آراء وتحليلات
هذا أوقح ما جاء في "وثيقة الاستسلام" لوقف العدوان
حاول الإعلام "الإسرائيلي" إشاعة أجواء إيجابية حول "اقتراب التوصل إلى تسويةٍ توقف الحرب على لبنان"، ولكن من دون الاستناد على أي معطى جديٍ يبعث بالتفاؤل. كذلك إن إشاعة هذه الأجواء، ليس أمرًا مستجدًا، ولم يأت من خارج سياق الأسلوب أو "النهج" التفاوضي المخادع الذي ينتهجه العدو الصهيوني، فهو يكرر راهنًا في حربه على لبنان، ما اتبعه طوال عامٍ ونيّفٍ في حربه على غزة، لناحية تسويق "إيجابية صهيونية مع المبادرات الرامية إلى وقف الحرب"، ثم يذهب هذا العدو إلى "رفع سقف التفاوض"، ويضع الشروط التعجيزية أمام حاملي المبادرات أو الوسطاء الساعين إلى وقف الجرائم المتمادية في حق الشعبين اللبناني والفلسطيني ثم يعود ويبادر بنفسه الى نسف تلك المبادرات ويواصل غيه وعدوانه.. فالعبرة تبقى بـ"شياطين الشروط"، وليس بإشاعة "الأجواء الإيجابية" من الولايات المتحدة و"إسرائيل" في الإعلام ليس إلا. لكنهما يبدو أنهما يعتبران أن "هذا الخداع واحد من "فنون" التفاوض".
من أبرز هذه الشروط التعجيزية و"أوقحها"، لا بل أذلها، "كالموافقة المسبقة للعدو على أسماء ضباط الجيش، الذين سيعملون على تطبيق القرار الدولي 1701، في جنوب لبنان، عقب انتهاء العدوان الصهيوني على البلد"، بحسب معلومات مصادر معنية. وقد تكون هذه الموافقة غير مباشرة عبر "اليونيفيل" أو في حال استقدام قوات دولية جديدة إلى جنوب لبنان، لمراقبة تنفيذ القرار المذكور، ولكن في النتيجة تعود الموافقة "للإسرائيلي" عمليًا. كذلك يطالب "بمنحه حق استخدام سلاح الطيران في الأجواء اللبنانية، وضرب أهدافٍ داخل الأراضي اللبنانية، بعد سريان اتفاق وقف النار المرتقب، إذا إرتأى ذلك. أو التحكم بإختيار الشركة التي ستشارك مستقبلًا في عملية إعمار الجنوب، بحسب ما جاء في الشروط الصهيونية المذكورة آنفًا أيضاً.
لا ريب أننا في غمار مرحلةٍ تفاوضيةٍ المطلوب فيها نزع كامل السيادة اللبنانية، وهي تلازمت مع ضغوطٍ "صهيونيةٍ" كبيرةٍ يمارسها العدو على لبنان، ليدفعه إلى القبول بشروطه التعجيزية. وبدا هذا الأمر يلحظ، من خلال جولات التفاوض التي أجراها الموفد الرئاسي الأميركي إلى لبنان أموس هوكشتاين وسواه، فقد شدد من جهته، على ضرورة تطبيق القرار 1701، وإدخال بعض التعديلات عليه، ما يعني أن الأميركي لم يتبن الشروط "الإسرائيلية"، ولو ظاهريًا على الأقل، كونه يدرك تمامًا أنها مرفوضة سلفًا من الجانب اللبناني.
كذلك لم يحقق جيش العدو "الإسرائيلي" أي إنجازٍ مهمٍ يعتد به لفرض أمر واقعٍ جديدٍ في جنوب لبنان، أو للتأثير في موازين القوى السياسية في الداخل اللبناني، رغم حجم الضغوط الكبيرة التي يمارسها على لبنان وشعبه. كذلك فإن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، لم يحقق "وعده" بإعادة المستوطنين الصهاينة إلى شمال فلسطين الذين نزحوا إلى داخلها، تحت تأثير ضربات المقاومة. كذلك حاولت ما يسمى بـ "الجبهة الشمالية في إسرائيل" تبريد الأجواء، بعد إعلان تخفيض القيود الأمنية، وعودة التلامذة إلى المدارس، غير أن هذه المحاولة باءت بالفشل أيضًا، بعد دعوة المقاومة مستوطني 25 مستوطنة "إسرائيلية" إلى الإخلاء، منها مدينتي كريات شمونة ونهاريا.
بناء على ما تقدم، إن "إسرائيل" ليست في موقع المنتصر، كي تفرض على لبنان شروطها. وفي هذه الحالة، إن رفع سقف الشروط الصهيونية، هو خسارة، كون العدو غير قادرٍ على فرضها..
وفي سياق "الأجواء التفاوضية"، كانت مصادر سياسية عربية رأت أن "اقتراب المعنيين في ملف التفاوض من أجل وقف الحرب في لبنان وغزة،من الوصول إلى خواتيم سعيدةٍ، قد تكون هدنةً طويلةً على خط الجبهتين، وبهذا تكون المقاومة حققت هدفها الذي دفعها إلى فتح جبهة إسناد غزة من جنوب لبنان، بالتالي فإن التوصل إلى هدنةٍ طويلةٍ في "القطاع" و"الجنوب"، يلغي السبب الذي دفع المقاومة إلى فتح الجبهة المذكورة"، بحسب رأي المصادر.
لا ريب أن "الشروط المذلة" التي يحاول العدو فرضها، تعني استسلامًا كاملاً، وهذا لا يمكن أن توافق عليه المقاومة التي أكدت بدورها أنها "ستتجاوب مع المبادرات الرامية إلى وقف العدوان على لبنان، ولكن بشروطها لا بشروط العدو". ولا يبدو أن هناك بشائر حلٍ تلوح في الأفق القريب، سيما أن المفاجأة كانت مسارعة رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو نفسه الى تبديد الأجواء الايجابية التي أشاعها إعلام كيانه، ما دفع المبعوث الأميركي للعودة الى واشنطن دون التعريج نحو بيروت، ليضطر بعدها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى نعي المساعي الأخيرة لوقف النار، معلناً في أحاديث صحفية أن نتنياهو رفض خارطة الطريق اللبنانية التي تم التوافق عليها مع هوكشتاين، لافتًا الى أن الحراك السياسي لحل الأزمة تم ترحيله إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
بذلك يكون بري قد حسم الأمر ورد على كل محاولات اتهام لبنان بعد القبول بطروحات هوكشتاين، ورمى الكرة في الملعب الاميركي و"الاسرائيلي"، بانتظار النتائج التي ستفرزها صناديق الانتخابات الاميركية وجولات جديدة من المفاوضات تحت النار.. وما تحققه المقاومة من انجازات في الميدان.
بنيامين نتنياهوالمقاومةالجيش الاسرائيلي
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
02/11/2024