عاشوراء 2024

آراء وتحليلات

كربلاء ومساندة المظلوم.. غزّة الميدان الحاضر
15/07/2024

كربلاء ومساندة المظلوم.. غزّة الميدان الحاضر

في إطلالة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله لمناسبة الليلة الخامسة من شهر المحرم وخطابه لمناسبة المجلس العاشورائي المركزي، والذي توافق مع اليوم 279 من الحرب الوحشية الجنونية التي يشنها العدو الصهيوني على شعب غزة الصابر الصامد، استبق تقدير سماحة السيد الرد الصهيوني الوحيد المتوقع من مباحثات التهدئة –أو الهدنة- وما سيقترفه هذا العدو من مجازر جديدة في غزة، والأخطر، ما ستمثله تلك الجرائم في وعي الصم البكم العمي من "المعتدلين" بالقياس الأميركي، أصحاب القواميس المتغرّبنة، وصيحاتهم التي ستسبق القنابل الصهيونية في محاولاتها البائسة لكسر إرادة المقاومة في غزة وخارج غزة.

السبت 13 تموز، نفذ العدو الصهيوني واحدة من أضخم جرائمه بحق فلسطين. مجزرة المواصي بغرب خان يونس كانت عملية قتل عمد ومقصود ومع سبق الإصرار، نفذت الطائرات الصهيونية من طراز "F-16" الأميركية 9 أحزمة نارية متتالية على مخيم للنازحين غرب المدينة المنكوبة، باستخدام قنابل زنة نصف طن، ثم جاءت أسراب من الطائرات الصهيونية المسيّرة، انتظرت حضور فرق الإسعاف وخروج الأهالي، لتتمم المهمة بقصف كامل للمربع الواقع في منطقة دوار النص، بالقرب من مسجد الإيمان، غرب مواصي خان يونس، وأعداد الشهداء حتى اللحظة تزيد عن 300 شخص، فضلًا عن مئات الجرحى والمفقودين تحت أنقاض القصف الرهيب، أو من تبخرت جثثهم جراء هذه القنابل الثقيلة.

من المنتظر أيضًا أن العدوان/ الإعلامي الثلاثي السعودي المصري الأردني يتجهز لبداية حملته الدنيئة، وبغير صدفة، فإن هذا اليوم قد شهد توحدهم تحت راية صهيون في بداية حرب تموز 2006، حين اجتمع ثلاثي الشر، عبدالله- مبارك- عبدالله، وأصدروا أقذر ما كتبت يد عربية في التاريخ المعاصر، حين حاولوا نسج شبهة الإدانة حول فكرة الجهاد والمقاومة، وادّعوا كذبًا وزورًا أن السلامة هي الابنة الشرعية للاستسلام للصهيوني والركوع أمام الأميركي. المشهد لم يختلف سوى في تغير اسمين من الثلاثي، بينما القلب الأسود واحد لا يتغير، وهو ليس قلباً مجرماً مشاركاً في الإثم، بل قلب شيطان يمقت الحق والحقيقة، وينزّه نفسه عن مواضع الطهر والشرف.

إذًا، فالمشهد لم يتغير والصراع لا يزال قائمًا، كربلاء بعد 1385 عامًا كاملة لا تزال ناشبة، تُقدم أبطالَها ومجاهديها وجرحاها، لا فرق في التواريخ أو الأماكن بين العراق أو جنوب لبنان أو غزة، لا فرق بين حرب تموز وطوفان الأقصى، هكذا نفهم فلسفة كربلاء، أو كما قال سيدنا الأمين: "حتى نكون جميعًا على وضوح وعلى بيّنة، ولا نؤخذ بالكلمات الرنّانة ‌‏وبالاصطلاحات المُضلّلة، حيث يجب أن نَبحث عن المضمون الحقيقي ونُعطي الاسم الحقيقي للمضمون ‌‏الحقيقي، السلام على الحسين(ع) الذي أعطانا هذه الروح وهذه الثقافة وهذا الفكر وهذا الأمل وهذا النفس ‏وهذا الإحساس ‏وهذه المشاعر".‏

استكمل الأمين تشريحه الوافي وربطه الفائق لصراع اليوم مع العدو الصهيوني، بصراعنا الدائم والمستمر مع الظلم والطغيان، فقال "اليوم ‏الذي يُعبّر عن ثقافة الحياة هو من يُدافع، من يُقاوم، ‏من يُضحّي، من يُقاتل، من يُستشهد، من يَصمد، من يَقف في وجه العدو والاحتلال والهيمنة والتسلّط ‏والمشروع ‏الأمريكي الصهيوني في بلدنا وفي منطقتنا. هذه هي الحقيقة وهذه هي الثقافة التي ندعو ‏إليها، هذا جزء من ثقافة الحياة التي تعلّمناها في كربلاء، ولذلك شهداؤنا كانوا كشهداء كربلاء ‏صنّاع حياة وصنّاع نصر، وشهداء اليوم في غزّة وفي لبنان وفي اليمن وفي سورية وفي ‏العراق وفي فلسطين ‏وفي إيران وفي كل منطقة، هم أيضاً صنّاع نصر وصنّاع حياة، والذي ينشر الدمار ‏والموت في هذه المنطقة ‏هو أميركا وربيبتها وأداتها ومعسكرها المُتقدّم "إسرائيل"، هذه هي فكرتنا وهذه هي ثقافتنا".‏

يعود بنا السيد مذكرًا بتلك الكلمات الآسرة الأخَّاذة "السلام عليك يا سيدي يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلت بفنائك".. لم يعد بنا الأمين إلى التاريخ لنلعق جراحه وننزف الدموع والحسرات، بل عادت فلسفة كربلاء إلى الواجهة مفتاحًا لفهم الحاضر وامتلاك معاول هدمه وتجاوزه، صوب ما نريد أن يكون عليه المستقبل، كربلاء ليست موقعة عسكرية قد انتهت وولى زمانها، بل هي بالأصل الإيمان المباشر بأن صرخة الإمام الحسين كانت دعوة للثورة ضد كل الظلم وبوجه كل طاغية، إنها ليست تاريخًا قديمًا يصلح للتأويل، لكنها صرخة ثورة صناعة التاريخ وكتابته، واليوم.

بهذه الروحية فقط يمكن فهم وقبول ألف شهيد أو أكثر قدمهم حزب الله إسنادًا للحق وقيامًا بفريضة الجهاد ونصر المستضعفين المحاصرين في غزة، هنا فقط يمكن فهم وهضم سؤال٠: لماذا صمد الفلسطيني في وجه أكبر حملة قصف موجهة ضد مدينة واحدة في التاريخ كله، وبميزان قوى غير موجود بالأصل؟ هنا يمكن التوقف عند الجريمة الصهيونية المكررة والمملة بتدمير حاضنات الجهاد، كما جرى في الضاحية الجنوبية الشريفة في حرب تموز، ويمكن أيضًا هنا النظر بشيء من الصبر واليقين والثبات للنصر الآتي بإذن الله.

فلسطين المحتلةالكيان الصهيونيعاشوراء

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل