خاص العهد
فيتو الحريري وتوزير الطائفتين العلوية والسريانية
فاطمة سلامة
يكاد لا يمر يوم في لبنان بلا الحديث عن تشكيل الحكومة. الأخيرة باتت طبقاً يومياً وملفاً أساسياً في حديث الصالونات. فلو أحصينا ورود كلمة "تشكيل الحكومة" في الإعلام وعلى ألسنة السياسيين، لوجدناها الأولى. لكن وللأسف فإنّ الواقع ينطبق معه المثل القائل "ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج". الجميع يعي أين تكمن المشكلة، والجميع يعي جوهر الحل. حل المسألة أبسط بكثير من أن تُعلّق الحكومة على حبل الانتظار ومضيعة الوقت. إلا أنه وللأسف فالبعض لا يزال يدور حول حلقة مفرغة، وبدلا من أن تتقدّم الأمور الى الأمام تسير الى الوراء، وكأنّ "الفرملة" باتت قدراً محتوماً لهذه الحكومة التي ينتظرها ما ينتظرها من الملفات العالقة.
ولا يُنكر أحد أنّ فشل التأليف، يُقابله حراك يقوده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. حراك تُطرح في صدده العديد من الأفكار، من بينها اقتراح توسعة الحكومة الى 32 وزيرا، الأمر الذي سبق وأن سوّقه وزير الخارجية جبران باسيل أمام الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي رفضه بالمطلق. اليوم، يعود الحديث عن هذا الاقتراح وكأنّه لم يسقط، على اعتبار أنّه الحل الأنسب للخروج من دوامة التعطيل الحكومي وفق ما تلفت مصادر مطلعة لموقع "العهد" الإخباري. وتعزو المصادر أفضلية هذه الصيغة للأسباب التالية:
- هذه الصيغة تضمن أن لا يتنازل أحد عن حصّته
- يحصل بموجبها تكتل "لبنان القوي" على الثلث المعطّل
- تضمن تمثيل اللقاء التشاوري بلا منة من أحد
- تضمن تمثيل الطائفتين العلوية والسريانية في الحكومة
النقطة الأخيرة لطالما كانت مثار جدل في الساحة السياسية منذ سنوات. الطائفتان تُصران على حقهما في التمثيل أسوةً بأي طائفة أخرى. بالنسبة اليهما لا يجوز الاستمرار بسياسة التهميش. وفي هذا الصدد، يُعلّق رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام على سياسة الإقصاء، بالإشارة الى أنّ شعور أي مواطن لبناني بأنه غير متساو في الكرامة الوطنية يشكل إهانة للمواطنة والمساواة ولمعنى النظام أصلاً. يُشدد المتحدّث على أننا أمام واقع مرير جداً، فعندما يمر النظام السياسي منذ الاستقلال وحتى اليوم دون أي تمثيل وزاري للسريان، وعندما يتشبث البعض بعدم تمثيل طائفة معينة لذرائع واهية من قبيل الشك بولائها فهذا كلام خطير، ويمس جوهر الكيان اللبناني.
وفيما يشير الى أننا لسنا أقليات بتوقيع التاريخ، وسُمينا زوراً بذلك، يتمنى افرام أن يتم التعالي عن الزواريب اللبنانية، فالقضية أبعد من موقع ووزير. يستغرب المتحدّث التصرف بهذه العقلية أمام كل هذا التكفير والإلغاء الحاصل في المنطقة، وفي ظل الهجمة لاقتلاعنا بسوريا، بينما المطلوب أن يعطي لبنان إشارة طيبة عنه عبر الحفاظ على تنوعه ومكوناته، لا أن يتعامل معنا على أننا مواطنون من درجة أخيرة. ويضيف: لا يزايدن علينا أحد في المواطنة والوطنية، فالتاريخ يشهد على عطاءاتنا.
وفي جديث لموقع "العهد" الإخباري، يُشدد رئيس الرابطة السريانية على أنّ الجميع متساوون في الوطن، ولا يجوز تهميش أحد، معولاً على حكمة رئيس الجمهورية لأنه الضمانة والشريك في هذا الوطن. يؤكد افرام أننا نضع الملف في عهدة الرئيس عون ونتمنى أن ينال الخاتمة الجيدة بعيداً عن الزواريب الضيقة، فنحن لا نريد خلافاً مع أي طائفة أخرى، والحل برأيي في الذهاب الى دولة مدنية. ويختم افرام حديثه بالقول " إذا استمر هذا النظام بممارسة النظرة الدونية اتجاهنا فليذهب الى الجحيم".
من جهته، الأستاذ أحمد عمران مرشح الانتخابات النيابية لعام 2018 عن الطائفة العلوية، يعلّق على الأمر بالإشارة الى أنّنا من نسيج هذا الوطن، ولا يجوز استبعادنا لأي سبب كان، فعددنا يتراوح بين 90 ومئة ألف لبناني. يُشدّد في حديث لموقع "العهد الإخباري" على أنّ الطائفة العلوية تشعر بشيء من التهميش جراء عدم إشراكها في مجلس الوزراء، لافتاً الى أنّ قضية الوزير العلوي طُرحت سابقاً في عهد الرئيس الراحل رفيق الحريري، إلا أنها لم يُكتب لها النجاح لأسباب طائفية.
يؤكّد عمران الذي ترشّح على لائحة "الكرامة الوطنية" وحاز 2894 صوتاً وهي النسبة الأعلى بين المرشحين العلويين، يؤكّد أنّ الطائفة العلوية تُشكّل طائفة من الطوائف الجامعة في لبنان، وهذا شعور أي مسلم علوي، ولهذه الطائفة امتدادات في الكثير من الأجهزة الأمنية إلا أنه وللأسف فإنّ الطائفية متجذرة في لبنان، وتحول دون إرساء عدالة التمثيل.