إنا على العهد

آراء وتحليلات

عودة الحرب على غزة وانقلاب نتنياهو على وقف إطلاق النار 
18/03/2025

عودة الحرب على غزة وانقلاب نتنياهو على وقف إطلاق النار 

عملَ نتنياهو بتهديدات سموتريتش بعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار، وأثبت أن الاحتلال لم يكن جادًا في إنهاء العدوان، بل كان يناور ريثما يطلَق سراح أكبر عدد من أسراه، ويتخلص من كابوس ضغوط أهاليهم، وجبهته الداخلية المطالبة بإطلاق سراحهم. وبعد حصوله على ألوان من الدعم وأشكاله من إدارة ترامب المروج بوضوح لتهجير الغزيين، مطلِقاً العنان لمزيد من إجرام الكيان بحقهم. فقد نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن "مسؤول إسرائيلي" أن: "ترامب أعطى الضوء الأخضر لاستئناف الحرب على غزة".

مجازر المرحلة الثانية من إطلاق النار، وليس وقفه، تعيدنا بالذاكرة لذروة الحرب وفظاعتها منذ بداية العدوان، وتثبت تورط الوسطاء والضامنين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ومسؤوليتهم المباشرة بعد تعهدهم بأن الاتفاق سيؤدي إلى مفاوضات المرحلة الثانية، وسيضمن عدم استئناف الحرب.

ولم تنجح المرونة التي أبدتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ولا سيما خلال إجرائها مفاوضات مباشرة مع الجانب الأميركي، في ضمان تنفيذ الاتفاق وإنهاء الحصار وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني. فمن ناحية، يكمن هدف الأميركي ومبعوثه "ويتكوف" في تحوير مضمون الاتفاق وحرفه عن مساره. ومن ناحية أخرى يستخدم نتنياهو الحرب لمصالحه السياسية على حساب أرواح الأبرياء الغزيين، متسلحاً بضوء أخضر أميركي وفشل عربي في ممارسة الحد الأدنى من الضغوط على الكيان ومن خلفه الأميركي ومصالحه في المنطقة الممتدة على طول الجغرافيا العربية. ولو أن الإرادة السيادية لتلك الدول توفرت، لتمكنت من تسخير إمكاناتها وإمكانات المجتمع الدولي المطالب بممارسة وسائل الضغط كافة على الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال وتنفيذ تعهداتهما.

باستئنافه الحرب يسعى نتنياهو لتمديد بقائه في السلطة لأطول فترة ممكنة، متجنباً المساءلة والمحاسبة على فشل حكومته وأجهزته خلال معركة السابع من أكتوبر. وكذلك، فهي عودة لحرب الهروب إلى الأمام في ظل أزمته الداخلية المتجلية في خلافه مع الأجهزة الأمنية، وآخرها مع رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار، وقمعه أصوات المعارضة الداخلية بعد تحضيراتها لتظاهرات ضخمة ضده ستطالب بإقالته ومحاسبته يوم غد الأربعاء.

عودة الحرب على غزة أطلق شرارتها الأميركي بعدوانه الأخير على اليمن، ما منح نتنياهو "شرعية" استئناف الإجرام في ظل صمت الدول العربية والمجتمع الدولي عن احتلال آلاف الكيلومترات من جنوب سورية ومجازر الساحل، وذلك تمهيداً لمخطط تقسيم وتفتيت ليس فقط سورية بل المنطقة كلها. وإضافة لاستباحة المحظورات التي تشهدها الساحة اللبنانية بعد اتفاق بري-هوكشتاين لوقف إطلاق النار وانعدام أي مساءلة. كل ذلك يجعل الكيان في حِلٍ من تنفيذ تعهداته كلها. إنها سلسلة عوامل شكلت فرصة تاريخيّة منسقة بخبث مع البيت الأبيض منحتها واشنطن لـ"تل أبيب" اقتنصها المجرم نتنياهو. وهي بداية عدوان مشترك معلن بعد أن كان مستتراً نسبياً بهدف إظهار اللاعب الاميركي في صورة الوسيط والضامن في حين أنه هو المسؤول الأول عن كل قطرة دم أريقت.

المشهد يشير الى بروز الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وحلفائها في تجمع قتالي على خط جبهة واحدة لخوض حرب فتح الشهية وتغيير وجه المنطقة وخريطتها، والقضاء على التهديد الإيراني وغيره إلى الأبد، وتنصيب الكيان الصهيوني بحدوده من النيل إلى الفرات، ونفوذه من المحيط إلى الخليج، حاكماً عسكرياً مسلطاً على شعوب ودول المنطقة كافة. ذلك فضلاً عن تخدير الجبهة الروسية وتكبيل القدرات الصينية.

وفي ظل وضوح الرؤية وجلاء المشهد وخطورته، تبقى فاتورة المواجهة أخف من المراهنة على أنصاف حلول وتسويات وتنازلات واهمٌ من يرى فيها لنفسه سلامة.

فلسطين المحتلةغزةبنيامين نتنياهو

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة