موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

آراء وتحليلات

هكذا يشارك الأميركيون في الاعتداء على لبنان؟!
30/08/2024

هكذا يشارك الأميركيون في الاعتداء على لبنان؟!

أقمار اصطناعية، مسيّرات، سطع جوي، استنفار كامل لسلاحي الجو الأميركي و"الإسرائيلي"، ولـ"قبب" واشنطن الدبلوماسية، والهدف التقاط أي إشارة أو معلومة أو صورة وتحليلها لاكتشاف موعد ردّ حزب الله على عملية اغتيال الشهيد القائد فؤاد شكر.. مع ذلك كله؛ نجح حزب الله بتجاوز هذه المنظومة الرادارية الاستطلاعية جميعها؛ ونفذ ردّه بنجاح متجاوزًا أيضًا المنظومة الدفاعية "الإسرائيلية" المطورة أميركيًا، ومحققًا الهدف بإصابة قاعدة "غليلوت" السرية التابعة للوحدة 8200.   

ليس خافيًا حجم الدعم الأميركي لكيان الاحتلال الصهيوني، وبمختلف السبل، واشنطن نفسها تعلن صراحة دعمها لما تسمّيه "أمن إسرائيل" وتوفر الموارد لها، عسكريًا وأمنيًا واستخباراتيًا، كما حصل ليل الثالث عشر من نيسان/أبريل الماضي حين تولى الأميركيون وغربيون مهمة التصدي للمسيّرات الإيرانية.. وفي لبنان لم يُسجل، في السنوات الأخيرة، أن نفذ الاميركيون عملاً عسكريًا، بشكل مباشر، دفاعًا عن "إسرائيل"، مع العلم أن استخباراتهم كانت وما تزال بتصرف الصهاينة.

فجر يوم الأحد الماضي، ومع تنفيذ جيش العدو غارات موسّعة، وصفها بالضربة الاستباقية، لاستباق ردّ حزب الله على اغتيال السيد فؤاد شكر، سارع الأميركيون بعد وقت وجيز إلى نفي أي مشاركة مباشرة لهم في الغارات "الإسرائيلية"، أي إن طائراتهم لم تقم بضربات داخل لبنان، لكنهم لم يتطرقوا إلى أي شيء آخر.

النفي الأميركي للضربات المباشرة، حمل في طياته تأكيدًا على مشاركة من نوع آخر على صعيد المعلومات والاستخبارات والاستطلاع الجوي. وهذا ما أكّد رسميًا في اليوم التالي للردّ على لسان المتحدث باسم "البنتاغون"، والذي قال:"قدمنا لإسرائيل معلومات استخبارية واستطلاعية؛ لكنّنا لم نشارك مباشرة في الضربات". هذا الاعتراف الواضح، يعني أن الأميركيين يعملون استطلاعيًا واستخباريًا في الأجواء وعلى الأراضي اللبنانية لمصلحة العدو "الإسرائيلي"، ما يعدّ عدوانًا واضحًا وصريحًا له تبعاته, إذ إنها المرة الأولى التي تعلن فيها واشنطن صراحة عن مشاركتها "إسرائيل" بمعلومات عن ردّ حزب الله.. 

هذا ما يعيدنا للسؤال عن عمليات "السطع الجوي" التي نفذتها طائرات عسكرية أميركية في الأجواء اللبنانية، قبيل اغتيال السيد شكر بأسبوع، فضلاً عمّا تغصّ به أجواء الجنوب من مسيّرات وأقمار صناعية "إسرائيلية" وأميركية وبريطانية، تعمل بشكل مشترك في خدمة العدو ورصد وتأمين أهدافه على الأرض..، ما يدلل على حجم الانكشاف الأمني للبنان ومدى تعرّض أبنائه للتجسس والرصد، وأمور أخرى لا تقوم بها "إسرائيل" فقط؛ إنما عدة دول، وعلى رأسها واشنطن.

كما أن هذا الاعتراف الأميركي الصريح يفتح الباب أمام كثير من الأسئلة، منها عن علاقة واشنطن بالمشاركة بتنفيذ بعض الاغتيالات في العمق اللبناني، سواء طالت كوادر من المقاومة أم حتى من فصائل المقاومة الفلسطينية، كذلك حجم العمل المشترك أميركيًا و"إسرائيليًا" ضد لبنان، والذي يتعرض ليس لعدوان "إسرائيلي" فقط، إنما أميركي، وربما تشارك أجهزة استخبارات أخرى فيه، البريطانية على سبيل المثال لا الحصر.

من ناحية المقاومة، لم يكن خافيًا عليها أن ثمة مشاركة أميركية، ولو كانت لم تعبّر بشكل واضح عنها، وعليها هي تقدر حجم المقدرات الاستطلاعية والاستخبارية، فضلًا عن الدعم العسكري الذي يقدم للصهاينة في ما يتعلق بالجبهة اللبنانية. فقد تكون إشارة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله سابقًا إلى مسألة القواعد في قبرص رسالةً موجهةً إلى دول أخرى تعتدي على لبنان، وليس للكيان فقط، وتاليًا إعداد المقاومة قد يكون حاكى مختلف هذه السيناريوهات.

لكن الأكيد أنّ الاعتراف الأميركي الصريح والواضح يثبت سردية المقاومة عن الموقف الأميركي الذي يمارس الخداع، عبر محاولة تأدية دور الوسيط، وكذلك ضلوع واشنطن بكل عمل يجري في لبنان، بخلاف ما تحاول واشنطن تظهيره من خلال قنواتها الدبلوماسية ومبعوثيها الى بيروت؛ ومنهم "آموس هوكشتاين"، والذين انفضح دورهم مؤخرًا وبانوا بأنهم يهدفون للضغط على المقاومة لوقف إطلاق النار وإبعاد كأس الردّ عن "إسرائيل". 

في المحصلة، برهنت واشنطن مرة أخرى أنها تضع لبنان ضمن خانة "الأعداء" بخلاف ما تبديه لبعض "السياديين الجدد" ممن يسيرون في ركبها لمخاصمة المقاومة. ويصمتون وكأنّ على رؤوسهم الطير إزاء هكذا إعلان أميركي خطير يتعلق بأمنهم القومي وانكشافه، ما يضع هؤلاء "السياديين" ضمن دائرة الشبهة والعمل لمصالح أميركية بحتة وليس لبنانية.

ممّا لا شك فيه أن المقاومة على دراية بكل ما يجري. وهي تتقن، عبر لغتها وتصرفاتها المدروسة، كيفية التعاطي مع كل تطور وفقًا لظروف هذه الحرب ومساراتها. وهي حتى الآن تعطيل مساعي الأميركيين كافة، فيما يتعلق بجبهة لبنان ومحاولة تحييدها.. وما المشاركة الأميركية المباشرة إلا دليل على العجز عن ليّ ذراع المقاومة ودفعها إلى التراجع، كما عجزت بـ"حارس ازدهارها" عن إيقاف جبهة مساندة اليمن لغزة..

حزب اللهالطائرات المسيرةالجيش الاسرائيلي

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة