معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

أكراد سوريا بين محدودية الخيارات وضعف المرونة التفاوضية
28/12/2018

أكراد سوريا بين محدودية الخيارات وضعف المرونة التفاوضية

نضال حمادة
وقع ما كان محظوراً وقوعه عند الأكراد في المنطقة بشكل عام وأكراد سوريا بشكل خاص، وأصبح الكابوس الذي طالما تمنى الأكراد أنه لن يعود واقعاً بعد الإعلان الأمريكي عبر تغريدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على "تويتر" عن قراره الإنسحاب من سوريا، تاركاً المنطقة في تشابك وتصادم خصوصاً بين تركيا والأكراد، ما أدخل الطرفين في تخبط كبير جراء مفاجأة ترامب بعد أن بنى بناء كل طرف منهما سياسته في المنطقة تجاه الطرف الآخر وفقا للتموضع الأمريكي.

تركيا التي فاجأها القرار وتلقته خلال اتصال هاتفي بين رئيسها رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي، بدأت حملة حشد عسكري وإعلامي على نطاق واسع على الحدود مع سوريا في المناطق التي يسيطر عليها حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري". وتكاد الإعلانات عن وصول الحشود مستمرة على مدار الساعة في عملية إعلامية أكثر منها عسكرية في الوقت الحالي، للضغط على الأكراد ولكسب تأييد داخلي تركي. ولو صدقت كل التقارير التركية عن الحشود التي ترسل على مدار الساعة لأصبح لدى أنقرة أكثر من مليون جندي على حدود عين العرب ورأس العين من ناحية ولاية كلس التركية، لكن عملية الضغط النفسي من وراء توالي الأخبار عن الحشود واضحة المعالم.

مصادر كردية ذكرت أن حزب العمال الكردستاني تسلم زمام التفاوض عن أكراد سوريا، وزار وفد قيادي من الحزب عواصم عربية عديدة للوصول الى العاصمة السورية دمشق ومنها إلى قاعدة حميميم الروسية للتفاوض مع الدولة السورية برعاية روسية إيرانية.

مصادر إعلامية كردية ذكرت أن وفد حزب العمال الكردستاني الذي يفاوض حاليا في سوريا مؤلف من ثلاثة أشخاص كلهم من قيادات جبل قنديل السياسية والعسكرية، وقد وصل الوفد الى السليمانية في العراق ومنها انتقل إلى بغداد حيث التقى قيادات في الحشد الشعبي ومسؤولاً عراقياً مقرباً من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وبرلمانياً عراقياً من التيار الصدري، وطلب الوفد الكردي من العراقيين الذين التقاهم الوساطة مع الدولة السورية من أجل إيجاد حل يمنع تركيا من الهجوم على المسلحين الأكراد في الشرق السوري. بعدها بيوم غادر الوفد الى سوريا حيث التقى مسؤولين أمنيين سوريين ثم انتقل إلى قاعدة حميميم الروسية لإكمال المفاوضات برعاية روسية إيرانية.

المصادر الإعلامية الكردية نقلت عن مسؤولين في حزب الاتحاد الديمقراطي قولهم إن روسيا وسوريا وإيران لا يريدون أن تتدخل تركيا في الشرق السوري أكثر لذلك فإن موقفهم هو مع بقاء الإدارة الذاتية الكردية في الشرق السوري، بينما تشترط الدولة السورية تسليم الأكراد كل المناطق التي يسيطرون عليها للجيش السوري وعودة الدوائر الحكومية الى كل المناطق وانتهاء ما يسمى بالإدارة الذاتية ومؤسسات روج آفا الكردية. وتشير المصادر الكردية الى أن القيادات الحزبية في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري خارج الواقع تماما أو انها تعيش في كوكب آخر عندما تفاوض بشروط تعرف أن السوري يرفضها وهو يعلم أن نهاية المسلحين الاكراد على يد الجيش التركي آتية وسوف تكون سريعة إذا لم تتدخل الدولة السورية وحلفاؤها لإنقاذ مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي السوري من خطر سحقهم على يد الآلة العسكرية التركية، موضحة "أننا نحن الأكراد فقدنا القيادات التي تمتلك الحكمة والمرونة لإخراج حل تفاوضي وسياسي ينقذنا من المذبحة التركية. لقد أصابنا عقم استيعاب الحقيقة المرة والتفاوض على أساسها". وتساءلت المصادر الكردية "إذا كنتم لا تريدون التنازل للسوري لماذا طلبتم من كل أصدقائه وحلفائه إقناعه باستقبال وفدكم الآتي من قنديل مرورا ببغداد؟".

مصادر إعلامية كردية قالت إن الحل المطروح أمام حزب الاتحاد الديمقراطي تضمن توزيع مناطق نفوذه في المستقبل وفق الشكل الآتي: محافظة دير الزور، ومحافظة الحسكة التي تضم القامشلي (رأس العين) وديرك وبقية المناطق والبلدات الكردية والعربية تحت سيطرة الدولة السورية برعاية روسية وضمانات روسية إيرانية لقادة وعناصر الحزب، على أن يتسلم المسلحون الأكراد حماية المنشآت النفطية وحقول الغاز لصالح الدولة السورية. في نفس الوقت تنشر الدولة السورية عناصر من حرس الحدود (الهجانة) في الخطوط المواجهة للجيش التركي. وأضافت المصادر إن إحدى الأفكار التي طرحها وفد حزب العمال الكردستاني كانت انضمام وحدات الحماية الكردية الى صفوف الجيش السوري بتفاهمات محددة وهذا العرض تم رفضه من جانب القيادة السورية.

المصادر تشير الى توجه صالح مسلم القائد الفعلي لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري والواجهة السورية لحزب العمال الكردستاني الى القاهرة في سعي لتوسيطها في المفاوضات مع الجانب السوري. ويحظى مسلم بعلاقات جيدة مع الخارجية المصرية وجهاز المخابرات المصري وقد استقبلته القاهرة أكثر من مرة خلال السنوات الماضية.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات