آراء وتحليلات
"الوعد الصادق" عزز معادلة الردع.. فما هي خيارات العدو؟
امتنعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن الرد على الاستهداف الإسرائيلي الأخير لقنصليتها في سورية بالأسلوب الذي رجَّحته الاستخبارات العسكرية المعادية. وكانت هذه الاستخبارات قد رجّحت أن يكون الرد عبر أحد حلفاء إيران أو من خلال إحدى ساحات محور المقاومة من دون بصمة إيرانية واضحة. لكن القيادة العليا الإيرانية أصرّت على أن يكون الرد انطلاقًا من الأراضي الإيرانية ضدّ كيان العدوّ، وهو ما فاجأ "إسرائيل" وأربك حساباتها.
هَدَفت إيران من خلال ردها إلى تعزيز قوّة الردع، وإحباط المعادلة التي حاولت "اسرائيل" إرساءها باغتيال قادة الحرس داخل القنصلية الإيرانية، بحيث تكرّس المسّ بأراضٍ سيادية للجمهورية الإسلامية، والنجاة بفعلتها من دون دفع أي أثمان. وحققت إيران من خلال أسلوب الرد، وآلياته، وأسلحته ومكانه، مكاسب متعددة في آن، يمكن الإشارة إليها وفق التالي:
- قدَّمت إيران عيِّنة للقادة الصهاينة حول طبيعة وحجم ردها على أي استهداف لاحق لأراضيها، انطلاقًا من أن ما شهدوه هو رد على استهداف القنصلية فقط، ولهم أن يتخيلوا كيف سيكون ردها لو هاجموا مباشرة الأراضي الإيرانية عسكريًا.
- نجحت إيران في التأسيس لمعادلة ردع، وهو أمر ستتضح معالمه مع مضيّ الوقت وبالممارسة العملية والمواقف الهادفة.
- نجحت إيران أيضًا بتحقيق أهدافها وإيصال رسائلها، من دون أن تدفع الطرفين الأميركي والإسرائيلي قهريًا لرد فوري يؤدي إلى التدحرج نحو حرب كبرى.
- سجلت إيران انتصارًا جديدًا في "معركة الارادات" مقابل الولايات المتحدة و"إسرائيل"، من خلال إصرارها على المضي بالردّ وفق ما ترتئيه رغم كلّ الضغوطات التي مورست عليها والعروضات التي قدمت لها، قبيل الرد وبعد العدوان على قنصليتها.
- وجهت إيران ضربة قاصمة إلى النظرية التي تروج لها "اسرائيل" بأن حضور الولايات المتحدة وتصديها، يردع إيران عن الرد تجنبًا لتدحرج الميدان مقابل الجيش الأميركي القادر على تهديد المنشآت الاستراتيجية لإيران.
- نجحت إيران في تحويل التهديد الذي مثّله الاعتداء على قنصليتها، إلى فرصة من أجل إعادة تشكيل المشهد الإقليمي وإرساء معادلات تُعمِّق مأزق كيان العدو.
- مع أن إيران لم تستخدم سوى جزء بسيط من قدراتها، إلا أنها نجحت في كشف محدودية قدرات كيان العدوّ الذي استنجد بالولايات المتحدة، فحضرت إلى جانب دول أخرى أيضًا لاعتراض المسيّرات والصواريخ في طريقها إلى فلسطين المحتلة.
وأمام ما سبق، سقطت هيبة العدوّ التي يسعى لترميمها منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، فما هي الخيارات المتبقية أمامه؟
نجحت إيران في وضع كيان العدوّ أمام خيارين استراتيجيين: إما الرد التناسبي عبر شن هجوم عسكري مباشر على إيران، أو الامتناع عن هذا الخيار والبحث عن خيارات بديلة.
في ما يتعلق بخيار الرد، حذرت الاستخبارات الأميركية كيان العدوّ من أن إيران سترد بموجات جديدة من الصواريخ والمسيّرات، وما لم يتم الإعلان عنه هو طبيعة وحجم الرد الذي سيكون أكبر بأضعاف مما شهدته الموجة الأولى منه.
أمّا في ما يتعلق بالخيار الثاني، فإن امتناع "اسرائيل" عن الرد التناسبي يعني التسليم بمعادلة الردع التي أرستها إيران، بأن المسّ بأراضيها وسيادتها أمر ممنوع، وسيقابله الرد المباشر من الأراضي الإيرانية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي حال تبنى كيان العدوّ أيًّا من الخيارات البديلة، الأمنية أو العسكرية ضدّ أي من أطراف محور المقاومة، فإن ذلك من شأنه تأكيد ارتداع "اسرائيل" عن الخيار العسكري المباشر ضدّ إيران، وعجزها عن إحداث تغيير في المعادلة التي أرستها إيران بالصواريخ والمسيّرات.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024