آراء وتحليلات
ما تشهده سورية راهناً غير مسبوق في التاريخ.. لماذا سلّمت إلى الجولاني؟
وأخيرًا تحقق "حلم التغيير" في سورية، بعد "انتصار ثورة الحرية على النظام". ولعل أبرز ما أنجزته هذه "الثورة" هو حل الجيش السوري بالكامل، والأجهزة الأمنية، وحتى جهاز الشرطة، بما فيه شرطة المرور، فقد باتت العاصمة السورية دمشق، وباقي المدن السورية، من دون شرطةٍ. واقتصر الحضور الأمني في الأراضي السورية، على عدد من عناصر "جبهة النصرة"، تحت مسميات "الأمن العام" و"الشرطة" وما شاكل. وهنا تؤكد مصادر عليمة أن "عدد هولاء العناصر"، غير كافٍ لتغطية الأراضي السورية أمنيًا، كذلك لا يتناسب هذا العدد القليل مع عدد المواطنين السوريين، وفقًا للدراسات العلمية الأمنية المتخصصة والمتابعة لهذا الشأن". وتلفت إلى أن "حماية مدينة دمشق لوحدها، تتطلب ثلاثة عشر ألف شرطي، هذا على سبيل المثال".
واللافت والمستغرب في هذا السياق، إنهاء وجود الدولة السورية، من الناحيتين الأمنية والخدمية، قبل دخول المسلحين إلى المدن السورية، كحلب ودمشق على سبيل المثال، وهنا تشير مصادر ميدانية متابعة إلى أن "الدوائر الحكومية ومراكز الشرطة في دمشق، أخليت بالكامل قبل دخول المسلحين بيومين إلى العاصمة السورية، وهذا ما حدث في حلب أيضًا، أي تم تغييب وجود مؤسسات الدولة عمدًا، كخطوة تمهيديةٍ أساسيةٍ على طريق إسقاطها بالكامل في اليومين اللذين أعقبا عملية الإخلاء المنظّم". وتختم المصادر بالقول: "إن حقيقة ما حدث يوم إسقاط الدولة السورية الشهر الفائت، هو ليس انتصارًا "لثورة" ولا من يحزنون، إنما كانت مجرد عملية "تسليم سورية" للمسلحين، ومن خلفهم إدارتهم الخارجية، ليس إلا، وذلك بناءً على أوامر يبدو أنها خارجية، خدمةً لمصالح خارجيةٍ أيضًا، يأتي في أولى أولوياتها، حل الجيش السوري، وتحويل سورية إلى دولةٍ منزوعة السلاح، محاذية للكيان الغاصب". وإلا لماذا تم تسليم هذا البلد إلى تنظيمٍ إرهابيٍ، بحسب التصنيفات الدولية، ولم يصار إلى تسليمه إلى سلطة انتقالية مدنيةٍ كانت أم عسكرية، من خارج عباءة الإرهارب والتكفير؟
ومعلوم أن سقوط الأنظمة السياسية، لا يؤدي إلى سقوط مؤسسات الدولة، وفي مقدمها الجيش، على غرار ما حدث في مصر، غداة سقوط حكم الرئيس حسني مبارك، في العام 2011، ثم سقوط حكم الرئيس محمد مرسي في العام 2013.
إذًا، لقد بات جليًا، أن الهدف الحقيقي لإسقاط الحكم في دمشق، هو إسقاط الدولة السورية ومؤسساتها، وفي طليعتها الجيش، وإنهاء دور سورية، كعمودٍ فقريٍ لمحور المقاومة، وهذا الأمر كان مدعاة فخر، للرئيس الأميركي جو بادين، كما عبّر في حديثٍ له في الأيام الفائتة.
فعلًا، ما حدث في سورية، غداة إسقاط الدولة، لم يحدث في تاريخها على الإطلاق. اليوم تكاد تكون سورية البلد الوحيد الذي ليس لديه جنديًا واحدًا على أراضيه، بعد حل الجيش، وتسليم "إدارة" البلد إلى "النصرة" بقيادة أبي محمد الجولاني ( مؤسس جبهة النصرة المصنفة دوليًا منظمة ارهابية).
وما يؤكد حقيقة عملية "التسليم"، "هو توجه المسلحين من درعا في الجنوب نحو العاصمة السورية، قبل وصول نظرائهم القادمين من شمال البلاد ووسطها، بإدارة "الفيلق الخامس" في الجيش السوري، المؤلف من مجموعات مسلحة، خرجت على الشرعية السورية، ثم دخلت في "مصالحات" برعايةٍ روسيةٍ"، بحسب تأكيد مرجع سياسي سوري.
ويعتبر أن "حل الجيش السوري، هو مطلب أميركي، لإراحة الكيان الصهيوني، وخدمةً للسياسة الأميركية في المنطقة، التي تسعى "لإحلال السلام" مع الدولة العربية، لتمرير خط سكك الحديد البري بين الهند وحيفا، والذي يمر في المملكة العربية السعودية والأردن ثم حيفا، لمواجهة "طريق الحرير" أو "الحزام والطريق"، الصيني، وهو مبادرة تربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا".
جبهة النصرةأبو محمد الجولانيسورية
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/01/2025
الطوفان أمات الكيان وشمس فلسطين ستشرق غدًا
20/01/2025