موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

آراء وتحليلات

هل تسعى أنقرة لاستعادة علاقتها بدمشق؟!
27/08/2024

هل تسعى أنقرة لاستعادة علاقتها بدمشق؟!

في وقت تشهد فيه سورية، مزيدًا من الانفتاح الدولي عليها، آخره كان تعيين سفير لإيطاليا في دمشق، جاء من خارج هذا السياق موقف تصعيدي لوزير الدفاع التركي يشار غولر، في الأيام الفائتة، ربط فيه انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية بإقرار دستورٍ جديدٍ في البلاد، وضمان أمن الحدود المشتركة بين البلدين". الأمر الذي يشكل انتهاكًا للسيادة السورية.

بعد الصمود الأسطوري لسورية في وجه أعتى حربٍ شهدتها المنطقة في التاريخ الحديث، اقتنع عدد من الدول التي شاركت في هذه الحرب الكونية، ألا طائل منها، وبدأت واحدة تلو الأخرى بالعودة إلى سورية، والسعي إلى تصحيح العلاقات معها، وأبرز هذه الدول: السعودية، كأكبر الدول الخليجية، ولما لها من تأثير في العالم العربي والإسلامي، وإيطاليا كإحدى الدول الأوروبية الكبرى وواحدة من الدول الصناعية السبع الكبرى أيضًا. وقبلهما دولة الإمارات.

وفي هذا الصدد، لا ريب أن العلاقات السورية- السعودية تشهد تقدمًا ملحوظًا، وتطوراتٍ إيجابيةٍ منذ أن اتخذت "المملكة" قرار إعادة تفعيل العلاقة مع سورية في ربيع 2023، وقبلها مع إيران. وبإقرار من الجانب السعودي عينه، حيث أكد القائم بأعمال المملكة في سورية عبد اللـه صالح الحريص، في تصريحٍ، في الأيام القليلة الفائتة، "أن العلاقات السورية السعودية في أوج عطائها وستتطور من الأفضل للأفضل". 

وفي سياق انفتاح الدول على سورية أيضًا، جاء موقف الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان، في الأسابيع الفائتة، حين أعلن، أنه "قد يدعو نظيره السوري بشار الأسد إلى تركيا في أي وقت". وجاء ذلك بعد نحو أسبوع من تصريحات لإردوغان، في تموز الفائت، قال فيها إنه: "لا يوجد ما يمنع إقامة علاقات بين أنقرة ودمشق". غير أن موقف وزير الدفاع في الحكومة التركية، جاء مناقضًا لمواقف رئيسه، على اعتبار أن موقف هذا الوزير يشكل تدخلًا في الشؤون السورية، ما قد ينسف المسار الإيجابي للعلاقات الثنائية السورية- التركية الذي "سلكه" رئيس النظام التركي في الأسابيع الفائتة. إلا إذا كان هذا الموقف التصعيدي منسقًا بين الوزير ورئيسه، كتقسيمٍ للأدوار بينهما، قبل ولوج تسوية العلاقات بين دمشق وأنقرة. وهنا، قد تحاول السلطات التركية، تحسين شروطها التفاوضية مع جارتها في التسوية التي باتت حاجةً ملحةً للبلدين، إذ إن إغلاق الحدود المشتركة بينهما يحرمهما، وفي شكلٍ خاص تركيا، من مواردٍ ماليةٍ وفيرةٍ، كون سورية هي بوابة الشرق بالنسبة لتركيا. كذلك لديهما هدف مشترك، وهو إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، فسورية محتاجة لاستعادة ثروتها البشرية، وتركيا تسعى إلى تخفيف عبء اللجوء السوري عن خزينتها المالية، بالإضافة إلى تأمين حماية الحدود المشتركة بين البلدين. إذًا، إن إعادة تفعيل العلاقات السورية- التركية، هي مصلحة مشتركة للبلدين معًا.

ولكن من المحسوم، أن دمشق سترفض أي محادثاتٍ قد تحاول فيها أنقرة التدخل في الشأن الداخلي السوري، بحسب تأكيد كبار المسؤولين السوريين. ولو رضخت القيادة السورية للإملاءات الخارجية، تحديدًا الأميركية، لكانت تجنّبت الدخول في مواجهة حربٍ كونيةٍ لإخضاع دمشق ودفعها إلى التنازل عن موقعها ودورها في محور المقاومة، فكيف تقدم تنازلات للجانب التركي، إثر 14 عامٍ من الصمود؟!.

ولكن رغم الموقف التصعيدي لوزير الدفاع التركي، فإن بروز بعض التطورات الميدانية، تؤشر إلى مضي "قطار التسوية" في مسار تفعيل العلاقات الثنائية بين البلدين المذكورين، وأبرز هذه التطورات، كان افتتاح معبر أبو الزندين الذي يصل مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، حيث نفوذ الميليشيات الموالية لأنقرة بمناطق الحكومة السورية في حلب، ما يشكل إحدى المراحل التمهيدية للتسوية المرتجاة.

اليوم، بعد مرور نحو 14 عامًا على بدء الحرب الكونية على سورية، والتي وستخدم فيها المحور الغربي سلاح الإرهاب والمال السياسي والخطب المذهبية والإعلام التضليلي والتجويع، وسوى ذلك، في محاولاتٍ لدفع القيادة السورية إلى تغيير اصطفافها السياسي في محور المقاومة، كذلك محاولة الضغط على دمشق، لموافقتها على إجراء تعديلٍ وزاريٍ، من خلال إشراك تنظيماتٍ مسلحةٍ متشددةٍ تأتمر بالخارج، وتلبس لبوس "المعارضة" في الحكومة السورية، تحت شعار "البدء في تطبيق ورشة الإصلاح"، كما يحلو للمحور الغربي وأتباعه في المنطقة.

غير أن سورية شعبًا وجيشًا وقيادةً، رفضت كل الإملاءات الخارجية، والتدخل في شؤونها الداخلية، وبذلت أغلى التضحيات، دفاعًا عن سيادتها وحرية قراراها، فصمدت ولم تخضع. فهل يمكن لأي جهةٍ خارجية أكانت تركيا أم سواها، أن تفرض شروطها على القيادة السورية عبر الطرق الدبلوماسية، بعد فشل المحور الغربي في فرض إملاءاته على دمشق، بحرب كونيةٍ امتدت على نحو عقدٍ ونيفٍ؟. 

سورياتركيابشار الاسدرجب طيب أردوغان

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
الأسد: النَّظر لعملية طوفان الأقصى يجب أن يكون في سياق القضية الفلسطينية
الأسد: النَّظر لعملية طوفان الأقصى يجب أن يكون في سياق القضية الفلسطينية
بعد اغتيال 3 كوادر من "الجهاد" في دمشق.. مسؤول ساحة سورية لـ"العهد": مستمرون في المقاومة
بعد اغتيال 3 كوادر من "الجهاد" في دمشق.. مسؤول ساحة سورية لـ"العهد": مستمرون في المقاومة
"داعش" يكثّف هجماته في البادية السورية بدعم من واشنطن
"داعش" يكثّف هجماته في البادية السورية بدعم من واشنطن
الرئيس الأسد: مقاومو فلسطين ولبنان والعراق واليمن أنموذج نقتدي به في طريق التحرير
الرئيس الأسد: مقاومو فلسطين ولبنان والعراق واليمن أنموذج نقتدي به في طريق التحرير
إصابة 7 مدنيين في اعتداء جوي "إسرائيلي" على سورية
إصابة 7 مدنيين في اعتداء جوي "إسرائيلي" على سورية
الجولاني يحثّ أنقرة مراهنًا على "إسرائيل".. هذه فرصتنا
الجولاني يحثّ أنقرة مراهنًا على "إسرائيل".. هذه فرصتنا
 تركيا تنضم إلى دعوى جنوب إفريقيا ضدّ "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية
 تركيا تنضم إلى دعوى جنوب إفريقيا ضدّ "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية
حماس تُثمّن التعازي باستشهاد القائد هنية: لتصعيد مواجهة المشروع الصهيوني
حماس تُثمّن التعازي باستشهاد القائد هنية: لتصعيد مواجهة المشروع الصهيوني
"الإدارة الذاتية" تتوجس من التقارب السوري التركي
"الإدارة الذاتية" تتوجس من التقارب السوري التركي
أردوغان: "إسرائيل" تفوّقت على هتلر بالوحشية وتشكّل تهديدًا للبشرية
أردوغان: "إسرائيل" تفوّقت على هتلر بالوحشية وتشكّل تهديدًا للبشرية
خطوط حمراء وخطوط نار
خطوط حمراء وخطوط نار
بوتين يستقبل الأسد في موسكو: الوضع في الشرق الأوسط يزداد توترًا
بوتين يستقبل الأسد في موسكو: الوضع في الشرق الأوسط يزداد توترًا
الرئيس الأسد: التمسك بالهوية عامل أساسي في معركة صمود الشعب الفلسطيني
الرئيس الأسد: التمسك بالهوية عامل أساسي في معركة صمود الشعب الفلسطيني
الأسد يرحب بلقاء أردوغان.. ولكن!
الأسد يرحب بلقاء أردوغان.. ولكن!
أردوغان: علينا تعزيز قوتنا لردع "إسرائيل" عن ممارساتها بحق الفلسطينيين
أردوغان: علينا تعزيز قوتنا لردع "إسرائيل" عن ممارساتها بحق الفلسطينيين
دمشق تنتظر خطوات جدية من أنقرة..
دمشق تنتظر خطوات جدية من أنقرة..
الرئيس الأسد يعلن استعداده للقاء أردوغان "إذا كان ذلك يؤدي لنتائج"
الرئيس الأسد يعلن استعداده للقاء أردوغان "إذا كان ذلك يؤدي لنتائج"
التطبيع السوري التركي.. معوّقات إيديولوجية
التطبيع السوري التركي.. معوّقات إيديولوجية