آراء وتحليلات
دلالات تزامن العدوان على اليمن واستئناف الحرب على غزة
لا شك أن استئناف الحرب على غزة وتزامنه مع العدوان الغاشم على اليمن هو أمر منسق بين الكيان وراعيه الأميركي، وهو تفسير لكل المماطلات الصهيونية للدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وتأكيد على القيادة الأميركية للعدوان وعلى أن الأمر لا يقتصر على الدعم أو مجرد الانحياز للكيان، وهو ما بدا جليًا في كون الكيان يروع السكان في غزة بيد، بينما تقوم أميركا بأيادٍ الأخرى بالعدوان على جبهات الإسناد لإتمام مخطط التهجير.
ورغم احتفاء بعض وسائل الإعلام العربية بما اعتبرته تراجعًا في تصريحات ترامب بشأن خطة التهجير لأهالي غزة، فإنه سرعان ما كشفت التقارير وكشفت الممارسات الأميركية بالعدوان على اليمن، عن إصرار أميركي على المضي في خطط التصفية للقضية والعبث بتوزانات القوى في المنطقة عبر حشر المقاومة في زاوية ضيقة ومحاولة إنهاء وحدة الساحات كمفهوم إستراتيجي أثبت فعاليته ونجاحه في معركة طوفان الأقصى التي لا تزال ممتدة حتى الآن.
وهذه التصريحات التي أطلقها ترامب لم تكن بحاجة لدلائل لإثبات أنها مجرد خداع، حيث قالت التصريحات إنه لن يتم طرد أي فلسطيني من غزة، وهذا لا يعد تراجعًا لأن الخطة لم تطرح طرد الفلسطينيين وإخراجهم قسرًا، بل تحدثت عن (هجرة طوعية) بدعوى أن القطاع مدمر ولا يصلح للعيش، وهو ما حاولت مصر في خطتها التي تبنتها القمة العربية أن تثبت أن الإعمار وإعادة الحياة للقطاع ممكنة دون خروج أهل غزة من أرضهم.
والإصرار الأميركي يتبين جليًا في رفض الخطة وعدم إعطائها حتى فرصة المناقشة بشكل أقرب إلى التجاهل المسبق العمدي، كما يتبين في حصار القطاع واستمرار تحويله لمكان غير صالح للعيش عبر منع المساعدات وتجويع وتعطيش الأهالي واستمرار العدوان "الإسرائيلي" ولو بشكل متقطع، ولكنه يكفي لنزع الأمان، وبالتالي يستمر القطاع مكانًا طاردًا للسكان وقابلًا لنجاح خطة (الهجرة الطوعية).
ولم تكتفِ أميركا بدعم انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار ودعم استمرار الحصار والتجويع في غزة، بل سارت في مسارين، سياسي وعسكري، لإطباق الحصار على غزة وإنجاح خطتها الشيطانية.
ويتمثل المسار السياسي في الاتصالات التي كشفتها وسائل الإعلام، وتحديدًا وكالة "آسوشيتد" برس عن اتصالات أميركية شملت كلًّا من السودان، والصومال، وإقليم أرض الصومال الانفصالي، لعقد صفقات بموجبها يتم استقبال من يرغب في الخروج طوعًا من غزة مقابل حوافز مالية وسياسية وعسكرية، تشمل الدعم الاقتصادي والعسكري والاعتراف الدولي في حالة إقليم أرض الصومال الانفصالي.
ويتمثل المسار العسكري في العدوان على كل من يعرقل الحصار الصهيوني، وهو ما حدث مع اليمن بعد أن انبرى اليمن لكسر الحصار بفرض حصار مضاد على الكيان الصهيوني عبر عودة استهداف السفن المتجهة إلى الكيان.
هنا تحارب أميركا بنفسها من يقاوم الكيان ومن يفك الحصار عن غزة ويساندها، وهو ما يدل على أمرين في غاية الأهمية:
الأول: هو أن الكيان فاشل في المواجهة مع اليمن ولا يستطيع الحرب بمفرده معها وأنه يخشى مواجهة مباشرة مع أنصار الله وعودة استهداف العمق الصهيوني وهو ما يؤكد هشاشة هذا الكيان الذي لا يستقوي إلا على المدنيين العزل ولا يجيد إلا خرق الاتفاقيات والعهود واستغلال التفاهمات السياسية لاقتناص مكاسبه التكتيكية.
الثاني: هو أن اميركا هي القائد الفعلي للعدوان وأن خطة التهجير هي مشروع "جيوسياسي" أميركي بامتياز، ولكنه يستخدم القناع الصهيوني ويوظف الكيان كخادم لمشاريعه الإستراتيجية.
والمتابع للتقارير والتصريحات الصهيونية، يكتشف أن الكيان يستهلك الوقت لتمرير خطة التهجير التي تتلاقى مع أشواق المتطرفين المهووسين في الكيان، فقد شدد وزير المالية الصهيوني، "بتسلئيل سموتريتش"، على أن العمل جارٍ من أجل تنفيذ خطة ترامب للاستيلاء على غزة وترحيل أهلها، مع إجراء عملية توسيع ضخمة للاستيطان في الضفة الغربية أيضاً.
كما أكد مسؤولون أمريكيون و"إسرائيليون"، وجود اتصالات بالفعل مع الصومال وأرض الصومال الانفصالية، و أكد الأميركيون وجود اتصالات مع السودان أيضًا، وقالوا إنه لم يتضح مدى التقدم الذي أحرزته الجهود أو مستوى المناقشات، وأشاروا إلى أن "إسرائيل" وأميركا لديهما مجموعة من الحوافز المالية والدبلوماسية لتقديمها لـ "الشركاء المحتملين".
لا شك أن حشر اسم إيران في عناوين الإعلان الاميركية عن استهداف اليمن هو توظيف سياسي للعدوان يهدف إلى ردع إيران عن التدخل أو مساندة غزة وتهديد مبطن مفاده أن أميركا جادة في التحرك العسكري، كما أن الصمت العربي يشي باكتفاء العرب بمنع التهجير لمصر والأردن وأن لا مانع من الخروج إلى أماكن أخرى وبالشكل (الطوعي) الذي يحفظ ماء وجوههم.
كما أن تزامن العدوان الأميركي على اليمن واستئناف الحرب على غزة هو إعلان عن الاصطفاف الصهيو-أميركي في قراءة متوهمة بأن الإسناد لغزة لم يعد موجودًا بعد وجود اتفاق مع لبنان واستعراض العضلات الأميركية باليمن، وبعد ثبات الضعف والعجز العربي الرسمي.
ولكن الأمور لا تسير بهذا الشكل، حيث أعلن اليمن عن التصعيد وقام باستهداف حاملات الطائرات الأميركية وأعلن عن مزيد من التصعيد في تلويح بأنه استئناف لاستهداف الكيان، ولم تصدر أي إشارة للتراجع من أي جبهة مقاومة، كما أن الإشارات الصادرة من داخل غزة كلها تفيد بتمسك أهل غزة بأرضهم مهما كان الحصار والتجويع والتعطيش، وهو ما يشي بمرحلة جديدة من التصعيد في حرب الإرادة الوجودية التي لن تفرط جبهات المقاومة في ثابت واحد من ثوابتها بها.
الولايات المتحدة الأميركيةالكيان الصهيونيغزةاليمن
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
19/03/2025
طورٌ جديد من أطوار حربٍ لن تنتهي
التغطية الإخبارية
لبنان| قوات العدو في تلة الحمامص جنوب الخيام تطلق رشقات رشاشة باتجاه محيط التلة
لبنان| إصابة مواطن جراء إطلاق الرصاص على سيارته من قبل قوات الاحتلال على الطريق الداخلي بين كفركلا - العديسة
فلسطين المحتلة| طيران الاحتلال يقصف منزلًا في حي التفاح شرقي مدينة غزة
نقابة المحامين بـ "إسرائيل": سنعلن إضرابًا في الجهاز القضائي إذا أخلت الحكومة بقرار المحكمة تجميد عزل رئيس "الشاباك"
فلسطين المحتلة| مدفعية الاحتلال تقصف غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة
مقالات مرتبطة

تغيير دراماتيكي في وقت قصير: خطة ترامب تفقد ثقة "الإسرائيليين"

الإمام الخامنئي محذرًا الولايات المتحدة: إذا ارتكبتم أي حماقة بحق إيران.. ردّنا سيكون قويًا

"نيويورك تايمز": الحرب ليست الطريقة الأنسب للتعامل مع برنامج إيران النووي

الولايات المتحدة تواصل عدوانها: غارات على الحُديدة وصعدة في اليمن

تحليل غربي: ترامب يخاطر برضوخه لنتنياهو

سجال حاد على المستوى السياسي في كيان العدو حول قرار المحكمة العليا بتجميد إقالة بار

جيش الاحتلال يُعزّز قواته في قطاع غزة

وجه التطبيع الأوحد.. الذل والخسارة

القوات المسلحة اليمنية تنفّذ عملية نوعية ضدّ هدف عسكري للعدو جنوب يافا المحتلة

إندونيسيون يتظاهرون أمام السفارة الأميركية رفضًا لجرائم الإبادة الصهيونية في غزة

من غزة وسورية إلى لبنان بؤر متفجّرة والحذر من الزلزال الأميركي القادم

العدو يتابع مسلسل اغتيالاته في غزة

الإمام الخامنئي: العدوان المتجدّد على غزة هو جريمة كبيرة وكارثية للغاية

عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين في مجازر همجية في قطاع غزة

نوبات هلع وإصابة 13 مستوطنًا إثر إطلاق الصاروخ اليمني على وسط "إسرائيل"

"شقائق الأنصار" تنفر مع غزّةَ هاشم وتعلن جهوزيّتها للتصدي للعدوان الأميركي
