معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

صنعاء.. لا مقايضة للحقوق بالتخلي عن الواجبات
29/07/2024

صنعاء.. لا مقايضة للحقوق بالتخلي عن الواجبات


ثبّتت صنعاء موقفها ومبدأها وحقوق شعبها، وواصلت الإسناد العسكري للقضية الفلسطينية ومقاومتها وشعبها. بالمقابل فشلت الحيلة الأميركية للدفع بالرياض لاستخدام مرتزقتها للتضييق الاقتصادي على صنعاء، لصالح العدوّ "الإسرائيلي"، وألغيت كلّ القرارات العدائية ضدّ البنوك والمصارف والخطوط الجوية اليمنية ومطار صنعاء.

لقد كان من المستغرب أن تبدو السعودية وكأنها تُقايض واجبات اليمن تجاه القضية الفلسطينية وإسناد مقاومتها، والذود عن نسائها وأطفالها، بالحقوق الاصلية والمكتسبة لأبناء الشعب اليمني، والتي يستولي عليها تحالف العدوان، وتم البت فيها مع المشاورات المباشرة بين صنعاء والرياض.

في المرحلة الأخيرة من الإسناد اليمني للمقاومة في غزّة، بحثت واشنطن عن طرق لإعاقة الموقف اليمني، ومن اللحظات الأولى أوقفت خارطة الطريق المتفق عليها، وعرقلت المضي في خطواتها الإنسانية، وقالت علنًا إن أي مضيّ  في الخارطة يجب أن يتزامن مع وقف الإسناد اليمني لغزّة.

لم تدخر واشنطن وسيلة للضغط على صنعاء، فبينما كانت تحث الرياض على المماطلة، كانت تنسج خيوط التحالفات العسكرية، لتتمخض عنها ما سمته "تحالف الازدهار". إلا أن الموقف اليمني لم يتراجع، رغم العدوان والغارات الأميركية البريطانية، بما يقارب 600 غارة، بل بالعكس فها هو آخذ في التصاعد، وفي الأيام الأخيرة، وصل إلى المرحلة الخامسة، مع قصف الطائرة المسيّرة "يافا" لعمق الكيان الاقتصادي والأمني والإداري "الإسرائيلي".

أدركت القيادة أن الفشل الأميركي هو وراء تلك الخطوات العدائية، فرفعت السقف، وبعثت الرسائل سرًّا وتلميحًا، إلى الرياض، عبر الوسطاء. ولما كانت سحابة المكر والخداع هي المسيطرة، اضطرّ  السيد عبد الملك الحوثي لإرسال التحذيرات العلنية والصريحة. وبعد أربعة تحذيرات للسعودية، ووساطة ناشطة من سلطنة عُمان، بدأت الأمور تعود إلى مجاريها، بعد الإعلان عن وقف القرارات التصعيدية بين صنعاء والرياض، وألغيت قرارات بنك عدن المحتلة، وعاودت الخطوط الجوية العمل من مطار صنعاء.

تدرك الرياض جيّدًا مدى مصداقية السيد الحوثي وتحذيراته، عندما لمّح إلى أن البنوك بالبنوك، والموانئ بالموانئ، والمطارات بالمطارات، وزادث ثقتها بواقعية تلك التحذيرات، عندما شاهدت "يافا" وانفجارها الكبير في واحد من أهم أحياء "تل أبيب" المحتلة.

الرسالة اليمنية المهمّة، هي أنه لا يمكن مقايضة الواجب اليمني لإسناد غزّة، بالحقوق اليمنية المتفق عليها، والتي لا تزال في إطار الحقوق الإنسانية، وإن لم تقبل الرياض بذلك، فلتكن ألف ألف مشكلة، وإن لم تكن إلا الأسنّة مركبًا، فما حيلة المضطر إلا ركوبها.

وصلت الرسالة واضحة، ليس للرياض فقط، وإنما لواشنطن أيضًا، فالتصعيد لن يقابل إلا بتصعيد، والإسناد اليمني الواجب لغزّة، لا يمكن مقايضته بالحقوق الأساسية لشعبنا، ومن يرِد الدخول في تلك المعادلات، فعليه أن يتحمل النتائج.

وبعد العملية التاريخية للطائرة "يافا"، تراجعت واشنطن عن مواقفها وقبلت بالحقوق اليمنية، كأنها أخيرًا أصغت لصوت المنطق، وأذعنت أمام تلك التحذيرات، فأطلقت الضوء الأخضر للرياض، كي تتراجع عن قرارات التصعيد، وتعود إلى خطوات الخارطة المتفق عليها، فلا تزال الاستحقاقات الإنسانية وفي مقدمتها صرف رواتب الموظفين وتقديم الخدمات للشعب، على رأس أولويات المرحلة.

دويّ الانفجار الذي هز "تل أبيب"، تردّدت أصداؤه في الأفق، وجاء القرار من الرياض كأنه صفعة للزمن الأميركي وتقلباته، حيث تتلاقى السياسات وتتشابك المصائر في مشهد يعيد تشكيل خارطة العلاقات والأحداث، لصالح الشعب اليمني والمقاومة الفسلطينية، لتقول للعالم إن الثبات على الموقف الحق هو قوة لا تتزعزع، كالصخرة التي تتحدى أمواج الزمن، يُظهر الإنسان من خلالها شجاعته وإيمانه بقيمه ومبادئه، مضيئًا درب العدالة.

اليمنالعدوان الاميركي السعودي على اليمنالرياضصنعاء

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
القوات المسلحة اليمنية تستهدف قاعدة "نيفاتيم" الجوية التابعة للعدو "الإسرائيلي" في النقب
القوات المسلحة اليمنية تستهدف قاعدة "نيفاتيم" الجوية التابعة للعدو "الإسرائيلي" في النقب
"مع غزة ولبنان.. دماء الشهداء تصنع النصر" مسيرات حاشدة في 460 ساحة يمنية 
"مع غزة ولبنان.. دماء الشهداء تصنع النصر" مسيرات حاشدة في 460 ساحة يمنية 
السيد الحوثي: ما يقدّمه حزب الله إنجاز عظيم
السيد الحوثي: ما يقدّمه حزب الله إنجاز عظيم
حملة "ويؤثرون على أنفسهم": اليمن يقدّم نموذجًا في العطاء والتضامن مع لبنان وفلسطين  
حملة "ويؤثرون على أنفسهم": اليمن يقدّم نموذجًا في العطاء والتضامن مع لبنان وفلسطين  
رئيس الوزراء اليمني: أميركا التي كانت ترعب المنطقة والعالم تحسب اليوم لليمن ألف حساب
رئيس الوزراء اليمني: أميركا التي كانت ترعب المنطقة والعالم تحسب اليوم لليمن ألف حساب
السيد الحوثي: لن يتمكن أحد من إيقاف عملياتنا حتى وقف العدوان على غزة ولبنان
السيد الحوثي: لن يتمكن أحد من إيقاف عملياتنا حتى وقف العدوان على غزة ولبنان
اليمن| عدوان أميركي بريطاني جديد على الحديدة 
اليمن| عدوان أميركي بريطاني جديد على الحديدة 
اليمن| مسيرات مليونية "وفاءً للشهداء القادة.. مع غزة ولبنان حتى النصر"  
اليمن| مسيرات مليونية "وفاءً للشهداء القادة.. مع غزة ولبنان حتى النصر"  
"بلومبرغ": السعودية تخشى تجدّد الصراع مع اليمن
"بلومبرغ": السعودية تخشى تجدّد الصراع مع اليمن
العدوان الأميركي البريطاني يستهدف محافظتي حجة والحديدة بسلسلة غارات جوية
العدوان الأميركي البريطاني يستهدف محافظتي حجة والحديدة بسلسلة غارات جوية
كلمة الرئيس السوري في قمة الرياض.. اختلاف في الشكل والمضمون وتأكيد على الثوابت
كلمة الرئيس السوري في قمة الرياض.. اختلاف في الشكل والمضمون وتأكيد على الثوابت
استئناف الرحلات الجوية المنتظمة بين دمشق والرياض
استئناف الرحلات الجوية المنتظمة بين دمشق والرياض
للمرة الأولى منذ 12 عامًا: الرياض تتعامل مع الأوقاف السورية في ملف الحج
للمرة الأولى منذ 12 عامًا: الرياض تتعامل مع الأوقاف السورية في ملف الحج
طهران تسجل بعض التحفظات على البيان الختامي لقمة الرياض
طهران تسجل بعض التحفظات على البيان الختامي لقمة الرياض
تكامل أضلاع المثلث المقاوم
تكامل أضلاع المثلث المقاوم
للأسبوع الـ 33.. طوفان بشري في اليمن "مع غزة.. تصعيد مهما كانت التحديات"
للأسبوع الـ 33.. طوفان بشري في اليمن "مع غزة.. تصعيد مهما كانت التحديات"

خبر عاجل