خاص العهد
شحّ الدولار يمسّ أصحاب محلات الهواتف جنوبًا: الحل أو التصعيد
سامر الحاج علي
لم يكد ينتهي تحرك الأحد المطلبي في بيروت وعلى طرقات عدد من المناطق اللبنانية حتى لاحت دعوات من قبل أصحاب محلات بيع الهواتف الخلوية وتوابعها في الجنوب لملاقاة تجمع أصحاب محال الخلوي في لبنان في دعوتهم التي أطلقوها خلال الأيام الأخيرة للامتناع عن بيع أي من منتوجات الهواتف النقالة احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في الأسواق.
تحرك أصحاب المحال في الجنوب بدأ تحذيريًا الإثنين وبشكل جزئي، فلم يتوقفوا عن بيع الهواتف وتوابعها بقدر ما التزموا بشكل كامل بعدم بيع بطاقات التشريج المدفوعة مسبقاً في عشرات المدن والقرى في الأقضية الجنوبية، ليطلقوا صرخة وإن لم تظهر نتائجها مباشرة خلال الساعات والأيام القادمة إلا أنها لن تكون أخف وقعاً من صرخة أصحاب محطات الوقود وشركات توزيع المشتقات النفطية الذين أعلنوا ولساعات الأسبوع الماضي عن التوقف عن توزيع المحروقات، ما حرّك رئيس الحكومة الذي طلب من حاكم مصرف لبنان إيجاد حل سريع يقي البلد شللاً هو بالغنى عنه في الظروف الراهنة. فكيف إذا كنا نتحدث عن وسيلة اتصال أصبحت من أساسيات الحياة اليومية للمواطنين ووسيلة لتيسير أعمالهم وأمورهم المعيشية في كثير من الأحوال، حسب تعبير صاحب أحد المحال التجارية في مدينة صيدا.
عضو لجنة المتابعة للتحرك في الجنوب يوسف بحر يشرح لموقع "العهد" بعضًا من حيثيات الموقف الذي يمر به أصحاب محال الخلوي في الجنوب، فيشير إلى أن شركتي "ألفا" و"تاتش" المشغلتين لقطاع الخلوي في لبنان تضخان إلى السوق المحلي بطاقات التشريج المدفوعة مسبقًا بالدولار وعبر وكلاء بنسبة أرباح تتراوح بين الثلاثة والأربعة بالمئة بدل بيع كل بطاقة، فيقوم هؤلاء بدورهم ببيع الموزعين وأصحاب المحال بالدولار أيضًا ولكن بنسبة ربح لا تتعدى 0.5 بالمئة في أفضل الأحوال.
يضيف بحر "نشتري بطاقات التشريج بسعر صرف الدولار الأمريكي في السوق ولدى الصرافين ونبيعها بالليرة اللبنانية، ومجرد الاطلاع ومراقبة سعر الصرف الذي وصل إلى 1620 ليرة عن كل دولار أمريكي يمكن أن يبيّن حجم الخسارة التي تقع علينا دون أن يراعي أي من الشركات أو الوكلاء أحوالنا وأوضاعنا، فلماذا نستمر في البيع ونحن نعلم أن لا قدرة للمواطنين على تحمل أعباء إضافية كرفع أسعار هذه البطاقات مثلاً؟
ويعتبر بحر أن لا ذنب لهم في أن يقعوا بمزيد من الخسائر نتيجة لعدم قدرة الدولة والإدارات المعنية على ضبط سعر صرف الدولار في السوق السوداء ولدى الصرافين، ولا ذنب في الوقت نفسه للمواطن الذي قد يتعثر في تحقيق قوت يومه ليدفع قيمة الفوارق بين أسعار الصرف عند شرائه لبطاقات التشريج أو أي من المنتوجات الاستهلاكية التي يحتاجها.
وفي سياق حديثه، يكشف بحر أنه في السابق كان أصحاب المحال يتوجهون كبقية المواطنين إلى أي من فروع الشركتين المشغلتين لقطاع الخلوي في لبنان، ويشترون 15 بطاقة تشريج كحد أقصى في اليوم، ولكن الأمر تبدل خلال الفترة الأخيرة ليصبح الحد الأقصى لبيع أي مواطن في الشركة هو 3 بطاقات لا أكثر، معتبراً أن ذلك ليس صدفة بل تقوم به الشركات خدمة للوكلاء وكسباً لرضاهم.
كلام بحر يلاقيه خليل حسين وهو صاحب أحد المحال في مدينة صور: ندفع 39 ألفاً و 624 ليرة لبنانية بدل سعر بطاقة التشريج عند الوكلاء في الوقت الذي حددت وزارة الإقتصاد سعرها الرسمي بتسعة وثلاثين ألف ليرة لبنانية وحذرت من أي زيادة على هذا السعر، والأكثر من ذلك أنها بدأت بتنظيم جولات تحرٍّ وتقصٍّ في الأسواق وتسطير محاضر ضبط بمن يخالف قرارها. حسنا، ولكن لماذا لا تقوم بالخطوة نفسها على صعيد مراقبة أسعار بقية السلع ومن ضمنها سعر صرف الدولار الامريكي في السوق المحلي؟
ثم يطرح حسين عدة تساؤلات تشكل بعضاً من لب المشكلة الأساسية التي يعاني منها المواطن، بما أننا نعيش في وطن يعتمد الليرة اللبنانية كعملة وطنية، لماذا يُسمح بالتعامل بالدولار في التجارة الداخلية؟ ولماذا في هذا السياق لا يبيعنا الوكلاء بطاقات التشريج بالليرة بدلاً من الدولار؟
بين بحر وحسين المئات من أصحاب المحال في الجنوب الذين أطلقوا أولى صرخات الوجع الذي ربما يدفعهم إلى إجراءات تصعيدية، قيل في مكان إنها قد تُترجم بتحركات أمام فروع "ألفا" و"تاتش"، قد تكون لعبة الشارع هي البديل عن إقفال المحال وقطع الأرزاق.