آراء وتحليلات
أبعاد زيارة الوفد الروسي إلى إيران
زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى طهران، بقيادة سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو، يحمل أكثر من دلالة في هذا التوقيت. فقد تتضمن الزيارة تأدية دور الوساطة الروسية لتخفيف درجة الاحتقان على مستوى المنطقة، مقابل حصول إيران ومحور المقاومة على ضمانات لوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار الاقتصادي عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانسحاب قريب لقوات الاحتلال الأمريكية من المنطقة واحتمال عودة التفاوض الغربي مع طهران حول الملف النووي واتفاق خمسة زائد واحد. وقد تحمل، أيضًا، هذه الزيارة في طياتها تنسيقًا مشتركًا في حال تصاعد وتيرة الصراع على مستوى المنطقة، نتيجة الحاجة والضرورة التي تفرضها المصالح المشتركة والمواقف المتقاربة وتداخل الوجود العسكري وانتشاره؛ ولا سيما داخل الجغرافية السورية.
في كلا الحالين؛ مؤشرات هذه الزيارة بعد جملة الضغوط والعروض الدبلوماسية التي قدمت لطهران، خلال الأيام السابقة، قد تكون الزيارة الأخيرة قبل الرد الإيراني المتوقع ضد الكيان "الإسرائيلي"، بعد خيبة الأمل التي عاد بها وزير الخارجية الأردني "أيمن الصفدي" إثر زيارة هي الأولى لوزير خارجية أردني للعاصمة طهران منذ قرابة عشرين عامًا.
يعدّ التنسيق الروسي- الإيراني من الأمور المهمة على مستوى النطاق الإقليمي، وخاصة في إطاره العسكري، وذلك لعدة أمور:
• مكانة روسيا الاتحادية على مستوى النسق الدولي والحاجة الإيرانية لضمان اصطفاف "الفيتو" الروسي لمصلحتها في حال سارعت الدول الغربية لتبني قرار داخل مجلس الأمن لإدانة إيران، أو فرض عقوبات اقتصادية جديدة عليها، في حال تمسكها بموقف الرد القاسي على الكيان، والمساعي الغربية لإلقاء اللوم على طهران في هذا التصعيد المحتمل.
• من الممكن أن تساعد روسيا الجانب الإيراني في المعلومات الاستخباراتية، وتزويدها بصور الأقمار الصناعية في حال استغلت "تل أبيب" الرد الإيراني وجرّت المنطقة والغرب إلى حرب ضد إيران، في ظل الحشد العسكري الكبير في البحر المتوسط، وإعادة تموضع القوات الأميركية والبريطانية في المنطقة وزيادة عدد بطاريات الصواريخ ضمن القواعد العسكرية الغربية الموزعة على نطاق الإقليم.
• الوجود الروسي- الإيراني المشترك في سورية، والخشية الروسية من استغلال واشنطن للرد الإيراني لإعادة تموضعها في المنطقة، ولاسيما في العراق وسورية، وإعادة استثمار الإرهاب مجددًا والكيانات العسكرية التي تدعمها واشنطن لاستهداف حلفاء إيران في المنطقة، وخاصة الجيشين السوري والعراقي، ما سيدفع القوات الروسية إلى التدخل، وهذا يعني توسّع رقعة الصراع الروسي - الغربي من أوكرانيا باتجاه شرق المتوسط.
• قد يكون لدى الوفد الروسي معطيات ومعلومات عن نية الغرب و"إسرائيل" والأطلسي - في حال قيام الحرس الثوري بالرد من داخل الأراضي الإيرانية على اغتيال رئيس الجناح السياسي لحركة حماس الشهيد اسماعيل هنية أو قيام حزب الله بالثأر لدماء الشهيد فؤاد شكر - شن عدوان واسع على الأراضي الإيرانية، ولاسيما إنّ روسيا هي أول الدول التي كانت قد حذرت من احتمال التصعيد في المنطقة في أثناء لقاء العمل الذي جمع الرئيسين بشار الأسد وفلاديمير بوتين في موسكو ٢٥ من شهر تموز الماضي.
الوضع في المنطقة أخطر بكثير مما يعتقده الكثيرون، فالجغرافية السياسية والمواقف المتناقضة والمصالح المتناحرة تجعلها قنبلة موقوتة. لذلك روسيا التي تخوض معركة حماية أمنها القومي في أوكرانيا، لن تضغط على إيران لوقف الرد أو تحجيمه ضمن محددات استعادة قواعد الاشتباك، ولكن في الوقت ذاته لا تريد منح "الإسرائيلي" فرصة استثمار هذا الرد للعبث في الخارطة الإقليمية عبر جر المنطقة والأطلسي لتصعيد غير مسبوق، وربما العودة إلى خطاب بنيامين نتنياهو، في الكونغرس الأمريكي فجر الرابع والعشرين من الشهر الماضي، ودعوته لإنشاء تحالف غربي وإقليمي جديد ضد إيران هو خير دليل على ذلك.
روسياالجمهورية الاسلامية في إيران
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024