خاص العهد
المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية لطفي المريحي لـ"العهد": لا بد لتونس من أن تكسب سيادتها
روعة قاسم
تستعد تونس يوم 15 سبتمبر / ايلول القادم للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها التي يتنافس فيها 26 مترشحًا. ويكشف المرشح للانتخابات الرئاسية لطفي المرايحي في هذا الحوار الخاص لـ"العهد" عن أبرز أهداف برنامجه الانتخابي، معتبرًا أن تونس اليوم تحت وصاية صندوق النقد الدولي ووصاية دول غربية، وتستباح ثرواتها بدعوى أن هناك اتفاقيات ومعاهدات دولية موقعة.
الدكتور لطفي المرايحي هو سياسي وكاتب وطبيب، أسس حزب الاتّحاد الشعبي الجمهوري منذ ثماني سنوات، وترأّس جمعية الإبداع الموسيقي كما أشرف على إدارة العديد من المهرجانات الثقافية وأنتج العديد من البرامج الإذاعية. وللمرايحي إصدارات عدة آخرها كتاب "تونس التي في خاطري" .
وفيما يلي نص المقابلة :
- ما سبب ترشحكم للانتخابات الرئاسية؟ وما أبرز نقاط برنامجكم الانتخابي؟
ترشحت للانتخابات الرئاسية لأن الوضع في تونس صعب جدًا والآمال والأحلام التي كانت معهودة للثورة تبددت وأصبح هناك حالة احباط جماعي مع ازمة اقتصادية واجتماعية خانقة واستثنائية. فاليوم هذا الوضع الصعب يتطلب أن يحمل كل انسان مشروعًا يحاول التقدم به لإنقاذ الوطن. وباعتباري أمين عام ومؤسس حزب الشعب الجمهوري الذي أسسته في سنة 2011، ورغم أن الحزب ظل متواصلًا ونشطًا ولكن يحتاج لسنوات لكي ينمو ويحقق ذاته، واعتباراً من مفهوم ان الانتخابات الرئاسية هي التقاء رجل بشعب كما يعرفها الجنرال ديغول، فاعتبرت أن الانتخابات الرئاسية تسمح لي بان أقدم مشروعي للشعب التونسي، وآمل بأن أحظى بتزكية التونسيين ومصادقتهم على هذا المشروع الذي من خلاله أسعى لمجابهة التحديات والرهانات التي تحتاج تونس لاجتيازها بسلامة وبأسرع وقت. ثم إن المشهد السياسي الذي كان موجودًا في 2014 من حيث المترشحين للانتخابات الرئاسية دفع التونسيين الى اختيار من هو الأقل سوءًا، فمن اختاره التونسيون في سنة 2014 لم يكن اختياره اختيارًا حرًا للشخص الامثل وانما كان لاختيار الشخص الاقل سوءًا. واعتقد ان التونسيين أمام الكم الهائل من الكفاءات الموجودة لا بد من ان تفتح لهم الفرصة لاختيار الأفضل وليس الأقل سوءًا. ولذلك كان واجبًا علي بما أني تونسي ووليد وامتداد لهذه المدرسة التونسية -اي مدرسة الجمهورية التي اسسها الزعيم الحبيب بورقيبة - أن أكون موجودًا في هذا الرهان وأن أطرح نفسي ضمن جملة من الاخوة والاخوات الموجودين في هذا الرهان.
- ما هي أولوياتكم في المرحلة القادمة خاصة فيما يتعلق بسياسات تونس الخارجية في خضم الوضع الراهن الذي تعيشه المنطقة؟
هناك فهم مضيّق لاختصاصات رئيس الجمهورية باعتبارها تتركز على السياسات الخارجية والدفاع، ولكن اعتقد أن هذا الفهم لصلاحيات الرئيس لا يتوافق مع روح الدستور التونسي الذي يعرف في فصله 72 رئيس الجمهورية بأنه رئيس الدولة ورمز وحدتها وضامن لاستقلاليتها واستمراريتها وضامن لتطبيق الدستور. وبما أن الدستور في فصوله ينص أيضًا على حقوق اقتصادية واجتماعية للشعب التونسي فكيف لرئيس الجمهورية أن يتغاضى عن هذه الحقوق وأن لا يكون في عهدته تنفيذ السياسات المستوجبة لتحقيق هذه الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية. لذلك اقترحت مقاربة أخرى لرئيس الجمهورية أوسع من دوره في الدبلوماسية والدفاع الوطني.
لكن فيما يخص نظرتي لدور تونس الدولي، فلا أتصور أن تونس بإمكانها أن تلعب دورًا على المستوى الدولي والحال على ما هو عليه يعني دورًا فاعلًا وحقيقيًّا لأنه لا بد من ترميم المشهد الداخلي والحالة الداخلية.
تونس اليوم بلد يقع تحت وصاية صندوق النقد الدولي ووصاية دول غربية، وتستباح ثرواته بدعوى أن هناك اتفاقيات ومعاهدات دولية موقعة. فلا بد لتونس من أن تكسب سيادتها وتستعيدها أولا وترمم وضعها الاجتماعي والاقتصادي وتوفر موارد كافية لجيشها الوطني ودفاعها وآلياتها الداخلية وتبني وحدتها المجتمعية التي طالها الانقسام جراء صراعات ايديولوجية وغيرها من الصراعات الجانبية وبعد ذلك أن تتوجه للمشهد الخارجي.
ورغم ذلك انا من الذين يميلون الى أن تظل تونس تلعب أدوارًا حيادية لأنه ليس من مصلحتنا أن ننحاز الى أي شق أو حلف لأننا سنصبح مرتهنين له بدافع وضعنا وحجمنا. ولا بد من أن نلعب أدوارًا تتماشى مع أن تكون الاولوية الدبلوماسية التونسية هي مصالحنا الداخلية قبل كل شيء.
- هناك في تونس تركة ثقيلة من الصراعات الايديولوجية والسياسية طوال الأعوام الماضية، فلو توفقتم في الانتخابات، ما رؤيتكم من أجل ترميم الوضع واصلاحه؟
لا بد من طرح جميع الملفات العالقة، فهناك ملفات أمنية عالقة تهم الأمن الداخلي ولم تجرِ معالجتها بجدية وبالشفافية المطلوبة. ومنها ما يتعلق بملف الاغتيالات كاغتيال المرحوم البراهمي وكذلك الملف السري لحركة النهضة وكلها ملفات تستوجب أن يطرحها رئيس الجمهورية أمام التونسيين برمتهم ويطلع التونسيين عليها. واذا ما ثبت تورط جهات داخلة بذلك، فتنال ما تستحقه من عقاب واذا ثبت انها بريئة يكون اطلاع الرأي العام حتى لا تستمر هذه المشاحنات والرجم بالنوايا والتهم التي لا فائدة منها سوى تأجيج المشاحنات والمصادمات بين التونسيين وشق صفوف الوحدة الوطنية.
- من أبرز التحديات التي تواجهها تونس هو تحدي الارهاب والوضع الأمني، فما رؤيتكم له؟
الوضع الأمني كان يمكن أن يكون أكثر قتامة لو لم تكن لدينا قوات الامن الداخلي والجيش الوطني وما هي عليه من استعداد للفداء والتضحية رغم قلة الامكانيات. لذلك وجب أول الأمر أن تكون هناك سياسات اقتصادية ناجعة تقطع مع المنوال الاقتصادي الحالي وتمكن من تحقيق ارادات وعائدات لإصلاح الوضع وتمكين قوات الأمن من المعدات اللازمة لمجابهة الخطر الارهابي. لكن التعاطي الأمني لا يكفي وحده للتصدي لخطر الارهاب، اذ لا بد أن تكون الى جانبه استراتيجية اقتصادية اجتماعية لامتصاص البطالة وانسداد الأفق أمام الشباب، وهي من الأسباب التي تدفعه دفعًا لأن يحمل في نفسه ضغينة للمجتمع وحقدًا عليه، وأن يكون بالتالي أرضية خصبة يمكن استقطابه من خلال الجماعات الارهابية والظلامية. فالعمل بالتوازي هو أمني تنموي.
- ما هي مقاربتكم للقضية الفلسطينية في ظل محاولات فرض صفقة القرن؟
رغم دعوتي الى أن تلعب تونس دورًا حياديًا في المسائل الخارجية، الا أنه لا حياد مع القضية الفلسطينية. فالقضية الفلسطينية هي بالنسبة لنا قضية جوهرية ومحورية وتونسية بالأساس وتبناها الشعب التونسي منذ عقود. ورغم يقيننا اننا لا يمكن في ظل أوضاعنا الحالية أن نلعب أدوارًا هامة، لكن ما يمكن أن نقوم به هو أن لا ننخرط في مواقف أو أحلاف يمكن أن تضعف الموقف الفلسطيني. ولا بد أن نفتح الأبواب أمام الفلسطينيين ونرفع أي قيود أثناء تنقلهم وزيارتهم لتونس وانا من الذين يدعون لأن تلغى التأشيرة للفلسطينيين القادمين الى تونس.