خاص العهد
"العهد": قصة كاميرا العدو السّامّة في الناقورة
سامر الحاج علي
لم تعد الطريق نحو استباحة السيادة اللبنانية سهلة أمام العدو الإسرائيلي الذي لم يوفر في السابق أي وسيلة أو طريقة لانتهاك القرارات الدولية انطلاقاً من اختراق الحدود البرية والبحرية والأجواء اللبنانية، وآخر هذه الأساليب كاميرات التجسس التي يزرعها في العديد من النقاط الحدودية ومنها تلك التي ثبتتها قوة صهيونية معادية بالقرب من نقطة الاعتلام الحدودية (B1) عند رأس الناقورة منذ أيام.
خطوة العدو ووفق ما يظهر من مكان زرع الكاميرا عند منفذ تهوئة في بوابة ما يعرف بنفق القطار القديم والتي كان العدو قد أقفلها بجدار اسمنتي منذ زمن طويل، تهدف ربما إلى رصد المنطقة المقابلة للحدود والممتدة على بعد كيلومترات من رأس الناقورة باتجاه مركز قيادة القوات الدولية أو أبعد من ذلك، وعلى امتداد هذه المساحة وما فيها على البحر وفي اليابسة من نقاط حدودية بحرية أو بقع عسكرية تنتشر فيها نقاط للجيش اللبناني ومركز للأمن العام وآخر للقوة الإيطالية العاملة ضمن قوات اليونيفيل في القطاع الغربي من الجنوب مع كل التحركات من وإلى هذه المراكز أو في المنطقة بأكملها.
وتأتي هذه الكاميرا التي اعتقد العدو أنها ستدوم طويلاً بالتوازي مع الرصد المتواصل الذي تقوم به طائرات الاستطلاع بمختلف أشكالها وأنواعها للأراضي اللبنانية خاصة تلك المنطقة من الجنوب والمتَابعة أيضاً من قبل الزوارق الحربية التي تكاد لا تبتعد عن خط الطفافات البحرية حتى تعود ثانية لاستكمال أعمال التمشيط ناهيك عن الرادارين البحري والجوي اللذين ثبتهما العدو عند عمود مرتفع في موقع رأس الناقورة منذ مدة، وهو عمود مجهز بغرفة اتصالات تقوم بالعديد من الادوار العسكرية والمعادية في آن واحد. كل هذا يدل على الرعب الذي يسكن كيان العدو من تعاظم قدرات المقاومة، رعب تُرجم على أرض الواقع إخلاءً لمنطقة بأكملها ومنها هذه النقاط بالتحديد منذ أسابيع عقب تهديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ولحين تنفيذ عملية أفيفيم.
وبالعودة إلى قضية الكاميرا ووفق معلومات خاصة لموقع "العهد" الاخباري، فإنه في صبيحة السادس والعشرين من أيلول -أي قبل أيام- قرر العدو الإسرائيلي تثبيت كاميرا تجسس عند المنفذ الأيسر من جدار مدخل نفق القطار القديم والذي يعبر الأراضي اللبنانية باتجاه فلسطين المحتلة وهي نقطة متحفظ عليها لبنانياً وحاول العدو بشتى الطرق أن يضمها لداخل الخط الأزرق من جهة فلسطين المحتلة ليكمل بناء الجدار الإسمنتي فوقها ما يضيف إليه مساحات شاسعة من الحدود البحرية المتوقع البدء بترسيمها خلال الفترة القادمة، فأرسل قوة عسكرية إلى داخل النفق وزرعها في الوقت الذي كان جنود الجيش اللبناني يرصدون فيه ما يحدث هناك.
وبعد انتهاء العدو من تثبيت الكاميرا، تشير معلومات موقع "العهد" الاخباري إلى أن جنوداً من الجيش اللبناني وصلوا إلى المكان الذي زرعت فيه وشرعوا بقطع مدى الرؤية الخاص بها من خلال محاولة تثبيت عازل خشبي أمامها، ومع مباشرتهم بالعمل انطلق من أنبوب مثبت بجانب الكاميرا مادة غبارية جافة تسببت بحالات إغماء وإعياء في صفوف العسكريين ليتبين لاحقاً أنها كانت مادة سامة يستخدمها العدو للتسبب بالضرر لمن يحاول الوصول إلى الكاميرات التي ثبتها، وتضيف المعلومات "إنها المرة الأولى التي يستخدم فيها العدو مواد سامة متصلة بكاميرات يزرعها، وهو بهذا الأسلوب يظهر مزيداً من عدوانيته التي تتخطى كل حدود".
كل ما جرى كان في ظل غياب أي تحرك جاد لقوات اليونيفيل التي من المفترض أنها تحمي القرار الدولي 1701 الذي خرقته "اسرائيل" بشكل واضح في هذه الحالة، واكتفت - لغاية هذه اللحظة - بأنها نقلت رسالة من الجيش اللبناني إلى قيادة العدو تبلغهم فيها أن الجيش مصر على معالجة وضع الكاميرا مهما كلف الأمر، ومع هذه الجدية في التعاطي مع حماية السيادة اللبنانية من قبل الجيش اللبناني اضطر العدو مرغماً لأن يعيد إرسال قوة عسكرية إلى المكان الذي زرع فيه الكاميرا لتفكيكها ونقلها إلى حيث أتى بها، فيسجل لبنان بذلك انجازاً تجلّى بحماية سيادته من عملية تجسس كان قد باشر بها العدو الإسرائيلي عند إحدى النقاط الإستراتيجية في الجنوب، والتي يقيم العدو في محيطها مجموعة من الثكنات والمواقع على رأسها موقع جل العلم المتخصص بالحرب الإلكترونية والمجهز بأهم تقنياتها وأجهزتها المتطورة إلى جانب وسائل التجسس والتنصت، وعدد من الثكنات والمواقع التي تتمركز فيها سرايا مشاة ومدرعات واختصاصات عسكرية أخرى تعمل ضمن ما بسمى بفرقة الجليل في جيش العدو الإسرائيلي، إضافة إلى منتجعات سياحية هامة وعشرات المستوطنات والتجمعات الصهيونية.