آراء وتحليلات
جريمة اغتيال الشهيد عفيف وتعويض العجز العسكري والإعلامي للعدو
لم تكن جريمة الاغتيال الصهيونية الغادرة التي طاولت الشهيد الحاج محمد عفيف، مسؤول العلاقات الإعلامية بحزب الله، موجهة لشخصه الذي أوجعهم بكفاءته وتاريخه وشجاعته فقط، ولكنها جريمة بحق الإعلام المقاوم الذي أفشل سردية العدو ودعاياته الكاذبة، وفضح جرائمه وأسقط القناع عن العدو وعن كل المنظمات الإعلامية الدولية والعربية التي تواطأت وجبنت عن إدانة هذه الجريمة.
والشهيد صاحب التاريخ النضالي، والذي كان من المؤسسين لحزب الله ومحل ثقة أمنائه جميعهم، اختتم حياته بفضح جرائم الكيان وبيان تهافت مزاعمه حول النصر، ووضع النقاط على الحروف في ما يتعلق بصمود المقاومة وحتمية انتصارها، عبر خطاب إعلامي يعتمد المصداقية والموضوعية والشفافية، وكانت خاتمة كلماته بعبارة تلخص مسار المقاومة وهي "نعلم أن الكلفة عالية، والنصر صبر ساعة".
ويبدو أن هذا الخطاب الإعلامي القوي أوجع العدو كما توجعه صواريخ ومسيرات المقاومة، وهو ما جعله يستهدف الشهيد لشخصه ولما يمثله من إعلام المقاومة، حيث جاءت الجريمة تتويجاً لمسار ممنهج لاستهداف الصحفيين والإعلاميين، بداية من غزة وقصف المكاتب الإعلامية واستهداف المراسلين، وصولاً للبنان واستهداف مراسلي المنار والميادين، وقصف مقرات إقامة الصحفيين في حاصبيا بما فيها من مراسلين لمختلف الوكالات، ومنهم "رويترز"، وقصف مكتب قناة "الميادين" في بيروت، وغيرها من الجرائم الكبرى للتعمية على الحقائق وتصدير الصورة التي يريدها الكيان وتسمح بها رقابته العسكرية.
ولهذه الجريمة دلالات يمكن إيجازها بعناوين عريضة توضح هشاشة الكيان وحجم التواطؤ المخجل معه دوليًا وعربيًا:
1- الشهيد هو مسؤول إعلامي، وهو مدني وفقًا للقانون الدولي، وبالتالي فإنه هدف غير شرعي في الحروب، وهو ما يمثل جريمة حرب، لا نتوقع أن تعاقب عليها "إسرائيل" بعد تمرير جميع جرائمها، ولكن كان متوقعا على الأقل إدانة الجريمة من المنظمات الدولية والحقوقية، وخاصة الإعلامية مثل "مراسلون بلا حدود"، ونقابات الصحافة والإعلام العربي، والتي صمتت رغم طبيعة عمل الشهيد ومسؤوليته في التواصل مع الإعلام الخارجي بكفاءة ودماثة ومهنية لايختلف عليها أحد.
2- جريمة العدو تدل على إفلاس بنك أهدافه العسكرية وفشله في تركيع المقاومة وإضعافها، وهو ما جعله يتجه لإسكات صوتها المعبر عن الصمود والتماسك وإيلام العدو.
3- الجريمة تدل على فشل إعلام العدو في مواجهة خطاب المقاومة الصادق والمهني والشفاف، والذي بين عوار الإعلام الصهيوني المقيد بالرقابة العسكرية والقائم على الدعايات النازية وخطاب الكراهية والقتل، والذي كشفت التقارير أن عدداً من صحفييه وقعوا على القنابل قبل إسقاطها على رؤوس الأطفال، والذي توج جرائمه كبير مذيعي القناة الـ12 داني كوشمارو الذي قام بتفجير منزل في قرية عيتا الشعب اللبنانية، كنوع من التشريف وفق مزاعمه!
4- استهداف العدو للصحافة والإعلام يعني بشكل مباشر، أن العدو لديه ما يخجل منه، ولأن العدو تاريخياً لايخجل من الجرائم، فإن المنطق يقول، إنه يخجل من الفشل، حيث كشف الإعلام المقاوم فشل الاقتحامات الصهيونية وحجم القتلى والخسائر وكشف فرار العدو من المقاومة، وهي حقائق تتصادم مع الصورة الكاذبة التي يروجها العدو عن نجاحات لمناوراته البرية، والانتقال من مرحلة لأخرى، كأنه أنجز مرحلته الأولى!
5- هذه الجريمة تكشف حجم الخوف من تأثير خطاب المقاومة في الداخل "الإسرائيلي"، بعد أن بات معروفاً أن الجمهور "الاسرائيلي" يصدق خطابات حزب الله، وأنه كان يستمع باهتمام بالغ لخطابات الشهيد سيد المقاومة، السيد نصر الله، ويصدقه أكثر من زعماء الكيان، ولعل الوثائقي الذي بثته قناة "كان" الصهيونية في العام 2019 كان خير معبر عن ذلك، إذ استعرض آراء الخبراء الذين اتفقوا على أن الشهيد "نصر الله" ابتدع الكثير من الأساليب الإعلامية في نشر مشاهد القتال، ولم يصل أي تنظيم إلى المستوى الذي وصل إليه حزب الله في هذا المجال.
واستعرض مخرج البرنامج رأي رئيس حكومة العدو "الإسرائيلي" السابق “إيهود أولمرت” في الوثائقي" حيث قال الأخير إننا سقطنا في فخ "نصر الله" الإعلامي.
إن هذه الجريمة كشفت هشاشة العدو وفشله العسكري وتعويض ذلك بأهداف مدنية، وفشله الإعلامي وتعويض ذلك بإسكات صوت الإعلام المقاوم، وفشله الأخلاقي أمام مقاومة صامدة ومقتدرة وتمتلك المنطق والحق والمصداقية والمهنية.
العلاقات الإعلامية في حزب اللهالمقاومة
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
19/11/2024
نتائج الانتخابات الأمريكية: نار تحت الرماد
16/11/2024