آراء وتحليلات
من غزة وسورية إلى لبنان بؤر متفجّرة والحذر من الزلزال الأميركي القادم
استأنف بنيامين نتنياهو لغة الحرب التي يدمن عليها بعد شهور من الهدنة المؤقتة لإنجاز عملية تبادل الأسرى، وعلى الرغم من التهديدات "الإسرائيلية" التي سبقت العدوان ومسوّغاتها الواهية المرتبطة بعملية التبادل فإن الغارات الوحشية وعمليات القصف الهمجي على قطاع غزة جاءت مفاجئة بتوقيتها وضراوتها وأهدافها السياسية والعسكرية، أما السبب الحقيقي لاستمرار نتنياهو اللعب ببورصة الدم الفلسطيني فهو حاجته الماسّة لترتيب البيت الداخلي "الإسرائيلي" من خلال التمهيد لعودة الوزير المستقيل "إيتمار بن غفير" إلى الحكومة بهدف تجنّب سقوط الائتلاف الحكومي عشية التصويت على الموازنة في "الكنيست"، وتمتين دعائم حكومته ريثما تنتهي التحقيقات الجارية بحقه، على أن يباشر استعداداته للانتخابات المصيرية العام المقبل.
وعلى أي حال فقد جاء اتفاق الهدنة بصياغة هشّة وكان متوقعاً في أي لحظة أن يعرقل عمليات التبادل عدوان "إسرائيلي" مفاجئ، خصوصاً أن نتنياهو أعلن أنه سيواصل الحرب للقضاء على "حماس" كوجود عسكري وسلطة سياسية في قطاع غزة، وقد اختار نتنياهو اللحظة المناسبة لاستئناف العدوان على غزة بعد تحديث أجهزة الاستخبارات بنك المعلومات لديها واستكمال أجندة الاستهدافات، واستفاد في ذلك من الدعم الأمريكي اللامحدود الذي يمنحه إياه صديقه دونالد ترامب، ويبدو أن "ما حدث في غزة ليس إلا البداية.. وسندير المفاوضات تحت النار" على حد قول نتنياهو الذي كرّر معزوفته بالقول: "نعمل على تغيير شكل الشرق الأوسط"، وهذا يعني وفق متابعين أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً تدريجياً إلى حين إقفال ملف الأسرى سواء بإنجاز عمليات التبادل تحت الضغط أو بقتل الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية - سبق أن أعلنت حركات المقاومة الفلسطينية عن مصرع عدد من الأسرى بهذه الطريقة دون أن يثني ذلك جيش الاحتلال عن الاستمرار في أعمال القصف والتدمير - وبذلك لا يعود أمام ترامب ونتنياهو أي عقبة أمام تنفيذ مشروع "الترانسفير" القهري للفلسطينيين إلى صحراء سيناء أو الصومال والسودان.
ويضيف المتابعون أن نتنياهو يستغل الواقع المتأرجح على المستوى الإقليمي بما يتيح له إطلاق يده في استباحة الدم الفلسطيني ومواصلة اعتداءاته على لبنان براً وجواً وبحراً، فالحكومة اللبنانية مصّرة على اعتماد الأطر الدبلوماسية في مواجهة الخروقات "الإسرائيلية" للقرار 1701 بموازاة نشر الجيش اللبناني في المناطق الجنوبية بالقدر الممكن، فيما تلتزم المقاومة بالترقّب والصبر فاتحة المجال للعهد الجديد أن يثبت صوابية قراره بالحد من العدوان المتمادي، ويلفت هؤلاء إلى أن التجربة والواقع يبيّنان أن "إسرائيل" لم تلتزم يوماً بأي قرارات دولية أو معاهدات أو مواثيق، وإذا افترضنا أن لا مقدّمات ميدانية تسوّغ استئناف الحرب على الجبهة اللبنانية إلا أن نتنياهو ماضٍ بالقول والفعل في تنفيذ مشروعه التوسّعي في الجانب السوري من خلال الاستمرار بشنّ الغارات شبه اليومية واستهداف المنشآت والمواقع الحيوية والعسكرية وتوسيع رقعة احتلاله للأراضي السورية ونيّته التوغّل باتجاه الشمال الشرقي وتكريس حال التقسيم في البلد المنهك.
للمناسبة فقد وقعت منذ أكثر من عشر سنوات على مقال للكاتب السعودي تركي الحمد يتحدّث فيه عن الانتشار السريع والقوي لجماعة "داعش" في العراق، وكيف تحوّلت هذه الحركة الإرهابية سريعاً إلى "تنظيم جماهيري يجتذب الآلاف، وهو الذي لا جاذبية في خطابه وفكره، على افتراض أن لديه فكراً" ويرجّح في سياق رؤيته للدوافع والأسباب أن "داعش تحوّلت إلى نوع من الجبهة الضامّة في صفوفها كل السنّة العراقيين، وبالتالي فإن تأييدها والسير في ركابها ليس إيماناً بخطابها أو أهدافها، بقدر ما أنه رفض لما تسميه بالمشروع الإيراني في العراق، وانتفاضة ضد التهميش والتمييز والتشيّع السياسي، أي وفق مقولة “ليس حباً في معاوية، ولكن كرهاً في عليّ”، ولكن الحمد يعود ليوضح أن "الولايات المتحدة وحلفاءها، وعلى رأسهم السعودية وبعض دول مجلس التعاون، إلى جانب مصر والأردن، يرون في الانتفاضة السنّية العراقية ورقة ضاغطة على إيران كي تكبح جماح نفسها، أو تُرغم على ذلك، ومحاولة لتحقيق نوع من التوازن الطائفي في المنطقة".
ما سبق يوحي باعتراف شبه صريح بأن واشنطن هي التي أنشأت وموّلت الجماعات "الداعشية" في العراق وأمنت لها مختلف وسائل القتل والتخريب لارتكاب المجازر الشنيعة بحق السنّة والشيعة بذريعة التصدّي للمشروع الإيراني، وللمناسبة فإن الدول والجهات نفسها - التي ذكرها الحمد - هي نفسها التي دعمت الفصائل الأفغانية ضد الاحتلال السوفييتي وتطوّرت لتنبثق منها "القاعدة" وأخواتها وتصبح تهديداً عالمياً، واتخذت الإدارات الأمريكية المتعاقبة هذا الأمر (خصوصاً بعد مسرحية حوادث تفجير 11 أيلول) ذريعة لإعادة حضورها العسكري المباشر في المنطقة وإشعال الحروب في دولها انطلاقاً من العراق، وتبيّن في ما بعد أن ما شحنته واشنطن من أساطيل وما زرعته من قواعد عسكرية في الخليج على وجه التحديد كان يهدف بشكل أساس لتطويق إيران وتشديد الحصار عليها وضرب اقتصادها وقطع إمداداتها لحركات المقاومة، فضلاً عن السعي الدائب لضرب الأمن الداخلي الإيراني وزعزعة الاستقرار السياسي والأمني فيها.
وربطاً بما سبق يدعو المتابعون إلى ترّقب التطوّرات السياسية والعسكرية التي قد تعصف بالمنطقة في الفترة القريبة المقبلة في ضوء حال عدم الاستقرار والتنازع الإقليمي المحموم في الساحة السورية، وما قد تسفر عنه التهديدات الأمريكية بضرب إيران بالتوازي مع الغارات الأمريكية العنيفة التي تستهدف مناطق أنصار الله في اليمن، والتي تنذر بمواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات وتترك تداعياتها على كامل الإقليم. وبالتوازي مع البؤر القابلة للانفجار في المنطقة لا يقلّل هؤلاء من أهمية الاشتباكات المسلّحة التي تجري عند الحدود اللبنانية الشرقية، وما يمكن أن تفرزه من تداعيات خطرة على الساحة اللبنانية لا سيّما مع مبادرة بعض الداخل إلى إذكاء الخطاب الطائفي البغيض والسعي لاستيراد خطر الصدام إلى لبنان ومحاولة إقحام سلاح المقاومة في هذه الاشتباكات، مع العلم بأن المعطيات الميدانية وبيان قيادة الجيش اللبناني قد حسمت الجدل بهذا الشأن، وحسناً فعل رئيس الجمهورية العماد جوزف عون بتكليف الجيش تحمّل مسؤولية المواجهة مع المسلّحين لأن انفلات الأمور ستجرّ إلى نتائج لا تحمد عقباها.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
19/03/2025
طورٌ جديد من أطوار حربٍ لن تنتهي
التغطية الإخبارية
وزارة الصحة الفلسطينية في غزة تدين الجريمة النكراء للاحتلال باستهدافه مستشفى الصداقة التركي
زعيم حزب "الشعب الجمهوري" التركي: عدد المتظاهرين في إسطنبول بلغ 300 ألف وصدامات مع الشرطة
طائرات الاحتلال تشن غارة على حي النصر شمال رفح جنوب قطاع غزة
ترامب: لا نريد خوض حرب مع الصين لكن إن اضطررنا لذلك فنحن مستعدون لها جيدًا
الخارجية الأمريكية: فرضنا عقوبات على مصنع تكرير نفط صيني لشرائه النفط الإيراني
مقالات مرتبطة

الرئيس بري: النواب يجمعون على قضية حق المودعين باستعادة ودائعهم كاملة

المفتي قبلان لأرباب "الرؤوس الطائشة": لولا المقاومة وتضحياتها لما بقي لبنان

الشيخ الخطيب: لا سبيل لنا بالخلاص إلا بالوحدة والتضامن

الهيئات النسائية في حزب الله توزّع "سلّة كريم أهل البيت (ع)" في البقاع

حزب الله يشيّع الشهيد مروان غسان شومان في تمنين التحتا

انتقامًا للمجازر.. كتائب القسام تقصف عسقلان

مسيرات حاشدة في الأردن والمغرب تنديدًا باستئناف الإبادة الصهيونية على غزة

إندونيسيون يتظاهرون أمام السفارة الأميركية رفضًا لجرائم الإبادة الصهيونية في غزة

العدو يتابع مسلسل اغتيالاته في غزة

دلالات تزامن العدوان على اليمن واستئناف الحرب على غزة

"إسرائيل" و"تحرير الشام".. أي مصالح مشتركة وكيف يواجِه لبنان؟

الجيش اللبناني يدخل بلدة حوش السيد علي والأهالي يتحضّرون للعودة

الجيش: وحداتنا ردت على قصف الأراضي اللبنانية من الجانب السوري في حوش السيد علي

بعد "الثورة والتغيير" في سورية... لبنان يشهد موجة نزوحٍ جديدةً
