آراء وتحليلات
هجوم واسع النطاق على المدمرات الأميركية في البحر الأحمر
إسماعيل المحاقري
لا نية صهيونية ولا رغبة أميركية جادة لوقف جرائم حرب الإبادة الجماعية في غزّة. والجهود العسكرية لحماية أمن الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن مستمرة بل ومتصاعدة بمشاركة كثير من الدول الغربية.
وإذا كانت الولايات المتحدة قد نجحت بسلاح الفيتو في منع قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع المحاصر لأسباب إنسانية إلا أنها فشلت في فك الحصار عن كيان العدوّ الإسرائيلي وتقويض القدرات اليمنية التي تستهدف السفن الواصلة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة وكذلك السفن والمدمرات الأميركية والبريطانية.
وفي هجوم هو الأكبر من حيث عدد الطائرات المستخدمة أعلنت القوات المسلحة اليمنية السبت التاسع من شهر آذار/مارس عن تنفيذ عمليتين عسكريتين نوعيتين على سفينة ومدمرات أميركية في البحر الأحمر وخليج عدن بالصواريخ البحرية والطائرات المسيرة محققة الأهداف بنجاح.
وفي التفاصيل استهدفت العملية الأولى وفق بيان القوات المسلحة سفينة (بروبيل فورتشن) "PROPEL FORTUNE" الأميركية في خليج عدن بصواريخ بحرية مناسبة بينما استهدفت الأخرى مدمرات حربية أميركية في البحر الأحمر وخليج عدن بسبع وثلاثين طائرة مسيّرة.
بهذه العملية لا يؤكد اليمن استمرار عملياته حتّى يتوقف العدوان ويرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في غزّة وحسب، بل ويظهر بالفعل استعداده لتزخيمها وتكثيفها موجها في الوقت ذاته رسائل للأميركيين وحلفائهم بأن مخزون اليمن من القدرات الاستراتيجية لم يتأثر بالمئات من الاعتداءات التي تشارك فيها بريطانيا، ومن المفاجآت هناك الكثير كما يؤكد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي والتي يحتاج الكونجرس للحديث عنها بشكل مستفيض في جلساته السرية.
تعليقًا على ذلك وصفت القيادة المركزية الأميركية العمليتين النوعيتين في حجمهما وأهدافهما بالهجوم "واسع النطاق" في البحر الأحمر وخليج عدن والذي وقع بين الساعة الرابعة وحتّى السادسة والنصف صباحًا، زاعمة أن سفنها وطائرات تابعة لبحريتها أسقطت 15 طائرة مسيّرة كانت تشكّل تهديدًا وشيكًا للسفن التجارية والبحرية الأميركية وسفن التحالف في المنطقة حسب زعمها.
ما بين الادّعاء الأميركي والإعلان اليمني اثنتان وعشرون طائرة مسيّرة أحجمت القيادة المركزية عن ذكرها، ليس من باب الفشل في رصدها وعدها والشعور بلهيب نيرانها بل هو العجز الواضح عن التصدي لها واعتراضها لو افترضنا صحة إسقاط الأميركي لخمس عشرة طائرة لا سيما وأن أيًّا من حلفاء البيت الأبيض لم يخرج ببيان يزعم التصدي لهذا العدد الكبير من الطائرات.
في المدلول العسكري أيضًا يبدو ما يقدمه الأميركي ويروج له بشكل شبه يومي من تدمير للصواريخ البحرية ومنصاتها في سواحل اليمن والطائرات المسيرة قبل اقلاعها لضرب السفن المحظورة مجرد دعايات وإنجازات وهمية، لا أثر لها على أرض الميدان؛ فالاشتباكات المتكرّرة لساعات في البحر واستخدام 37 طائرة في قصف المدمرات الأميركية تؤكد أن اليد الطولى بفضل الله للبحرية اليمنية.
أوهام تدمير القدرات اليمنية تبخرت في البحر الأحمر وشعار حماية الملاحة الدولية فقد بريقه ولمعانه، ولم يعد ينطلي على أي دولة؛ فأميركا التي تغذّي حرب الإبادة في غزّة وتمنع دخول الغذاء والدواء لإنقاذ حياة مئات الآلاف من المدنيين أبعد ما تكون في شعاراتها الزائفة عن حماية الممرات المائية.
وعلى وقع العمليات في البحر أكد قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، أن المسيرات اليمنية من أكبر التهديدات التي تواجهها بلاده في المنطقة، مشددًا على أن اليمن يصنع الكثير منها ذات التوجيه الدقيق والمدى البعيد وهذا الأمر ولد قناعة في اروقة البنتاغون عن فشل استراتيجية بايدن العسكرية رغم استمرارها لخمسة أشهر وضرورة تفعيل الخيارات الاقتصادية والدبلوماسية والاستخباراتية لمنع التصعيد في البحر الأحمر.
وللمرة الأولى منذ بدء العدوان الأميركي البريطاني ضدّ اليمن، تتحدث واشنطن عن الحل السياسي لما يحدث في البحر الأحمر والحل الدولي للكثير من مشاكلها في الشرق الأوسط مع تأكيد البنتاغون أن الإدارة الأميركية لا تريد الانخراط في صراع طويل مع القوات المسلحة اليمنية.
في مقابل الخيبة الأميركية يتزايد القلق الصهيوني من تصاعد الضربات في البحر الأحمر إسنادا لغزّة، والحيرة تسيطر على صناع القرار في تل أبيب، وما من سبيل لمواجهة اتساع دائرة استهداف خطوط الامداد البحرية الإسرائيلية من وجهة نظر الاوساط الصهيونية سوى التشكيك في جدية الأميركيين بحربهم المعلنة والتهاون في مواجهة اليمن أملًا في زيادة التدخل.
يفتاح رونتال – قائد سابق لسلاح البر في جيش العدوّ - اعتبر أن الجبهة اليمنية هي جبهة نشطة على المستوى الإقليمي والعالمي، ضمن حرب متعددة الجبهات وذات سياقات إقليمية واضحة مشيرًا إلى أنه لا يستطيع أن يفهم كيف أن التحالف الكبير المؤلف من ثلاثين دولة لا يهاجم اليمن بقوة اكبر.
تحريض واضح مصحوب بالتشكيك في أداء البحرية الأميركية كنتيجة طبيعية عن الشعور الصهيوني بالعجز الكامل عن حماية جبهتهم الجنوبية، واستمرار الحصار البحري بنفس الفاعلية والتأثير قبل وبعد التورط الأميركي ومعه البريطاني في الاعتداء على اليمن.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024