كيف عبر أهالي السويداء إلى جرمانا عبر "الغوطة"؟

تشير الوقائع والحوادث الأمنية الأخيرة، في مختلف الأراضي السورية، خصوصًا في محافظتي السويداء في الجنوب ومنطقة جرمانا في ريف دمشق، إضف إلى ذلك، الاعتداءات "الإسرائيلية" المتكرّرة على السيادة السورية، آخرها كان الغارات الجوية المعادية التي استهدفت موقعًا للجيش السوري المنحل في مدينة طرطوس الساحلية، إلى أن هذه الحوداث تأتي في سياق الصراع الصهيوني - التركي على سورية.

لقد استغل رئيسا النظام التركي وحكومة الكيان الصهيوني رجب الطيب إردوغان وبنيامين نتنياهو الحوادث الأمنية التي حدثت في الأيام الفائتة، في جرمانا ذات الأغلبية من السكّان الذين ينتمون إلى طائفة الموحدين الدروز، ليؤكدان معًا حضور تركيا و"إسرائيل" في سورية، تحت عناوين برّاقة وخدّاعة. الأول أدعى الحرص على حماية أمن البلاد السورية، غير أن قواته والتنظيمات المتطرّفة التابعه له المنتشرة في بعض المناطق السورية لم يطلقوا طلقةً واحدةً، ولو حتّى في الهواء، ردًا على الاعتداءات الصهيونية، تأكيدًا على حق الرد، ولو كان من الناحية المعنوية أمام أعين الشعب السوري.
 
أما الثاني، أي رئيس حكومة "الكيان"، فقد أبدى "غيرته وحرصه" على أمن طائفة الموحدين في سورية مستغلًا الحوداث التي حدثت في جرمانا، بين عناصر من مسلحي "النصرة" (هيئة تحرير الشام) ومجموعة تابعة أو مؤيدة لـ "حركة رجال الكرامة" التي أسسها الشيخ أبو فهد البلعوس، في السويداء، في العام 2013. وترجّح معلومات أنها تحظى راهنًا بدعمٍ من الرئيس الروحي لطائفة الموحدين في فلسطين المحتلة الشيخ موفق طريف. غير أن مشايخ بني معروف المتمسكين بوحدة أراضي بلادهم والحفاظ على سيادتها أسهموا إسهامًا فاعلًا في التصدي لرئيس وزراء العدو، من خلال تأكيد رفضهم أي تدخلٍ خارجي، وبخاصةٍ "الإسرائيلي" في الشؤون السورية، تحت أي عنوانٍ. 

في المقابل، فقد استكثر "الحكم التابع لـ"جبهة النصرة" في تنظيم "القاعدة" القائم راهنًا في دمشق الذي يدور في فلك أنقرة، إصدار بيانٍ جديٍ يدين فيه تصريحات رئيس حكومة كيان العدوّ التي تتهدّد سيادة ووحدة الأراضي السورية والنسيج الاجتماعي للشعب السوري. 

في تفاصيل حوادث جرمانا: أن أهالي جرمانا يرفضون الانفلاش العشوائي للمسلحين التابعين "للقاعدة" في المنطقة المذكورة، نظرًا إلى دقة خصوصيتها، وصونًا لها. وبعد الاستفزازات المتكرّرة للمسلحين لأهالي المنطقة، بذريعة بسط سلطة "حكم النصرة" في جرمانا، اصطدموا مع أهلها، وبخاصةٍ بعض أبناء المنطقة المقرّبين من "رجال الكرامة". إثر ذلك، تحرك أبناء السويداء دعمًا لأهالي جرمانا، والأمر المستغرب أنهم سلكوا طريق الغوطة الشرقية، أحد معاقل "المسلحين"، وصولًا إلى جرمانا التي وصل إليها الإمداد من السويداء، من دون وقوع أي إشكالٍ مع "مسلحي الغوطة"، الأمر الذي يؤكد ضعف خبرتهم في الشؤون الأمنية والعسكرية.

بعد اشتباكات مسلحةٍ بين الفريقيّن دامت نحو يومين في آخر الأسبوع الفائت، انتهت بتسويةٍ مرضيةٍ لأهالي جرمانا، فقضت بتسليم مبنى إدارة الناحية إلى "النصرة" التي رضخت بدورها لمطلب "الأهالي" بإبقاء عناصر الحواجز الأمنية الموجودة على مداخل المنطقة المذكورة، وفي بعض أحيائها، مشتركةٍ بين "الأهالي" و"المسلحين". إثرها عاد الهدوء إلى جرمانا. أما بالنسبة إلى موقف الزعيم اللبناني وليد جنبلاط الرافض "للحماية الإسرائيلية للدروز"، فتؤكد مصادر سياسية سورية أن "مشايخ الطائفة المعنيين في الشأن الدرزي في سورية، سبقوا "بيك المختارة" إلى هذا الموقف، ورفضوا الاقتتال الداخلي، وهو من لحق بهم، وليس العكس".

بالعودة إلى الصراع الصهيوني - التركي على سورية، إذ على الرغم من وجود الجامع المشترك بينهما على إسقاط الدولة السورية وضرب مؤسساتها، وفي مقدمها المؤسسة العسكرية التي ما تزال عرضةً للاستهداف من العدوّ حتّى الساعات الفائتة، والدليل الغارة الأخيرة على طرطوس، وعلى الرغم من أن الفريقيّن منضويان في الحلف الغربي - الأميركي، لكن الكيان الصهيوني لا يقبل بوجود قوةٍ عسكريةٍ على تماسٍ مع نطاق عملياته، خصوصًا على البحر المتوسط، في ضوء ورود معلوماتٍ عن انتهاء مهام القوات الروسية في الساحل السوري في غضونٍ أشهر، حيث تنوي أنقرة إنشاء قواعد لها هناك، ما يسهم في تعزيز الحضور التركي في سورية، وسط صراع النفوذ المستعر بينهما على سورية، وهذا ما قد يزيد من حدة الصراع بينهما.

سورياالدروزالسويداء

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات