آراء وتحليلات
هل سيحرر الطوفان الوعي العربي؟
الدكتور أحمد الشامي
مخطئ من يظن، أن جبهة المقاومة تطلب الآن من الشعوب أن تتجنّد للقتال، فقد ثبت باليقين أن انهزام "الإسرائيلي" لا يحتاج إلى جبهات تعج بالمقاتلين، إذ تؤكد حقائق التاريخ عالمياً ومحلياً أن الجيوش الاستعمارية والمحتلة إنّما كانت هزيمتها على يد قلة من المقاومين الشجعان.
مخطئ من يظن، أن جبهة المقاومة تطلب من الشعوب أن يملؤوا الساحات تظاهرات، واعتصامات، وصراخاً وتنديداً، فقد سبق أن ضجت هذه الساحات بالهتافات، وبُحّت الأصوات، وطالما لم يجيّر هذا الانفعال إلى فعل، فلن يتجاوز ذلك حدود تنفيس الاحتقان.
ومخطئ من يظن، أن شعوب المنطقة قد تخلّت عن هويتها، قيمها، ففي ذلك ظلم كبير، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار ما تعرضت له هذه الشعوب خلال العقدين الماضيين، من حركات تكفيرية شوّهت الدين وباعدت بين المؤمنين، وأنظمة وأحزاب ونخب فاسدة أرهقت هذه الشعوب بلقمة عيشها واستقرارها وكرامتها.
إنّ جبهة المقاومة أمام فرصة ثمينة جداً لاستنهاض الشعوب، من خلال توجيه الحرب الدائرة الآن نحو ضرب المرتكزات التي أعطت للعدو الإسرائيلي أملاً كبيراً بالبقاء في المنطقة والسيادة عليها، وذلك عبر تحقيق الآتي:
أولاً: الإصرار الحاسم على إذلال العدو الإسرائيلي وإخراج جيشه مهزوماً، فاقد القدرة الردعية، بلا هيبة، فهذه هي المدخلية الأساس لاستعادة شعوب المنطقة وعيها، وكرامتها،
ولفلسطين والأقصى. وقد أكّد آخر ملوك الصهاينة (نتنياهو) على هذه الحقيقة بقوله: إن الهدف الإستراتيجي والأهم لـ"إسرائيل" هو أن تستعيد هيبتها الردعية.
ثانياً: الحيلولة دون وقوع الحرب الواسعة أو الكبرى، والسعي لإبقاء كيان العدو في حال من الاستنزاف الحاد والمؤلم وفي كل المجالات، فهذا أفعل للانتقام وفرض الهزيمة على العدو، وللناس قدرة على تحمل تبعاته، فجبهة المقاومة عليها الانتقام لآلاف الأطفال والنساء والشيوخ كما الانتقام للقادة الشهداء، وعلى الكيان كل الكيان "الإسرائيلي" أن يدفع هذا الثمن الكبير وليس مجرّد أفراد فيه أو مراكز معينة.
ثالثاً: ابتداع أشكال أخرى من التظاهر والتعبئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام والمعارض والمنتديات لتظهير وإبقاء الصورة الحقيقية المتوحشة لليهود الصهاينة، وأنهم يستحيل أن يصيروا جزءًا من أهل هذه البلاد، فيجب أن يشعر الصهيوني، سفيراً، تاجراً، سائحاً، علمانياً أو متديناً، بأنه مرفوض ولا إمكانية أن نعيش معه بسلام.
رابعاً: فضح النموذج الغربي، وكشف حقيقته التي ظهرت جلية في ادعاءاته الكاذبة والمراوغة، حول حقوق الإنسان، الأطفال، النساء، والشيوخ، ليس فقط بعدم حمايتهم، بل في الشراكة العملية في قتلهم، وترويعهم، وإفقادهم أدنى فرص الحياة.
خامساً: تقع على الجبهة الفلسطينية تحديداً مسؤولية كبرى، بأن تؤسس على ما تسطره غزّة من ملحمة أسطورية في الإيمان، الصبر، الإرادة، والإصرار على الاستمرار في هذه المعركة الجدية والواعدة في التحرير، فهذا من شأنه أن يحرر الذاكرة والوعي عند الشعوب مما علق بها من قناعات ومواقف سلبية، فالاتحاد ما بين الفلسطينيين الآن، والمجتمعات المحيطة، عامل أساس في نتائج الحرب.
ويبقى الخير في ما حصل
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024