آراء وتحليلات
"يوم القدس" في زمن متغير
حميد رزق(*)
ذكرى يوم القدس هذا العام تأتي وقد اصبحت الأمة على مقربة من المسجد الاقصى بشكل فعلي وحقيقي وان كانت الصورة العامة ليست بالوضوح الكافي الذي يعكس حجم الإنجاز الذي حققه محور المقاومة في مواجهة المشروع الامريكي الصهيوني الوهابي.
تأتي مناسبة هذا العام 1440 - 2019 في ظل تحولات هامة في الشرق الأوسط طابعها التراجع الاستراتيجي للنفوذ الامريكي والانكسار العسكري والسياسي لأدوات الهيمنة الغربية في المنطقة لاسيما السعودية و"اسرائيل".
فاذا ما بدأنا بالكيان الصهيوني فقد تلقى الهزائم المتكررة أمام فصائل المقاومة في فلسطين وقطاع غزة على وجه الخصوص، وآخر جولات المواجهة بين المقاومة وجيش الاحتلال الذي رفع سقف أهدافه وتهديداته ضد حركات المقاومة قبل أن يرضخ رئيس وزراء العدو لمعادلة الردع التي احدثتها صواريخ حماس والجهاد الاسلامي وفي تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي قدم وزير حرب العدو استقالته احتجاجا على وقف اطلاق النار في غزة بعد تراجع حكومة بنيامين نتنياهو لدعوات التهدئة تحت ضغط صواريخ الردع الفلسطينية.
واذا صارت "اسرائيل" بهذا الضعف أمام المقاومة المحاصرة في الاراضي المحتلة فهي بكل تأكيد اكثر ضعفا وارباكا وعجزا امام حزب الله في لبنان الذي راكم من عوامل القوة اضعاف اضعاف ما كان عليه الحال خلال حرب تموز/ يوليو 2006.
وفي الدائرة الأوسع انطلقت تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للجمهورية الاسلامية في ايران وتوقع البعض ان واشنطن في طريقها فعلا الى اعلان الحرب العسكرية ضد طهران، وبعد انقشاع غبار الضجيج وصخب الرئيس الامريكي انجلت الحقيقة عن عجز امريكي حقيقي امام الجمهورية الاسلامية الايرانية ليعلن ساكن البيت الابيض في نهاية المطاف عبارات الغزل والتودد لإيران متمنيا إجراء حوار مباشر بل حتى اتصال هاتفي مع نظامها الاسلامي؛ واستمرت التصريحات الأمريكية في الهبوط خشية زيادة التوتر ودفع الامور الى الانفجار مع ايران وأذرعها العسكرية الضاربة.
في العراق وسوريا الأمر على ذات الشاكلة حيث يعاني المشروع الامريكي السعودي الصهيوني من الضعف والهزيمة ووصل الشهر الماضي وزير خارجية امريكا مايكل بومبيو الى العراق بصورة مستعجلة واستثنائية للبحث عن ضمانات من حكومة بغداد لعدم تعرض القواعد الأمريكية لهجمات من قبل فصائل المقاومة العراقية؛ وفي سوريا سقط المشروع التكفيري السعودي الأمريكي الإسرائيلي بشكل كبير ووضعت سوريا أقدامها في طريق التعافي من تبعات الحرب والدمار الذي استمر قرابة سبع سنوات برعاية أمريكية وهابية خليجية.
اما السعودية أهم مخالب الهيمنة الامريكية الصهيونية في المنطقة العربية فقد تراجعت بشكل واضح بل هزمت امام الشعب اليمني، وبعد خمس سنوات من الحرب والحصار سقطت الحسابات السعودية التي توهمت هزيمة اليمنيين في غضون اسابيع قليلة ليضطر النظام السعودي اخيرا للاعتراف بهزيمته والدعوة لعقد ثلاث قمم عربية واسلامية وخليجية بشكل متزامن في مكة المكرمة بغرض حشد الدعم واستجداء التعاطف بعدما كان نظام ال سعود يكتفي بصرف مواقف الحزم والعزم والتهديد والوعيد طوال الأعوام الماضية؛ وكان المشهد الاكثر إثارة للشفقة في مشهد القمم التي عقدتها السعودية في أقدس المدن لدى المسلمين هو ذلك المعرض الذي نظمته وزارة الدفاع السعودية لحطام عدد من القطع الحربية قالت انها مخلفات الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية التي تهدد أمن المملكة كما يزعم نظامها "الشائخ".
والخلاصة في ظل المعادلة السابقة والخيبة لامريكا واذرعها في الشرق الاوسط يأتي احياء يوم القدس العالمي هذا العام ليسجل الحضور الجماهيري الكبير والفاعل لحتمية المواحهة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي، ويعطي زخما اضافيا ينتصر للقضايا العربية العادلة وفي طليعتها القدس وفلسطين ولمن يمثل هذه القضية، ويتصدر النضال من اجل الانتصار لها وعلى رأس تلك الا طراف محور المقاومة الذي يتكون من ايران واليمن ولبنان وسوريا والعراق.
ملحوظة: وانا اكمل كتابة هذه السطور كنت استمع لكلمة السيد حسن نصر الله بمناسبة يوم القدس فكانت الخلاصة التي وردت على لسان الامين العام لحزب الله ذات المعادلة السابقة؛ لتكون النتيجة المرتقبة مطابقة لما قاله قائد الثورة الاسامية في ايران عندما قال في لقائه بفعاليات طلابية بطهران قبل ايام ان الاعوام القادمة ستشهد تحرير فلسطين وزوال الكيان الاسرائيلي.
(*) مدير البرامج السياسية في قناة المسيرة اليمنية
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024