خاص العهد
تونس تقترب من استحقاقات حاسمة
تونس - روعة قاسم
اقترب التونسيون من الموعد السياسي الحاسم أي الإنتخابات الرئاسية والنيابية لسنة 2019 في وقت تشهد فيه البلاد احتجاجات اجتماعية جعلت الناس ينظرون بعين الشفقة لمن سيتربع على عرش قرطاج (مقر رئاسة الجمهورية) ومن سيرابطون بقبة قصر باردو (مقر البرلمان). الوضعان الإقتصادي والإجتماعي كارثيان بكل المقاييس ولا يمكن للفائز في الإنتخابات القادمة أن يجد منفرداً الحلول السحرية لإنقاذ البلاد التي أرهقت خبراء الإقتصاد بالنظر إلى ما يتوافر بها من ثروات هامة وعدد سكان محدود ما يجعل لديها القدرة على الإقلاع الإقتصادي لكن ذلك لا يحصل.
ويتوقع الخبراء والمحللون أن يبرز في الإنتخابات القادمة حزب دستوري جديد يحدث بعض التوازن في الحياة السياسية بعد أفول نجم حركة "نداء تونس" التي رفعت شعارات "التيار الدستوري التونسي" والبورقيبية (نسبة إلى الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة مؤسس الحزب الحر الدستوري الجديد). فالنداء ارتبط بمؤسسه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ويبدو أنه سيتراجع بخروج الأخير من قصر قرطاج وربما من الحياة السياسية بعد أن حقق التوازن المنشود في المشهد السياسي.
مرشح توافقي
ومن الأحزاب الدستورية التي من المتوقع أن يكون لها شأن في الإنتخابات القادمة حزب المبادرة الذي يترأسه وزير الخارجية الأسبق ووزير الإصلاح الإداري في الحكومة الحالية كمال مرجان. فهذا الحزب فاز في انتخابات 2011 المتعلقة بالمجلس التأسيسي بعدد معتبر من المقاعد رغم شيطنة الدساترة في ذلك الوقت ولولا بروز "نداء تونس" لحقق نتائج هامة في انتخابات 2014 لكن النداء افتكّ منه قواعده وأنصاره.
ولعل ما يجعل حزب المبادرة مرشحا بقوة للبروز في الإنتخابات القادمة هو نزوعه إلى التوافق مع كل الأطياف السياسية بما في ذلك حركة النهضة بعدما عبر رئيسه ونائب الرئيس في أكثر من مناسبة على أنهما مع التوافق من أجل إنقاذ تونس وأن عصر الصدام بين الدساترة وحركة النهضة قد ولى وانقضى. ويطرح كمال مرجان نفسه اليوم مرشحا رئيسيا توافقيا بقبول غالبية الأطياف السياسية كحل وسط باعتباره ديبلوماسيا محنكا عمل في فض النزاعات لثلاثة عقود ضمن منظمة الأمم المتحدة، كما أنه نال سابقا حقيبتي الدفاع والخارجية وهو اليوم وزير للإصلاح الإداري.
حظوظ وافرة
يرى الناشط السياسي الدستوري باديس الكوباكجي في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن حظوظ حزب المبادرة وافرة لاحتلال مرتبة هامة في الإنتخابات القادمة وخاصة أن الحزب لديه مرشح رئاسي له وزنه محلياً وخارجياً. لكن الساحة السياسية الدستورية تغيرت من 2011 إلى اليوم، بحسب الكوباكجي، حيث برزت أحزاب جديدة على غرار حركة "نداء تونس" و"الحزب الدستوري الحر" و"حركة مشروع تونس" وغيرها، والكل يسعى إلى كسب ود القواعد الدستورية باعتبارها المعين الذي لا ينضب.
ويضيف محدثنا قائلا: "فحتى حركة النهضة تسعى لاستقطاب أبناء التيار الدستوري أو الدساترة كما يسمون في تونس لأنهم خاضعون لتكوين سياسي هام في السابق وجاهزون للعمل السياسي دون عناء. لذلك لن يجد حزب المبادرة الأرضية الخصبة التي ساعدته على البروز في 2011 باعتبار وأن صوت الناخب الدستوري سيتشتت بين هذه الأحزاب. بالمقابل فإن حظوظ كمال مرجان رئيس الحزب لينال إحدى الرئاسات الثلاثة تبدو وافرة إذا لم يترشح أحد الشيخين (الباجي والغنوشي) أو كلاهما".