معركة أولي البأس

خاص العهد

المصارف في لبنان
09/10/2019

المصارف في لبنان "تتنفّس" أرباحاً

فاطمة سلامة

يُعاني البلد من أزمات اقتصادية شديدة التعقيد. يُقال إنّ كل شيء في البلد متوقّف، بانتظار "انفراجة" ما. ويُقال أيضاً إنّه ورغم كل هذا الركود، لا يتوقف عداد أرباح المصارف عن السير بشكل تصاعدي. من يقول ذلك يُبدي عتباً شديداً على ما يصفه بـ"كارتيل" المصارف التي تأخذ باليد اليمنى، وتشُد اليُسرى. ما المطلوب منها؟، لم يعد مطلوب منها شيء، يجيب أحد الخبراء "الممتعضين" من الآلية التي تعاطت بها المصارف مع الدولة على مدى عقود. برأيه، فات الأوان، يُكرّر كلمته "too late". العتب الأكبر يبديه على سياسة البنك المركزي. الأخير "مُغرم" بالفوائد، وهو من عوّم المصارف وأعطاها كل هذا المجد، حتى جنت الأرباح، وبخلت على الدولة، رافضةً المساهمة في الانقاذ عبر الاكتتاب بسندات خزينة بفائدة منخفضة. يتحدّثون عن أرقام "صادمة" لجهة الأرباح، فبعض المصارف حقّقت ربحاً تخطى عتبة المليون دولار يومياً. وهو الأمر الذي حدا بالبعض الى إجراء مقارنة بين أرباح المصارف في لبنان، وتلك الموجودة في دول العالم، ليتبيّن الفارق بين مصارف تجني أرباحها من الاقتصاد، وأخرى "تنهب" مالية الدولة. 

الخبير الاقتصادي غالب بو مصلح يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن واقع المصارف في لبنان، فيُشير الى أنّ أرباح المصارف في هذا البلد تسير عكس التيار في العالم. كيف ذلك؟. يُجيب المتحدّث بالاشارة الى أنّه وفي الوقت الذي يمر فيه العالم بأزمة اقتصادية، تنخفض أرباح المصارف، إلا في لبنان، تزداد الأرباح ربحاً. والسبب ـ برأي بو مصلح ـ يعود الى أنّ أرباح المصارف في لبنان تسير عكس الآلية المتعارف عليها في كل دول العالم. المنطق يقول إنّ الأرباح تتأثر بالنشاط الاقتصادي المنتج على قاعدة أنّ المصرف يشكّل وسيطاً بين المدخّر والموظّف. وبالتالي عندما ترتفع الأموال المدّخرة، ترتفع الأموال الموظّفة وبالتالي حكماً ترتفع الأرباح. أما في لبنان، ففي الوقت الذي ينهار فيه الاقتصاد ومؤسساته من صناعة وزراعة وغيرها، كانت أرباح المصارف ترتفع لأنها تتأتى ـ وفق بو مصلح ـ من "سرقة" المال العام والخاص عبر سندات الخزينة والهندسات المالية التي يجريها مصرف لبنان. 

كما تجني المصارف في لبنان أرباحاً طائلة ـ بحسب الخبير الاقتصادي ـ جراء الهوة الكبيرة بين الفوائد الدائنة والمدينة. تلك الهوة التي لا تتجاوز الواحد والواحد ونصف في المئة بكل دول العالم، تلامس في لبنان حد السبعة والثمانية في المئة، مسجّلة فوائد فاحشة جداً. حتى أنّ الفوائد تختلف وفي نفس المصرف بين مقترض وآخر. كبار المقترضين يدفعون فوائد مخفّضة للمصارف، بينما يدفع صغار المقترضين فوائد فاحشة، ما يزيد أرباحهم تلقائياً. كما أنّ الفوائد على الاقراض بالدولار كانت تتراوح بين 7 و15 بالمئة وهي فوائد عالية راكمت أرباح البنوك التي مارست غشاً حيال القطاعين العام والخاص. 

ويُشير بو مصلح الى التجاوزات التي مارسها البنك المركزي والتي راكمت ثروة المصارف. على سبيل المثال، إلغاء البنك المركزي بند الأرباح والخسائر في حساباته، وهذا أمر مخالف للقانون حُوّلت بموجبه أرباح المصرف المركزي الى المصارف عبر آليات ودائع المصارف، وما زالت تحول هذه الارباح الى المصارف، إذ يدفع المصرف المركزي فوائد على الودائع تصل حد العشرة بالمئة، في الوقت الذي تنخفض فيه الفوائد على الودائع في دول العالم الكبرى لتصبح سلبية. ففي المانيا واليابان إذا أرادت المصارف وضع ودائع لها في البنك المركزي تكون الفائدة ـ1 % أو ـ 2 % وهكذا دواليك. 

كما يستغرب بو مصلح تجاوز البنك المركزي للقانون الذي ينص على أنّ 80 بالمئة من أرباحه يجب أن تذهب الى وزارة المالية. فمثلاً لو ربح المصرف المركزي 4 مليارات دولار، يجب أن يُحوّل الى الخزينة 3 مليارات و200 مليون دولار. ما يجري اليوم هو أنّ الأرباح تحوّل الى المصارف، وهذا مخالف للقانون، يختم بو مصلح.

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل