التنازلات من المقاومة أمرًا ممكنًا كبديل لخيار كابوسي أكبر هو التهجير.
3 - الوصول لحافة الهاوية مع جبهات الإسناد في محور المقاومة وتحديدًا في لبنان واليمن.
هذه الخطة الثلاثية الصهيو أميركية باتت واضحة ومكشوفة، ولا يفسدها إلا صمود المحور المقاوم وشجاعة وحكمة وحنكة المقاومة في لبنان واليمن والوصول مع العدوّ لحافة الهاوية والجهوزية التامة للوصول لأقصى المديات بما فيها المواجهة الشاملة.
ليس أمام أميركا و"إسرائيل" إلا الاعتراف والإيمان بأن المقاومة عصية على الاستسلام والتنازلات وبالتالي إما التراجع أو الإقدام على تجربة المواجهة الشاملة.
أما الأنظمة الرسمية التي ارتضت أن تكون مطية للاستعمار وعرابة لأهدافه فيجب أن تعلم أن المواجهات الكبرى لو حدثت فستكون أولى ضحاياها ولعلّ أميركا ستكون أول من يضحي بها.
ولكن الدور الأكبر المفقود هو الدور الشعبي والذي يستطيع توفير الكثير من الضحايا والمواجهات لو انتفض ومارس دوره.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024