آراء وتحليلات
لهذه الأسباب الدور الروسي في سورية مستمر... و"مسلحو إدلب" يبايعون الشرع
من يقرأ المشهد السوري بهدوءٍ وتمعنٍ، ومن تابع بخاصةٍ عملية إسقاط الدولة السورية في أواخر العام الفائت، تحديدًا من الناحية الميدانية، يدرك تمامًا أن من الخفة في السياسة الاستهتار بالدور الروسي في سورية، أو الحديث عن أفوله فيها. وجاءت زيارة الوفد الروسي لدمشق في الأيام الفائتة، والذي ضم: نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ومبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرينتييف، لتؤكد استمرار دور موسكو، وبقاء قواعدها العسكرية على الأراضي السورية. ومن المسلم به، أن العلاقات الروسية- التركية الإستراتيجية سواء في مجال إمداد الغاز الروسي إلى تركيا، أو في مجال التعاون بينهما في شأن أمن الملاحة في البحر الأسود، كذلك التعاون العسكري بين الجانبين، بخاصةٍ شراء الدولة التركية لمنظومة الدفاع الجوي الروسية "أس 400" وسوى ذلك، أن هذه العلاقات بين هاتين الدولتين المؤثرتين في الواقع السوري، خصوصًا تركيا الراعية "للحكم الراهن في دمشق"، والداعمة له، ما دامت متينة وقوية، فإن ذلك سينعكس إيجابًا على وضع الوجود الروسي ودوره في سورية والمنطقة، بصرف النظر عن تغيير النظام السياسي الذي كان حليفًا لموسكو.
بناء على ذلك، يبدو أن روسيا ستحافظ على مصالحها في الجمهورية العربية السورية، خصوصًا بقاء قواعدها العسكرية على أراضيها، وفي هذا السياق جاءت زيارة الوفد الروسي إلى دمشق المذكورة آنفًا، ولقائه "بحاكم سورية" أحمد الشرع.
في المقابل، ترى مصادر سياسية سورية أن "الزيارة المذكورة غير مجديةٍ، وأن موسكو ستجلي قواتها عن الأراضي السوري في الأشهر المقبلة، أولًا، لأن وجودها لم يعد مقبولًا من الحكم الراهن، وثانيًا، لأن عبء وجودها وحمايتها، سيكون ثقيلًا على الخزينة الروسية، وبدون جدوى"، ودائمًا برأي المصادر.
بالعودة إلى مرحلة سقوط الدولة السورية، تؤكد مصادر متابعة أن "روسيا كانت حاضرةً بقوةٍ في المشهد وقتذاك، فهي أول من سيطر على دمشق، من خلال وصول الفيلق العسكري الخامس الذي أسسته القوات الروسية في سورية، عبر المصالحات التي كان يرعاها "المركز الروسي للمصالحات"، وأسندت قيادته أي (الفيلق) إلى أحمد العودة الذي وصل بدوره، مع قواته آتيًا من الجنوب السوري إلى العاصمة دمشق، حيث تمكّن من السيطرة على مقري وزارة الدفاع ورئاسة الأركان في ساحة الأمويين، قبل وصول مسلحي "هيئة تحرير الشام- جبهة النصرة" من مدينة حمص في وسط البلاد إلى دمشق، بنحو ست ساعاتٍ، أي أن العاصمة كانت عند بداية "السقوط" في القبضة الروسية، قبل تسليمها "لقوات أحمد الشرع"، على ما يبدو ضمن اتفاق معيّن"، برأي المصادر. وفي سياق متصلٍ، يشار إلى أن "العودة ابن مدينة بصرى الشام في محافظة درعا، والذي يتخذ منها مقرًا له ولقواته، هو راهنًا على خلاف وصراع نفوذ مع الشرع وجماعته". ما يؤكد محدودية نفوذ "النصرة" الذي لا يتجاوز عملانيًا مدينة دمشق وبعض مناطق ريفها، هو بقاء درعا في عهدة العودة، كذلك رفض أهالي السويداء في الجنوب السوري تسليم السلاح إلا لحكومةٍ انتقاليةٍ تمثل أطياف المجتمع السوري. ومن الجنوب إلى الشمال، حيث تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية- قسد" على أجزاء من شمال شرق البلاد، حيث تقيم "إدارةً ذاتيةً"، بدعمٍ مباشرٍ من القوات الأميركية الموجودة في سورية. أما بالنسبة لمنطقة الساحل وجبال العلويين، فهي تتجنب الاقتتال الداخلي، ولكنها بيئة غير متقبلة للفكر التكفيري "للنصرة" التي ينتشر عناصرها في الساحل السوري.
كذلك لا يزال حتى الساعة ينشط إرهابيو داعش في البادية السورية وسواها، من وقتٍ إلى آخر.
وفي المنطقة الشرقية، في محافظة دير الزور ، لا يزال ينشط أيضًا "جيش أسود الشرقية"، وإن بوتيرة محدودة.
وهنا تشير مصادر واسعة الإطلاع إلى أن "هيئة تحرير الشام تحاول الحفاظ على نفوذها على الخط الممتد من دمشق مرورًا بحمص في الوسط وصولًا إلى مدينة حلب، وبعض مناطق ريفها في الشمال، حيث ينتشر أيضًا مسلحو كتائب نور الدين زنكي".
وتعليقًا على ما سمي "مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية" الذي انعقد في دمشق، أخيرًا، وشارك فيه أعضاء نحو 18 فصيلاً مسلّحاً، أعلنت حلّها، لتصبح تحت قيادة الشرع الذي نصّب نفسه رئيسًا على البلاد السورية، بعدما حل مجلس الشعب، ومختلف مؤسسات الدولة، بما فيها الشرطة، إضافة إلى الأحزاب، قالت مصادر في المعارضة السورية، إن "الحضور اقتصر على فصائل إدلب، على ما يبدو". أي أن "رئاسة الجولاني" تفتقد إلى المشروعية الشعبية والشعبية في آنٍ معًا.
وهنا لا بد من التذكير بموقف وزير الخارجية الأميركية السابق أنتوني بلينكن، يوم قال: "لا يمكن أن تحكم سورية كما حكمت إدلب".
وبما أنه لا قيادة مركزية شرعية في دمشق، لذلك لا اعتراف دولياً "بالحكم الراهن"، ولا رفعاً كاملاً للعقوبات، قبل انتهاء العملية السياسية في سورية، تفضي إلى ولادة دستورٍ جديدٍ، ووصول حكومةٍ منتخبةٍ ديمقراطيًا إلى السلطة.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/01/2025
شعب المقاومة يبدّد حفلة المجون الأميركيّة
29/01/2025