آراء وتحليلات
الصهاينة "الأشكناز" عماد ترامب نحو الفوضى
لم يكن مفاجئاً أن يأتي بيان جلسة مجلس الأمن المغلقة التي عقدت ما بين الأميركيين والروس في الأسبوع الماضي على وقع المجازر التي ارتكبت في الساحل السوري، "كسيحةً"، كما تأتي البيانات والتصريحات والنتائج المتعلقة بمنطقتنا العربية. إذ تعتبر الحالة التي آلت إليها منطقة الساحل السوري، والتي ستمتد بالتأكيد لتطول مناطق الداخل في حماة وحمص، خاصة وأن ريف المحافظتين تسكنه "الأقليات" وتشكل الأغلبية فيه، مرعبة لأهلها ومن حولهم. ولذلك فعندما يأتي بيان الاجتماع المغلق هزيلاً بالشكل الذي صدر فيه، فإن هناك من سيأخذ المنطقة إلى المزيد من حالة الفوضى.
لقد استُغِلَت عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إذ كان من المفترض أن تكون العين على فلسطين والأحداث فيها. وما حدث كان خارج التوقعات في لبنان واليمن والعراق وصولاً إلى سورية، خاصة بعد سقوط النظام فيها في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024. وسقطت المنطقة في فوضى الكيان الصهيوني والأميركي. كان لدونالد ترامب كلام في آب/ أوغسطس على قناة الـ CNN، أخذ بتهاون: "إن مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها". كشف قبله خلال مؤتمر صحفي في نيوجرسي بأن "إسرائيل" يجب أن "تنهي ما بدأته". وأنه قال لنتنياهو خلال لقائهما الأخير في بيته في فلوريدا في 26 تموز/ يونيو 2024: "أن يحقق انتصاره وينهي الأمر". وذلك بعد خطاب نتنياهو الشهير في الكونغرس الأميركي.
في 2 كانون الثاني/ يناير/ 2025، كتب بيتر كوينغ على موقع "غلوبال ريسرتش"، Global Research، أن المنطقة ستذهب نحو الفوضى، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتمد هو و"البنتاغون" و"الناتو" على القوة الصهيونية الأشكنازية في تحقيق هذا الأمر، أي بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، واليمين المتطرف وما يمثلونه من عنصرية ووحشية. كلام يفسر بشكل كبير أمرين اثنين، جرأة نتنياهو على إعادة تسعير الحرب وزج المزيد من الجنود الصهاينة فيها دون أن يأبه بارتفاع خسائره في الحرب ودخول لبنان والقصف الوحشي للمدنيين فيه. والأمر الثاني، هو حجم الدعم الذي تناله حكومة نتنياهو في زمن ترامب وخلال مرحلة الانتخابات، والتي جل ما فعله الصهيوني بايدن خلالها، مد الكيان بالسلاح، خاصة بعد نقاش فلوريدا.
إذن، الدفع نحو الفوضى من جديد هو ما سعى إليه ترامب، أو من يحكم أمريكا اليوم، فمن الطبيعي أن يذهب مجلس الأمن كما العادة عندما يتعلق القرار بالكيان الصهيوني إلى قرار كسيح: "لا يسمن ولا يغني من جوع" . خاصة وأن "إسرائيل" تستفرد اليوم بسورية وترتكب الانتهاكات المتتالية فيها وفي لبنان وفلسطين على حد سواء. وما يؤكد هذا المنهج الترامبي الذي دُفع دفعاً لدخول الحرب مع اليمن بعد الإحراج الذي واجهه بدخول اليمن على خط الدفاع عن غزة مرة أخرى. وجاء تأكيد فرضية الفوضى في لبنان عبر الانتهاكات التي تمارسها "عصابات إرهابية" على الحدود السورية اللبنانية، والتي قد تستجر إلى حرب مع الجيش اللبناني، أو مع المقاومة في لبنان، محاولات ليست بريئة، من أهدافها تعطيل خط إمداد المقاومة بالسلاح عبر الحدود وكشف مخابئه واستفزازها لحماية أهلها، في وقت يقوم "اليونيفل" بمراقبة الساحل اللبناني.
في ظل هذه الحصارات للمقاومة في لبنان وفلسطين والمرتبطة بشكل كامل بتحقيق أمن "إسرائيل" التي تتمدد اليوم في سورية وبشكل وقح، يأتي قرار كسيح من مجلس الأمن، لا يعبر حتى عن تعاطف مع المدنيين. بيان لم يتضمن إدانة القصف الصهيوني المتكرر للساحل السوري بحجة التخوف من تجمعات إرهابية تحكم سورية. ومنسجم مع تصريحات نتنياهو المتكررة حول وجود إرهابيين يحكمون سورية اليوم ويتوافق مع تصريحات ترامب حول قيادة سورية الجديدة. وهذا في أغلب الظن قد تم نقاشه مع الروس. وروسيا اليوم في حالة تفاوض من أجل وقف الحرب في أوكرانيا، والتي إن فشلت قد تستمر إلى ما بعد ترامب.
بعد صدور البيان، توالت المحادثات ما بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والأميركي ترامب، وفي مكالمة هاتفية بينهما يوم الثلاثاء تمت مناقشة ملفات متعددة منها الحرب الأوكرانية- الروسية، حيث شدد الكرملين على أن الشرط الأساسي لمنع تصعيد الصراع وتطبيع العلاقات هو "التوقف [الأميركي] الكامل عن تقديم المساعدات العسكرية والاستخبارية لكييف". وكشفت الرئاسة الروسية أن المكالمة بحثت الوضع في الشرق الأوسط والبحر الأحمر وبذل جهود مشتركة لاستقرار الوضع في "النقاط الساخنة"، كما وصفت. مكالمة تلاها في اليوم التالي هجوم روسي بعد ضرب كييف لمستودع للوقود في روسيا. وصف الإعلام يوم الخميس مكالمة الثلاثاء بالفاشلة، بسبب عدم وجود نوايا جدية من أجل تسوية "النزاع". خاصة وأن مكالمة هاتفية تمت بين ترامب والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي في اليوم التالي، طلب فيها الأخير، بحسب المتحدثة في البيت الأبيض، أنظمة دفاع جوي، وافق عليها ترامب "ضمن ما هو متوافر وخصوصاً في أوروبا". مما يعد نسفاً لأي اتفاق مع موسكو ولي ذراعها.
وبالعودة لكلام "كوينغ" الملفت حول التعامل مع الصهاينة الأشكناز، وزيلنسكي واحد منهم، هناك حاجة أميركية له من أجل إتمام اتفاقية استثمار المعادن النادرة في أوكرانيا. من أجل ذلك يحتاج ترامب إلى وقف الحرب، فلا استثمارات في جو من الاقتتال. على المقلب الآخر، تحتاج روسيا إلى البقاء في المياه الدافئة في قاعدة حميميم، ولربما توفير الظروف الدولية لضمان الاستثمار في حقول الغاز السورية. لكن لا يمكن تحقيق ذلك مع استمرار المجازر والاضطرابات في الساحل السوري دفعاً لقبول ضامن دولي في المنطقة. والدفع بالأكراد لاستلام أمن الساحل ليس مفاجأة كبرى، إذ سيرتبط وجودهم بمجموعة من القرى الكردية المتمركزة في جبل حلب، المعروف بجبل الأكراد. وقد نشرنا مراراً على موقع العهد حول الخطط الرامية لإنشاء دولة كردية تمتد من الشرق السوري وصولاً إلى البحر المتوسط. وفي هذا مصلحة أوروبية كبيرة. ومنذ ثمانينيات القرن الماضي يشكل الأكراد حليفاً يدعمه الاتحاد الأوروبي أعداء روسيا اليوم، والطامعين باستثمار حقول الغاز في الساحل السوري. دولة كردية ذات علاقة مثالية مع الكيان بحسب تصريح نتنياهو في 2017، وهو ما تحدث عنه وزير خارجيته، جدعون ساعر، في نهاية العام الماضي.
واقع معقد، وأزمة كبيرة يرزح الساحل تحت وطأتها اليوم، وما قام به مجلس الأمن الأسبوع الماضي هو الدفع مجدداً نحو تطبيق القرار 2254، قرار يدفع نحو تكريس الطائفية والإثنية في سورية، بما يتناسب ووجود مجموعة من الإثنيات والطوائف كدول متناثرة في المنطقة، وهو ما يتناسب في المحصلة مع مصلحة الكيان وأمنه.
الكيان الصهيونيدونالد ترامبفلاديمير بوتين
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
24/03/2025
الصهاينة "الأشكناز" عماد ترامب نحو الفوضى
22/03/2025
أزمة تركيا.. بين الداخل والخارج
التغطية الإخبارية
حماس: ندعو شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم للنفير العام الجمعة والسبت والأحد دفاعًا عن غزة والقدس ورفضا لجرائم الاحتلال وداعميه
حماس: ندعو لشدّ الرحال والرباط والاعتكاف في المسجد الأقصى والاشتباك مع الاحتلال في كل الساحات نصرةً لغزة والقدس والأقصى
فلسطين المحتلة| الاحتلال ينسف مباني سكنية في المناطق الشمالية لمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة
فلسطين المحتلة| قوات الاحتلال تقتحم منازل الفلسطينيين في مخيم الفوار جنوب الخليل
فلسطين المحتلة| وجهاء ومخاتير محافظة الوسطى: المحافظة بأهلها ومخاتيرها ووجهائها تقف في صف المقاومة
مقالات مرتبطة

سورية تستنكر العدوان "الإسرائيلي" على درعا وتدعو شعبها لرفض محاولات تهجيره

استشهاد 5 سوريين بقصف "إسرائيلي" على درعا

خلاف بين كاتس وقيادة المنطقة الشمالية يمنع دخول العمال من سورية

عضو كنيست يُحذّر: "إسرائيل" أمام سيناريو حرب أهلية

الأزمة الأولى بين إسرائيل كاتس وإيال زمير: لا أتلقى تعليمات عبر الإعلام

في عصر الترامبية... المطارات فرع أمن!

ترامب يفرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على أي دولة تشتري النفط والغاز الفنزويلي

"بلومبرغ": انهيار واسع في الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها

ترامب يلغي التصاريح الأمنية لهاريس وكلينتون

تحليل غربي: ترامب يخاطر برضوخه لنتنياهو

ترامب وبوتين يبحثان سبل وقف إطلاق النار وتطبيع العلاقات

بوتين موافق على وقف إطلاق النار: هناك قضايا يجب أنْ نناقشها

بوتين ردًّا على ماكرون: لا نية لدى روسيا للتراجع

الكرملين: بوتين مستعد للحديث إلى ترامب
